على الرغم من أصوات نيران الأسلحة الآلية، التي تهز العاصمة اليمنية تصطف السيارات مزينة بالأضواء والشرائط الحريرية، وكأنها تستعد لاحتفال في حكاية من حكايات الأطفال، إنه موسم حفلات الزفاف في اليمن .
وسط مجموعة من المتاجر المتخصصة في مستلزمات العرس يزين الأشقاء والأعمام يملؤهم الزهو، سيارات الزفاف، بينما ترتاد العرائس صالونات التجميل، والقاسم المشترك بينهم نوع من التفاؤل غير المتوقع في صنعاء حيث قتل أكثر من 1000 في واحدة من أكثر المراحل دموية خلال الاحتجاجات الشعبية ضد الرئيس الممتدة منذ ثمانية أشهر، يبدو اليمن متشرذماً بمرور الوقت .
يقول عبد الوهاب المنصور، وهو يزين سيارته البيضاء رباعية الدفع بالورود الحمراء قبل أن يرافق ابنة أخيه إلى زفافها: “نعم الوضع سيئ، لكن ماذا نفعل؟، حجزنا القاعة والموسيقا، هل نلغي الزفاف؟، كلا يجب إتمامه” .
وسعى عشرات الآلاف من المحتجين جاهدين إلى الإطاحة بالرئيس علي عبدالله صالح الذي يحكم اليمن منذ 33 عاماً، لكنهم لم ينجحوا، والآن يعيشون وسط معركة تثور وتخمد بين القوات الموالية له وقوات منشقة عليه مؤيدة للمعارضة .
لكن كل هذا يبدو وكأنه في عالم آخر، بالنسبة إلى منصور (50 عاماً)، يضع اللمسات الأخيرة على سيارته في حين تدوي أصوات إطلاق النيران، يقف منصور مع بعض الأصدقاء في هدوء وينظر قائلاً:”لا مشكلة، استرخوا” ويضحكون .
في هذا الشارع (كلية الشرطة) من صنعاء تنتشر صالونات تصفيف الشعر وتمتلئ المتاجر بالأثواب البيضاء، وتبيع متاجر أخرى الزينة لتغطية سيارة الأسرة بالكثير من الشرائط والزهور .
بالنسبة إلى كثيرين تخيم سحابة من الكآبة على المدينة التي يقسمها الكثير من حواجز الطرق ونقاط التفتيش، واضطر البعض للمكوث في منازله لعدة أيام بعد أن أصبح الشارع الذي يسكنون فيه منطقة حرب تطلق فيها القذائف الصاروخية وتندلع المعارك بالأسلحة النارية .
ويزين ناجي الساوري (23 عاما) سيارة بيضاء لشقيقتيه ويقول إنهما غير متحمستين للاحتفال بواحد من أسعد أيام حياتهما خلال واحد من أكثر الفصول قتامة في تاريخ البلاد .
بالنسبة إلى أصحاب المتاجر لا يبعث هذا على كثير من البهجة على الرغم من احتشاد بعض المجموعات في شارعهم، حين يحل الظلام يشغل البعض مولدات الكهرباء حتى تظل الأنوار مضاءة في مدينة باتت فيها الكهرباء شحيحة .
وفي واجهات محلات من هم أقل ثراء تتلألأ الأثواب على أضواء الشموع، يقول عمار الرفاعي (26 عاما): “هذا العام كان كارثة، خسرنا 60 في المئة من تجارتنا . بعض المتاجر المجاورة خسرت الكثير من المال ولا تستطيع سداد الإيجار” .
وأضاف :”الزبائن لا يخشون العنف بل يخشون خسارة مصدر رزقهم، الأغلبية تريد ادخار المال أو فقدت وظائفها” .