"قيلولة أحد خريفي" لهشام بن الشاوي
عن دار "إي- كتب" البريطانية للنشر الإلكتروني صدر للمغربي هشام بن الشاوي روايته الجديدة "قيلولة أحد خريفي"، وهي الإصدار الرابع للكاتب بعد "بيت لا تفتح نوافذه..." (مجموعة قصصية)،" روتانا سينما... وهلوسات أخرى !" (قصص) و "كائنات من غبار" (رواية).
جاء في تقديم الدار للرواية : "الطابع التجريبي يضفي على رواية هشام بن الشاوي "قيلولة أحد خريفي" نكهة متفردة، مفعمة بغير المتوقع، وغير المألوف. وثمة بين ثنايا السرد الكثير مما يجعل السخرية، من أدوات الرواية نفسها، هدفا تلتبس خلفه المرامي الحقيقية للكاتب.
وكأي عمل ذي طبيعة مختلفة، فإنه يمكن أن يكون مصدرا للخلاف حول طبيعة الرواية، تكوينها، ومقوماتها التقنية، فضلا عن طبيعة شخوصها وأدوارهم، أو حتى ما إذا كانوا هم الذين يحملون السرد إلى غايته. الشيء اليقين هو ان "قيلولة أحد خريفي" تقدم نفسها وفقا لحبكة ملتبسة، مفتوحة على جميع الاحتمالات، وكأن الكاتب أراد أن يجرب، من ناحية، كل شيء تقريبا، وكأنه أراد، من ناحية أخرى، أن يسخر من أدواته نفسها بنفيها وتجريدها من مألوف الوظائف الذي تؤديه....".
وفي تقديمه للرواية كتب المبدع والناقد المغربي إبراهيم الحجري : "...ترتبط رواية هشام بن الشاوي الثانية "قيلولة أحد خريفي" في كثير من مناحيها بسابقتها، سواء من خلال التماهيات الدلالية للأبطال أو من خلال التقاطعات النفسية المركبة، التي تحبل بها عبر ملفوظات الفواعل النصية، والتي للأسف تعري نمطا من الواقع المرير الذي تعيشه الذات في علاقاتها المشبوهة والمتعفنة مع ذواتها المتعددة (الأقنعة) ومع الآخرين ومع المكان.
إنها رواية الفضح والكشف أو ما يسميه د. محمد برادة بأسلوب التشخيص أو الشخصنة، حيث يعمد الرواة إلى كشف المستور ووضع العلب السوداء للفرد على طاولة القارئ ليقلبها على وجوهها مكتشفا بعضا من ذاته هناك. وقد كان الكاتب قاسيا مع رواته ومع شخوصه معا، وحاصرهم في دوامة العصف ذاتها، لتتشكل نواة الألم الخفي التي تبعثر أوراق المروي لهم، دون مهادنة أو تسامح. تلك القسوة التي تتمظهر على الورق ليست غريبة عن طبيعة الشخصيات ولا عن طبيعة القراء ولا حتى عن طبيعة الكاتب الفعلي نفسه، إنها معضلة "التداخلات" لدى بن الشاوي على مستوى التشييد الخطابي، فلست تدري هل هو الذي يحكي أم شخوصه أم كائنات غريبة تقفز من الخارج لتقحم فضولها، لذلك يمكن نعتها بالكتابة التي تتعقد تفاصيلها كلما مشت، دون أن يكون هناك أي افتراض لنهايتها. إنها تستمر في ذاكرة القراء وذاكرة الكاتب، وربما تسير نحو صورة تشكل ثلاثية أو رباعية أو من يدري. فما زال هناك متسع للسرد، وما تزال شخوص بن الشاوي حية برغم الوعثاء، تسافر وتحيا وتصمد في حياة لا إنسانية على هامش التاريخ معلنة أمام الملأ سخطها ووعيدها على الورى مهددة بأنها في مستقبل النصوص ستتنامى مثل الفطر لتقوض الدوامة التي أفرزتها".
ومن أجواء الــ "قيلولة..." نقرأ :
" بنوع من الوله العذري أحدق فيها.
أحس باختلاجة في صدري..
أنتشل القلم من جيب داخلي.. أدون كلمات، بسرعة، على تذكرة القطار، أختلس نظرة إليها... تلتقي عيوننا. هل تتصورين أنني سأكتب رقم هاتفي مثلا؟ أختلس نظرة وأنشغل بالكتابة. أضع القصاصة في جيبي، أرنو إليها مجددًا.. أمسك هاتفي الجوال، أنقر على زر الرسائل، أختار: "رسالة جديدة". بحروف لاتينية أشرع في تدوين الأفكار، التي ألهمتني إياها فاتنتي الجميلة، وأخزنها على الهاتف. لو كنت بطلًا في رواية أو فيلم سينمائي لخلعت قميصي وشرعت في الكتابة عليه، لأسرق إعجابي جميلتي، ولكن الحياة ليست رواية جميلة نقضي في صحبتها لحظات، ثم ننساها بسرعة، مثلما اعتدنا نسيان كل شيء. لا مكان للجنون الشهي في الحياة، يا نور الدين.
حين سألتني البنورية عن عملي لم أقل لها إنني كاتب، كان ردي حاسمًا وقاسيًا: "عاطل عن العمل"، فكيف أخلع قميصي لأكتب عليه؟ ".