اخبار الساعة - متابعة
قال نائب رئيس الوزراء اليمني، وزير الخارجية، عبدالملك المخلافي إن الرئيس اليمني السابق «خسر الكثير» لمصلحة الحوثيين «وهو الآن في الموقف الأضعف»، وقال أن صالح «انتهى، ولا يمكنه وعائلته أن يكونوا جزءاً من مستقبل اليمن».
وجدّد في حوار مع «الحياة» في نيويورك، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، التمسك بالمرجعيات الأساسية للعملية السياسية في اليمن، وهي المبادرة الخليجية والآليات التنفيذية وآلية الحوار الوطني والقرارات الأممية ذات الصلة.
كما تحدث المخلافي أن الحكومة اليمنية تستعد للعودة إلى عدن في شكل نهائي خلال أسبوعين على أبعد تقدير.
نص الحوار:
> تجاوبتم مع طروحات المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ عندما لم يتجاوب الطرف الحوثي وعلي عبد الله صالح بالمثل، ماذا الآن؟ هل من مجال لتنازلات من جهتكم لتيسير الأمور بدلاً من استمرار النزاع كما هو عليه الآن؟
- في حقيقة الأمر أننا أثبتنا للمجتمع الدولي، ولأنفسنا أولاً، ولشعبنا، بأننا نحرص على السلام، وقدّمنا الكثير من التنازلات. لدينا طرف لا يدرك معنى السلام حتى الآن وليست لديه رغبة حقيقية فيه، ومع ذلك نتجاوب مع المجتمع الدولي والمبعوث الأممي السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد في كل ما قدمه.
ذهبنا في ثلاث جولات، في جنيف ثم في فيينا ثم في الكويت التي استمرت أكثر من مئة يوم. نستطيع أن نقول تلخيصاً لمشاورات الكويت بأننا قبلنا كل ما قدّم المبعوث الدولي وأن الطرف الآخر لم يقبل بعد، ومع ذلك ووجهنا بسؤال مثل هذا، وكانت المحادثات في يومها الأخير، قيل لنا: وماذا بعد؟ نحن قلنا: إذا كان الطرف الآخر جاهزاً للسلام سنكون نحن جاهزين وسنسبقه بخطوات وأنه ليس لنا خيار كحكومة غير السلام.
في الأصل نحن لم نبدأ الحرب ولم نشعلها وما زلنا نرى أن الخيار هو السلام، لكن السلام يحتاج طرفين، ومن ثم فإن طرف الحكومة جاهز ولديه استعداد للعودة إلى المحادثات في أي وقت إذا قبل الطرف الآخر أن يعود على الأسس والقواعد المتفق عليها وهي المرجعيات الثلاث. لهذا عندما عقد لقاء جدة الذي حضره الوزير كيري ووزير الدولة البريطاني ووزيرا المملكة العربية السعودية والإمارات، واقترحوا بأن هناك نية للدفع بعملية السلام مرة أخرى، نحن رحبنا وما زلنا ننتظر ماذا سيقوم المبعوث الأممي به من جهد لإعادة الأطراف إلى المشاورات.
المطلوب من المبعوث الأممي
> ماذا تريدون منه أن يفعل الآن؟
- نريد منه، قبل أن نعود إلى أي مشاورات، أن يأتي لنا بتأكيد بأن الطرف الآخر لديه استعداد للالتزام بالمرجعية في أي مشاورات.
> حدد المرجعيات.
- المرجعيات هي المبادرة الخليجية والآليات التنفيذية وآلية الحوار الوطني والقرارات الأممية ذات الصلة وفي مقدمها القرار ٢٢١٦، وما يهم هنا: هل الحوثيون وجماعة علي عبد الله صالح لديهم الاستعداد للالتزام بما ورد في القرار ٢٢١٦ من التخلي عن السلاح والانسحاب من المدن لكي يكونوا شركاء في السلام؟ هذه هي القضية الأساسية. إذا كان لديهم استعداد نحن لدينا استعداد خطوات لاحقة.
