اخبار الساعة - صنعاء
مع اندلاع المواجهات العسكرية بين القوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح ممثلة في قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي من جهة والقوات المؤيدة للثورة ممثلة في الفرقة أولى مدرع من جهة أخرى تحولت شوارع قلب العاصمة صنعاء إلى خطوط نار ونقطة انطلاق لحروب متقطعة تقلق الآمنين.
شوارع "هايل والرقاص و16 و20 والرباط والزبيري وبغداد" المحيطة بـساحة التغيير التي كانت تنبض بالحياة ليل نهار تحولت إلى منطقة أشباح وأفرغت معظم المنازل من ساكنيها تحسبا لانفجار في أي لحظة.
وأعرب عدد من السكان عن خشيتهم من أن تصبح كل الشوارع والأزقة بالمنطقة مسرحا لعمليات عسكرية تستخدم فيها المدرّعات والعربات المصفّحة وصواريخ لو وآر بي جي وقذائف الهاون والأسلحة الرشّاشة خاصة في ظل انسداد الأفق السياسي لحل الأزمة اليمنية.
ورغم أن هذا المربع من العاصمة يمثل منطقة تجارية تعج بالوزارات والمحال التجارية ومراكز تعليم الحاسوب والمدارس الخاصة ومقار منظمات المجتمع المدني فإن اعتلاء القناصة بشكل مخيف أسطح البنايات العالية جعل مجرد السير هناك أمرا مكللا بالمخاطر الجمة.
الطفل أنس السعيدي (10 أشهر) كان بمعية أخته بسيارة والده حينما اخترقت رصاصة قناص الزجاج الخلفي لتستقر في رأسه الصغير وتقضي عليه حالا. أما الطفل محمد ظفران (8 سنوات) فلقي حتفه برصاص قناص أصاب رأسه.
ولم يستثن القناصة أحدا فأصابت رصاصاتهم طلاب الجامعات الأهلية الوافدين من بلاد عربية والمشردين، باختصار كل جسم متحرك –خاصة بفترة المساء– معرض للموت.
|
دمار أحدثته قذيفة بأحد المراكز التجارية (الجزيرة نت) |
جرائم حرب
ويشير الناشط الحقوقي عضو هيئة نقابة المحامين اليمنيين فيصل المجيدي إلى أن اعتلاء القناصة واستهداف المارة بشكل عشوائي مخالف لحق نص عليه الدستور اليمني ولا يجوز الانتقاص منه وهو "حق التنقل بحرية تامة".
وقال للجزيرة نت إن "هذا الحق منصوص عليه في كافة المواثيق المحلية والإقليمية والدولية فعندما تقوم هذه القوات بقطع الطرق والتضييق على معيشة الناس وانتقالهم حيث يحتاج سكان هذه المناطق إلى الكثير من الوقت لتأمين حاجياتهم فضلا عن حالة الرعب والهلع التي تصيب الأطفال والنساء جراء القصف العشوائي".
ووصف حالة سكان هذه المنطقة بـ"المزرية" حيث تبعث على الأسى وتثبت أن هذه السلطة تحولت إلى دولة بوليسية لا تكترث لأوضاع المواطنين المسؤولة عنهم بغض النظر عن شرعيتها.
كما انتقد المجيدي سقوط قذائف الهاون على الأحياء وعدها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، موضحا أن "مبدأ حق الحماية" منوط بالسلطة فإذا ما قامت هي بانتهاك هذا الحق وقصفت المواطنين هنا تحولت من سلطة حماية إلى سلطة قاتلة".
وكانت المواجهات المسلحة قد اشتدت عقب استخدام قوات الأمن القوة المفرطة ضد مسيرة سلمية جوار جامعة صنعاء القديمة وتدخلت قوات الفرقة أولى مدرع لحمايتهم فحصلت مناوشات تحولت على إثرها تلك الشوارع إلى ثكنات ومتاريس ترابية للطرفين حتى اللحظة.
|
المجيدي وصف حالة سكان مناطق الاشتباكات بالمزرية (الجزيرة نت) |
ويلفت رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث عبد السلام محمد في حديث للجزيرة نت إلى أن معظم الضحايا سقطوا برصاص قناصة وليس بسبب المواجهات العسكرية وهو ما يرفع مستوى الجريمة على اعتبار أن القتل يتم بحق مدنيين ليس لهم ذنب بالصراع الدائر.
وطالب نظام صالح بإيجاد حل فوري وجذري للمشكلة من خلال نقل السلطة سلميا كما نصت على ذلك المبادرة الخليجية.
خسائر جسيمة
ولم تقتصر لعبة الموت على المارة وإنما تجاوزتها إلى الأبراج السكنية والمراكز التجارية التي انهالت عليها قذائف الهاون والآر بي جي فتضررت المتاجر والعيادات الطبية والمختبرات ومكاتب المؤسسات التجارية بشكل متفاوت.
وأكد مدير عام غرفة تجارة وصناعة صنعاء محمد المهلا للجزيرة نت أن الكثير من الأنشطة التجارية توقفت تماما وأغلقت أبوابها ومني أصحابها بخسائر مالية جسيمة بسبب عدم قدرة الزبائن على الوصول إلى تلك المتاجر".
وتشمل تلك المناشط محال الأغذية ومواد البناء والإلكترونيات والملابس الجاهزة والأقمشة والمجوهرات والأحذية والأجهزة الكهربائية والتوابل واللحوم الطازجة.
وبحسب المهلا فإن حركة الاستيراد والتصدير تراجعت بنسبة كبيرة تنذر بالخطر، وهو ما سينعكس سلبا على الاقتصاد اليمني في الأشهر القليلة المقبلة.
المصدر : الجزيرة