مع ارتفاع نسبة الفقر، وفي ظل الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها مصر، انتشرت خلال الآونة الأخيرة ظاهرة “تجارة الأعضاء”، مما جعل مصر تتربع على رأس الدول الأكثر انتشارا في هذه التجارة على مستوى الشرق الاوسط، وكذلك على المرتبة الثالثة على مستوى العالم، بحسب دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية.
وتشهد تجارة الأعضاء بدافع الفقر رواجا مذهلا في مصر حتى أن البعض يكاد يجزم أن أجساد المصريين تباع بالقطعة، في سوق باتت تحكمه عصابات مافيا، لها أباطرة وزعماء يحكمونها، وبلا أدنى شك فإن الضحية دائما هي أجساد الغلابة التي نال منها الفقر والجوع، الذين لم يجدوا إلا أجسادهم يبيعونها، بدلا من التسول وسؤال اللئيم، حيث تناولت وسائل الإعلام المصرية الكثير من الحالات التي باع فيها الفقراء أعضائهم لتسديد ديونهم التي تحاصرهم وتهدد مستقبلهم.
ووفقا لتقارير عديدة، فإن تجارة “الكلي” هي أكثر الأعضاء البشرية بيعاً في مصر، ويصل سعرها إلي 80 ألف دولارا يتم توزيعها بين البائع والجراح وعدد من الوسطاء، حيث أوضحت التقارير أن ما شجع على انتشار هذه التجارة، قصور اللوائح والقوانين الخاصة بالتبرع أو الاتجار في الأعضاء البشرية في القانون المصري، بالإضافة لانتشار الفقر الذي يعاني منه أكثر من 40% من الشعب المصري.
ولم تقتصر تجارة الاعضاء في مصر على الفقراء من المصريين، فقد وجدت عصابات التجارة بالأعضاء البشرية إلى ما يمكن اعتباره كنزا ثمينا لهم، تمثل في اللاجئين الأفارقة، الذين تم استغلالهم بكثير من المغريات أبرزها المال وقضاء ليلة مع إحدى فتيات الليل.
وكانت صحيفة “التايمز” البريطانية هي أول من تحدث عن استغلال اللاجئين الأفارقة في هذه التجارة من قبل هذه العصابات، مفيدة بأن هذه العصابات تعرض مبالغ كبيرة من المال مقابل شراء كلى المهاجرين الأفارقة، بالإضافة إلى اللجوء إلى فتيات ليل لإضفاء مزيد من الإغراء على صفقات بيع الأعضاء.
ونقلت الصحيفة عن أحد سماسرة بيع الأعضاء والذي يعمل “قوادا”، قوله: “الوصول إلى اتفاق لا يكون سهلا. نجلب لهم النساء حتى يشعروا بأنهم في حالة جيدة”، لافتا إلى أن الأطباء الذين يقومون بهذه العمليات لا يحاولون معرفة أي معلومات، حيث يقومون بأخذ الأموال دون أسئلة.
وأوضحت الصحيفة أنه على الرغم من وجود حالات كثيرة من المصريين، إلا أن المهاجرين الأفارقة على رأس المستهدفين، حيث أنهم لا يبلغون عن الانتهاكات التي تحدث في حقهم بالنظر إلى ارتفاع معدلات الأمية فيما بينهم، إضافة إلى وجودهم في البلاد بصورة غير شرعية، حتى يتمكنوا من خوض رحلة الموت إلى أوروبا عبر البحر، لأن موقع مصر في منطقة وسط، ووجود أكثر من مسار يتخذه المهاجرون الأفارقة نحو أوروبا يجعلها المكان المثالي لتلك التجارة.
وكشف التقرير، أن مهاجرين أريتريين لم يتمكنوا من دفع أموال المهربين، تم بيعهم لبعض القبائل البدوية في سيناء “لحصد أعضائهم” مقابل 15 ألف دولارا”.
المثير في الموضوع، هو ما كشفته دراسة للمركز القومي للبحوث الجنائية ، حول رواج هذه التجارة خلال الثلاث سنوات الأخيرة، حيث أن القائمين على هذه التجارة غير المشروعة، وضعوا لأنفسهم قانونا لحمايتهم حال وقوعهم في أيدي العدالة ، وهو إبرام ” عقد تبرع” بين الطرفين المشتري والبائع ، يقر فيه بتنازله عن العضو الجسدي الخاص به وهو في كامل إرادته.
ويرى العديد من القانونيين أن إقرار قانون ” زراعة الأعضاء البشرية “، سيكون سبباً في إنقاذ حياة مئات من المرضى كما هو السائد في الدول التي أقرته ووضعت عدة ضوابط لتنظيم العمل به ، مع تأكيدهم على تشديد العقوبات المقررة حال مخالفتها، داعين إلى ان يسير القانون في خط مواز مع نشر الوعي وتحسين الحالة الاقتصادية للفقراء، حيث أنه بدون ذلك سيكون القانون في مصر أداة لبيع الأعضاء البشرية ، وتحقيق مكاسب ضخمة للعصابات التي تمتهن هذه التجارة.