> البعض يقول إن القرار ٢٢١٦، واقعياً، تعداه الزمن، وأن تمسك الطرف الحكومي به هو أمر تعجيزي. في واقع الأمر لا يمكن أن يقبل الحوثيون ومن يشاركهم في المعارضة بشروط ٢٢١٦ مهما كان ذلك القرار فعلاً قفزة نوعية جدية أنجزت الكثير لكم كطرف حكومي.
- نحن ملتزمون بالقرار ولكن نحن أيضاً كنا مرنين حتى في التعامل مع القرار. قبلنا ترجمة الأمم المتحدة له ضمن إطار ما سمي «أجندة بيال» التي أعادت تقديم القرار بالطريقة التي تسمح باتفاق الطرفين.
هم لم يلتزموا... وبعد ذلك في الجولة اللاحقة قبلنا أن يصبح القرار مختصراً في خمس نقاط بدلاً من الصفحات الكثيرة، وقدم لنا المبعوث الأممي القرار في خمس نقاط ممكن أن نبدأ بها. هم لم يلتزموا. تحوّل القرار إلى ما سمي بالإطار العام. هم لم يلتزموا. تحول القرار إلى اتفاق قدّمه إسماعيل ولد الشيخ. هم لم يلتزموا. في النهاية هناك سؤال، أنا أيضاً أسأله لمن يقول هذا المنطق: هل هناك أي دولة في العالم ستقبل أن تكون ميليشيات اختطفت السلاح وتسيطر على العاصمة وعلى المدن، شريكاً؟ الجواب الذي يواجهه المجتمع الدولي يقول: لا. نقول إذاً هذا الذي نريد أن نقرّره، أن لا تسيطر جماعة مسلحة على الدولة.
> ولكن، هذه ساحة حرب، لا يمكن إلغاء واقع الأمر بأنها حرب، وبالتالي تحويل الطرف الحوثي إلى مجرد وصفه بميليشيات فقط سيستفز ذلك الطرف، بغض النظر ما إذا كان الكلام صحيحاً أم خطأ، ولن يتجاوب مع الطروحات، بل هو أيضاً بدوره يريد ضمانات كما أنتم طلبتم ضمانات من ولد الشيخ ووافق عليها وقدّمها لكم.
- أولاً، من ناحية المبدأ نحن مع أن تكون هناك ضمانات للجميع، ولكن أول ضمان أن تكون هناك دولة. فكرة ميليشيا ليست توصيفاً دعائياً، هي تعبير عن حقيقة. لم يتحولوا إلى ميليشيا بسبب الحرب بل أن هذه الميليشيا هي التي افتعلت الحرب. دعينا نتحدث على أن الحوثي كان يعدّ نفسه منذ حروب صعدة الست بأن يكون ميليشيا. هذه الميليشيا هي التي تحكم الدولة. هذا ليس توصيفاً أخلاقياً بل تعبير عن واقع سياسي.
> والدولة خسرت ميدانياً إلى حد كبير، وأنتم كحكومة موجودون خارج الدولة، فإذاً هناك واقع ميداني يتطلب النظر إليه بصورة عملية. من هنا أطرح السؤال عليك: كيف يمكن الخروج من هذه المعادلة، معادلة الحرب غير الرابحة أو الخاسرة حتى، واستمرار الأمور على ما هي عليه: لا الحرب تحسم ولا السياسة تحسم؟
- دعينا أولاً نصف الواقع. هذه الميليشيات استطاعت أن تجتاح العاصمة ومختلف المحافظات ووصلت إلى عدن ولكنها خسرت الجزء الأكبر من المحافظات. قوات الحكومة الآن في أكثر من ٧٥ في المئة من الأرض، هم لم يتقدموا منذ أكثر من عام، بل يتراجعون، هذه حقيقة يجب أن نقر بها. أيضاً، لو كان الأمر يعبر عن العدل وروح القرار ٢٢١٦ لكنا نطالب بمحاكمة هؤلاء، ولكن، نحن نقبل بناء على ما هو موجود كأمر واقع، حتى بشراكة. شرطنا الوحيد وهو شرط منطقي قبل أن يكون قانونياً، هو أن يتخلوا عن السلاح.
