اخبار الساعة - متابعة
نشر موقع صحيفة "حرييت" التركية وثائق تحدثت عن اعترافات أحد أهم ضباط الانقلاب، لفنت توركان، الذي عبر عن ندمه بعد اكتشاف حقيقة فتح الله غولن. كما كشفت الوثائق عن حيثيات هامة سبقت محاولة الانقلاب الفاشلة، والعديد من المؤامرات التي كانت تحاك من قبل داخل المؤسسة العسكرية التركية.
وفي الوثائق التي ترجمتها "عربي21"، أكد توركان، أحد مساعدي رئيس الأركان، أنه كان على علاقة بجماعة فتح الله غولن منذ أن كان في المدرسة الإعدادية. وكان ذلك بعد لقائه باثنين من مرشدي الجماعة في مدرسته.
وأشارت الوثائق إلى أنه عندما عرفت الجماعة بحلم توركان بالالتحاق بالثانوية العسكرية عام 1989، عرضوا عليه خدماتهم مقابل الالتحاق بهذه الجماعة. وتتمثل الخدمة التي قدمها بعض العناصر إلى توركان في ذلك الوقت، في فسح المجال أمام تحقيق طموحه وتسهيل عملية التحاقه بالثانوية العسكرية. وفي مرحلة متقدمة، تمكن توركان من الاطلاع على أسئلة الاختبار مسبقا، كغيره من الطلبة التابعين لهذه الجماعة.
وأورد توركان أنه بعد نجاحه في الاختبار، استمر ارتباطه بالجماعة طيلة فترة دراسته الثانوية. كما كان يحضر اجتماعات ولقاءات الجماعة، وكان يتابعه مشرفون، أحدهما سردار والآخر موسى. وفي هذه المرحلة، لم يكلف بأية مهمة، سوى التزام السرية.
ونقلت الوثائق عن توركان أنه بعد تخرجه من الثانوية في 1993، تمكن من الالتحاق بالكلية الحربية دون المرور بامتحان القبول. وبعد هذه المرحلة، عمل في عدة مدن، وتواصل ارتباطه بالجماعة. كما أكد أنه كان يشرف على عمله خريجو الجامعة، ولم يكن يحق له السؤال عن عملهم أو أي جانب يخصهم.
وفي الحديث عن شخصية فتح الله غولن، أشار توركان إلى أن "المتهم بالوقوف وراء الانقلاب كان يوهمه، كغيره من أفراد الجماعة، بأنه يعمل فقط من أجل إرضاء الله، وكان يبدو ذا شخصية ربانية. كما استمر على هذه الحالة حتى عشية الانقلاب".
وأورد توركان أنه عندما أصبح ضابطا في الأركان العامة، قامت الجماعة بتكليفه بمهام، منها التجسس على نجدت أوزال. وتتمثل مهمته أساسا في وضع جهاز صغير، بمقدار الإصبع، في غرفة رئيس الأركان للتجسس، وكان يأخذه في المساء. كما كان يسلم المعلومات التي جمعها نهاية الأسبوع إلى مشرفه، ويسترد الجهاز فارغا مرة أخرى.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن توركان أكد أنه لم يكن يستمع لما يسجله أبداً؛ لأنه لم تكن لديه الأدوات التي تمكنه من نقل المعلومات من الذاكرة. كما أنه كان على علم بمواعيد تفتيش غرفة رئيس الأركان مسبقا، ولا يضع الجهاز في هذه الأيام. وبالإضافة إلى ذلك، لم يلاق طوال هذه المدة أية مشكلة وكان يقوم بتنفيذ ما يؤمر به حرفياً.
وفي الحديث حول يوم الانقلاب، بيّن توركان أنه تلقى أوامر باحتجاز الرئيس الثاني للأركان الجنرال يشار غولار.
ويرجح توركان بأن "قيادة الجماعة كانت تنتظر ما ستؤول إليه الأحداث في القوات الجوية".
ويواصل لفنت توركان اعترافاته ويقول إنه ترك مهمة تسجيل الأصوات عندما أصبح خلوصي أكار في هذا المنصب. كما تم إخباره بأنه لن يترك عملية التسجيل، ليكتشف فيما بعد بأنه تم تكليف شخصين آخرين يحمل كلاهما رتبة رقيب أول، أحدهما يدعى سرحت والآخر شنر، بهذه المهمة.
ويقول توركان بأنه علم بمحاولة الانقلاب يوم الأربعاء 14 تموز/ يوليو 2016، وأخبره العقيد الركن، أورهان يكيلكان، بأنه هو من خطط لعملية الانقلاب. كما أوكلت له مهمة عرقلة خلوصي أكار وتسهيل العملية.
وأخبره هذا يكليكان بأنه سيتم اعتقال رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس الأركان وقادة القوات العسكرية واحدا واحدا بهدوء، وأن العملية ستبدأ صبيحة 16 تموز/ يوليو 2016، الساعة الثالثة فجرا.
يقول لفنت توركان إن "يكليكان كلف عددا من الأشخاص المنتمين للجماعة بمهمة معينة، وهم سردار تكين، سرحت بخسا، ويسل توكمك، عبد الله أردوغان، وآخر اسمه شنر". وأفاد توركان بأن "الجميع قبلوا بالمهمة دون أي تردد".
كما كشفت هذه الوثائق عن تورط رئيس دائرة التحول الاستراتيجي في الجيش، الجنرال محمد ديشلي، في عملية الانقلاب ومشاركته فيها. وبالإضافة إلى ذلك، تحدثت الوثائق عن رفض خلوصي أكار لفكرة الانقلاب، الأمر الذي تبعه عدم اقتناع بقية قادة الجيش بهذه الفكرة، ما فتح الطريق أمام فشل الانقلاب.
كما نقل توركان أنه حين تم عرض فكرة المشاركة في الانقلاب على أكار، قال هذا الأخير مخاطبا جماعة غولن: "أنتم تقومون بعمل خاطئ".
وفي هذه الوثائق، أشار توركان إلى أنه تابع، برفقة جنود آخرين، عملية الانقلاب من التلفاز، كما أن المكان الذي كان يتواجد فيه لم يعرف أية اشتباكات". وقال إنه "عندما علم بأن هناك ضربا بالقذائف تضرر منها الشعب، بدأ يشعر بالذنب".
وأوضح توركان أن "ما حدث كان أشبه بجريمة حرب، حيث قامت الجماعة التي كنت أحسب أنها تعمل من أجل مرضاة الله، بفعل هذا كله. وفي صباح اليوم التالي اعترف الجميع بفشلهم وقرروا تسليم أنفسهم. كما طلب منا القيام بذلك. كما لم يبد الجميع أي مقاومة عند تسليم أنفسهم".
وواصل: "أنا نادم جداً. ليس لأنني شاركت في الانقلاب فحسب، وإنما لأنني أنتمي لجماعة فتح الله غولن. أنا متورط في العملية وأحمل جزءا من مسؤولية ما حدث".
مضيفا: "أنا لست خائنا للوطن ولا يمكن أن أرفع سلاحي على شرطي أو مدني. ولا يمكنني أن أرضى أو أجيز قتل الشرطة والمواطنين ضرباً بالنار وسحقاً بالدبابات وتفجيرا بالقنابل. أنا صادق في كل ما قلت، ولقد أدليت بكل ما أعرفه".