> هم لم يتعهدوا بذلك أبداً.
- هم يقولون بأن ذلك ممكن، ولكنهم عملياً لم يلتزموا بأي شيء. لم يقدموا أي التزام مكتوب حتى الآن، وهذا ما يعيق عملية السلام.
> هل تعتقدون بأنهم وصلوا إلى موقع الخسارة الميدانية إلى درجة استعدادهم لتسليم السلاح؟
- إذا أرادوا، وإذا أردنا نحن السلام، عليهم التخلي عن السلاح والتحول إلى حزب سياسي مثل غيرهم، وأن يكونوا شركاء، ونحن علينا أن نقبل شراكتهم. هذه معادلة فيها تنازل من الطرفين.
> أين التنازل؟
- التنازل هو أننا سنقبل شراكتهم بدلاً من أن ندعوا إلى محاكمتهم.
> إذاً، من وجهة نظركم هم خونة؟
- المسألة ليست متعلقة بالخيانة، بل تتعلق بجريمة في تدمير الدولة، إشعال حرب، بعيداً عن التوصيفات.
> من يُسيِّر الآخر أكثر الآن الحوثي أم علي عبد الله صالح؟
- أعتقد أن علي عبد الله صالح خسر الكثير. هو الذي جلب الحوثي إلى صنعاء وسلمه وحدات كثيرة من الجيش تابعة له لكي يستخدمها كأداة قذرة لإعاقة انتقال السلطة واستعادة السلطة إلى يده، ولكن، هو الآن في الموقف الأضعف، هو كالمقامر الذي قدّم كل أوراقه وكان في وضع قوي، وها هو الآن يخسر لمصلحة الطرف الآخر.
> إذا كنتم أنجزتم ميدانياً ما تفضّلت وتحدثت عنه، ٧٥ في المئة من السيطرة، لماذا لا تعود الحكومة إلى اليمن؟
- هناك قرار بعودة الحكومة بشكل نهائي، والأسبوع الماضي كان فخامة الرئيس في لقاء مع أعضاء الحكومة وجرى الاتفاق وإقرار عودة الحكومة بشكل نهائي.
> متى؟
- خلال أقرب وقت، أسبوع أو أسبوعين على الأكثر، هو الآن يجري عملية ترتيب، ولكن دعيني أقول...
> ولكن أرجو أن تسمح لي: عودة الحكومة بكاملها إلى عدن؟
- إلى عدن، نعم، في غضون أسبوعين على الأكثر.
أيضاً دعيني أقول، بأن لا ننسى بأن حرب الحوثي ضد اليمنيين وانقلابه على الدولة واجتياحه المحافظات دمّرت الكثير من الأمور ومنها البنية التحتية. عدن تعرضت لدمار شامل، الفنادق كلها دمرت وأقسام الشرطة والمدارس، مباني الحكومة، كلها دمرت. هذا أعاق عودة الحكومة، لا توجد أماكن لتعود إليها، ولكن الآن يجري التغلب على هذا الأمر بعدما جرى التغلب على بعض الصعوبات الاقتصادية وهذا يسهل عودة الحكومة.
> لماذا نُقل البنك المركزي إلى عدن قبل التهيئة الضرورية لنقل هذا البنك إلى موقع جديد، أعتقد أنكم تواجهون مشاكل مع البنك الدولي وغير ذلك بسبب هذا القرار.
- بعد فترة طويلة مما أرادته الحكومة كهدنة اقتصادية من أجل أن تسمح باستمرار بقاء الوضع الاقتصادي من دون أن يتضرر من الحرب، وجدنا بأن هذا الأمر قد استغل لتمويل الحرب. قرار الحكومة هو نقل البنك المركزي لمنع تمويل الحرب من المال العام. الحوثيون استخدموا المال العام والبنك المركزي لتمويل الحرب. هذا القرار بقدر ما هو اقتصادي، له علاقة بالوضع الإنساني والمعيشي، فهو قرار لمنع الحرب.
> ماذا ستفعلون إذا استمرت معارضة المراكز الاقتصادية المهمة، مثل البنك الدولي وغيره؟
- أعتقد بأن هناك حواراً. سيلتقي فخامة الرئيس مع رئيس البنك الدولي ورئيس صندوق النقد الدولي خلال الأيام المقبلة وسيكون هناك بحث لهذه المسائل. وأعتقد أنه قد جرى التنفيذ وأن العالم إلى حد كبير يتفهم هذا القرار وأنه قرار سيادي أولاً، ثم أنه ضروري لإنهاء الحرب وعدم وضع الاقتصاد في يد ميليشيا غير مسؤولة.
> ماذا يقولون لكم عندما يحتجون على هذا الإجراء؟
- لم نسمع حتى الآن احتجاجاً بمعنى الكلمة، يقال بأن هناك خشية من تضرر المواطنين من مثل هذا القرار، لكن الحكومة تؤكد الآن بأنها حكومة مسؤولة وهي ملتزمة كل المترتبات على هذا القرار بما فيها أن تقوم بعملية توفير الرواتب والمتطلبات، بعد أن يسلم القرار في كل مناطق اليمن بما فيها تلك الخاضعة لسيطرة الميليشيا. بينما الميليشيا عندما كانت مسيطرة على البنك، لم تكن الرواتب تصل إلى المناطق المحررة وإلى الجنود.
> دعني أنتقل بسرعة إلى مجلس الأمن حيث روسيا لها مواقف وصفتموها في مرحلة ما بأنها كانت معطلة وأحياناً أخرى كانت عبارة عن غض النظر، والكف عن العرقلة إذا شئت. أين هي روسيا الآن من الملف اليمني؟
- لا مشكلة في موقف روسيا تجاه اليمن، وموقفها هو موقف المجتمع الدولي نفسه، الاعتراف بالشرعية ورفض الانقلاب، والتأكيد على القرار ٢٢١٦، والتأكيد على السلام، ومعالجة القضايا الإنسانية، ودعم المبعوث الأممي. هذا الأمر جرى التعبير عنه في إطار مجموعة الـ١٨ والدول الراعية، وصدر بيان عن ذلك مثل ما هو معروف بالإجماع، وروسيا أكدت في مرحلة أخيرة أن البيان صدر بموافقتها، ولكن، هناك مناكفات في إطار الصراع بين الدول ربما تؤثر علينا في بعض الأحيان، بما في ذلك بعض المقارنات بين اليمن وسورية. وفي بعض الأحيان تظهر بعض المواقف كأنها خارج السياق.
> هناك مصدران من المعلومات، أحدهما أكد في مرحلة ما أن روسيا تعاونت مع الولايات المتحدة في توفير المعلومات الاستخبارية وهذا الهدف لم يكن لدعم الحكومة بالضرورة وإنما بالتعاون في مكافحة «القاعدة» وأمثاله، هل هذا صحيح؟ ثم سأطرح الشق الثاني من السؤال.
- نحن في هذا الجانب لدينا تفاهمات مع روسيا في ما يتصل بقضية الإرهاب ولدينا تعاون في هذه المسألة، وهم يتعاونوا في هذا الجانب من خلال الحكومة الشرعية ولديهم اهتمام في موضوع مكافحة الإرهاب. نقول لهم إن الحوثي هو الوجه الآخر لولادة الإرهاب في البلد، وبالتالي يصح أن نقاومه.
> هناك تعاون عسكري استخباري في هذا الجانب، أظنه لا يشمل الحوثي؟
- لا يشمل الحوثي، التعامل هو مع الحكومة الشرعية.
روسيا والملف اليمني
> هل أثرت العلاقة التحالفية بين روسيا وإيران في سورية على الملف اليمني؟
- لا لم تعكس نفسها. الموقف الروسي والموقف الدولي موحدان تجاه القضية اليمنية، ولكن في بعض الأحيان تظهر بعض المواقف، يبدو أن هناك تأثراً، ولكن، تكون للمسألة علاقة بموضوع سورية.
> ملفتة هذه الأجوبة لأن العلاقة جيدة جداً ما بين روسيا وإيران. هل تعتقدون أن روسيا هي الوسيلة للتأثير على إيران كي تقوم بما تريدون منها أن تفعل نحو الحوثيين، هل روسيا هي القناة المطلوبة في هذه المرحلة؟
- نحن نتمنى أن يقوموا بدور في هذا الجانب.
> يقوم من؟
- روسيا.
> عفواً، كرر الإجابة.
- نحن نتمنى أن يقوم الروس بدور في هذا الشأن. أود أن أقول إن سبب توحد المجتمع الدولي حول اليمن هو أن المجتمع الدولي كان راعياً، بما فيه روسيا والولايات المتحدة والدول الخمس الدائمة العضوية بالإضافة إلى دول الخليج، كانت منذ بداية التحوُّل في ٢٠١١ بعد ثورة الشباب، راعية لعملية التحوُّل في اليمن، وبالتالي كانت شريكة وشاهدة على كل ما جرى. هذا الأمر أبقى الموقف موحداً، لم يأت الموقف لاحقاً في انفجار الأوضاع، ولكن كانت الشراكة حتى في انفجار الأوضاع. ولهذا بقي الموقف موحداً والشراكة الدولية تامة.
> المملكة العربية السعودية اتهمت في الفترة الأخيرة إيران بتهريب السلاح إلى الحوثيين في رسالة رسمية من السفير عبد الله المعلمي وطلبت من الأمم المتحدة أن توقف ذلك. هل توجهتم أو ستتوجهون إلى روسيا لأن تكون سنداً لكم في طلب إيقاف إيران عن تهريب السلاح إلى الحوثيين؟
- نحن سنتوجّه ربما في الفترة المقبلة إلى الأمم المتحدة بشكوى مماثلة. نحن المتضرّر الأكبر من استمرار تدخُّل إيران في الشؤون الداخلية لليمن واستمرار تدفق السلاح الإيراني الذي يقتل شعبنا، لهذا نحن في صدد إثارة هذا في الأمم المتحدة بشكل رسمي، فنحن كنا نقوله دائماً. ربما في الفترة المقبلة بعد انتهاء زحمة الجمعية العامة، ولكن، أيضاً نحن نطلب من كل الأصدقاء وسنطلب حتى من الأصدقاء الروس أن يقولوا للإيرانيين يكفي عبث في اليمن.
> متى ستلتقون وزير الخارجية الروسي؟
- ربما يكون هناك اتفاق مبدئي على أن يتم لقاء على هامش الجمعية العامة لم يحدد موعده بعد، ونحن متفقون على ذلك.
> ستطلبون المعونة في هذا المجال؟
- هذا أمر طبيعي.
> وهل ستطلبون من روسيا أيضاً المعونة السياسية، بمعنى، كما تعرف، هناك العلاقة السعودية الإيرانية تعكس نفسها كثيراً على الملف اليمني. ماذا يمكن لروسيا أن تقوم به لكي تطمئن السعودية من جهة الغايات الإيرانية في اليمن، لربما يكون هناك مدخل لتفاهمات أوسع إقليمياً.
- هناك بلا شك تواصلات سعودية روسية واسعة. كان في الشهر الماضي نائب وزير الخارجية الروسي في جدة والتقى الوزير السعودي والتقيته أنا أيضاً، وكان الروس مهمومين بالمعالجة في هذا الجانب، لأنهم حريصون على العلاقة بالمملكة العربية السعودية وعلى العلاقة باليمن. ونحن اعتقدنا أن علاقتهم بجميع الأطراف تمكّنهم من أن يقوموا بدور إيجابي. ونتمنى أن يقوموا بذلك.
> هل هذا في صدد الإعداد لمنطلق جديد؟
- ربما.
> ستكون رعاية روسية محضة أم روسية أميركية؟
- أعتقد أن المسألة ليست رعاية حتى الآن وإنما هي دور، دور للتواصل أو لإيصال رسائل للإيرانيين بأنه يجب إيقاف هذا العبث.
> وأيضاً أتساءل، هل هدفها تهيئة الأجواء لنقلة في العلاقة الإقليمية ما بين الدولتين؟
- قد يكون هذا...
> أيهما أولاً، سورية أم اليمن في هذا الإطار.
- أعتقد أن اليمن في إمكانه تحقيق اتفاق واختراق أكبر. وأعتقد أن على العالم أن يبعث إلى الإيرانيين برسالة واضحة وهي أن يكفوا عن محاولة التأثير على الأوضاع في سورية من خلال اليمن. (يجب) أن يفصلوا بين الأمرين إذا أرادوا أن يبقوا على علاقة طيبة مع اليمن ومع الخليج.
> اشرح أكثر، ماذا تقصد؟
- أعتقد أن إيران تستخدم اليمن وسيلة للضغط المباشر وعلى حساب الشعب اليمني كما على حساب العلاقات مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج. أنا أعتقد أن الموضوع السوري ليس في اليمن وإنما في سورية، ومن ثم على روسيا أن تتخلى عن الدور السلبي في اليمن وعن التأثير على دول الخليج وفي مقدمه المملكة، من خلال اليمن. هذه الورقة خاسرة وهي تضاعف الأزمات في المنطقة ولا تضعفها.
الحرب والربح
> هل بالإمكان ربح هذه الحرب بصورة حاسمة؟
- ما هو مفهوم الربح؟
> هل تحدد لي؟
- نحن نتحدث عن الربح الذي نجده نحن كحكومة...
> واقعياً؟
- واقعياً، أن تعود الحكومة والشرعية. هذا هو الرد على السؤال، إن تحقق هذا سلماً أو تحقق عبر كفاح اليمنيين من أجل استعادة دولتهم. هذا هو الربح. الأمر يعود إلى الطرف الآخر، ولكن، أؤكد بأنه ليس أمامنا من خيار كحكومة إلا أن نربحها بأي وسيلة من الوسائل. أن نربح استعادة الدولة واستعادة الوطن والأمن والسلم.
> الأمانة العامة للأمم المتحدة تنتقدكم كحكومة وتنتقد التحالف العربي كثيراً، هل هي تتعدى عليكم في تلك الانتقادات لمجرد أنها تريد أن تتعدى عليكم، أم أن هناك تجاوزات لا مجال للأمم المتحدة سوى أن تنتقدها؟
- مع الأسف الحديث هو فقط عن الحكومة والتحالف العربي، بعض المنظمات تقول أنتم الحكومة والتحالف العربي، تمثلون دولاً أما الباقون فهم عصابة، بمعنى أن الإجرام جزء من طبيعتهم فلا نتحدث عنهم. هذه رؤية قاصرة. تحدث أخطاء. لا نستطيع القول إن الحرب ملائكية، الحرب قذرة، أي حرب. الحرب لها أخطاء ولها ضحايا. ولكن دعيني أقول إن ما يطفو على السطح إعلامياً بما فيه ما تقوم به بعض المنظمات الدولية، هو فقط ما يتصل بالتحالف، ولكن الجرائم الأخرى لا يهتم بها أحد. لم أسمع عن جريمة إبادة جماعية، هناك كثير من المجازر التي تتم ويقولون لماذا لا تتحدثون عنها؟ يقولون عندما يقصف الطيران حتى عن طريق الخطأ، نعرف أنه طيران، ولكن عندما تحدث مجزرة للمدنيين في تعز، نريد أن نتأكد أولاً من الذي كان وراء المجزرة. نقول لهم هذه المجزرة تمت (بقذائف) دبابات وكاتيوشا لن تجدها ألا مع تحالف الحوثي- صالح. يقولون لا، لا بد أن نحقق في هذا الموضوع.
> ماذا حدث في موضوع الأطفال ما بعد أزمة تقرير الأطفال في تعز. ما هي آخر التوجهات؟
- سيدتي، أريد أن أقول شيئاً أساسياً، ٨٠ في المئة من جنود الحوثيين أطفال. هذا الأمر لا يكلّف التأكد منه غير الضغط في الإنترنت على من يسمّونهم هم الشهداء، وستجدين أن أعمارهم ما بين التاسعة والخامسة عشرة والسابعة عشرة. هؤلاء الأطفال لا يذكرون، هم يجنّدون الأطفال.
تجنيد أطفال صوماليين
> هل الميليشيات كلها يمنية أم هناك استيراد لميلشيات غير يمنية؟
- بالنسبة للحوثيين، هم يمنيون، ولكن في الفترة الأخيرة بدأوا الاستعانة (بآخرين) بمن فيهم أطفال من اللاجئين الصوماليين. وتم القبض على مجموعة على الحدود اليمنية السعودية، وتم تسليمهم للأمم المتحدة لإطلاع لجنة العقوبات على الأطفال الذين تم القبض عليهم، وتم إطلاع اليونيسيف أيضاً.
> صعب عليك الإجابة على السؤال، إنما هناك كلام كثير عن أخطاء الرئيس هادي. هل أثرت حقاً في مسيرة الحكومة نحو الخروج من هذه المأساة التي أصابت اليمن؟
- الطرف الآخر يحاول أن يصور الأمر بأنه أخطاء الرئيس أو غير أخطاء الرئيس. بالنسبة إلينا هناك دولة خُطفت نريد أن نستعيدها وبعد ذلك الشعب اليمني هو الذي سيحدد من سيقوده، من يختاره للقيادة.
> ماذا سيحل بعلي عبد الله صالح في رأيك؟
- علي عبد الله صالح انتهى.
> غير كلمة «انتهى»، ماذا سيكون مصيره؟
- سيكون مصيره، إما خارج اليمن أو مقبوضاً عليه.
> خارج اليمن، أين؟
- في أي مكان.
> من هم المرشحون لاستضافته، طبعاً سبق أن ذهب إلى المملكة العربية السعودية ثم غادرها خلسة.
- في فترة من الفترات كان يتحدث هو عن رغبته في اللجوء إلى قصره الذي اشتراه من قصور هيلاسيلاسي في إثيوبيا.
المشكلة ليست أين سيلجأ. المشكلة هي أن عليه أن يترك اليمن الآن.
> وماذا عن نجله؟
- علي عبد الله صالح وأسرته لم يعودوا (جزءاً) من المستقبل أبداً.
> السؤال الأخير عن دور الكويت ودور عُمان. هما قناتان متوازيتان. لماذا هناك قناتان؟
- الكويت هي ضمن التحالف العربي ولكنها وفّرت مكاناً لليمنيين للتشاور بالاتفاق مع الأمم المتحدة ودورها مقدّر ومشكور. والكويت لها تجارب في هذا الجانب، فقد احتضنت اليمنيين في الستينات وفي نهاية السبعينات عندما كان هناك صراع بين الشمال والجنوب، وهي محل تقدير، وأعتقد أننا كلنا والمجتمع الدولي، شكرنا وحيينا دور الكويت ولا نزال. عُمان حافظت على علاقة مع كل الأطراف اليمنية بمن فيهم جماعة الحوثي وصالح، وهذا أعطاها نوعاً من القدرة على أن تقوم بدور ربما لا يستطيع أحد غيرها أن يقوم به. اليوم كان فخامة الرئيس في لقاء مع السيد يوسف بن علوي.
> ماذا جرى في اللقاء؟
- كان تأكيد على أن عُمان مع الحكومة الشرعية لكنها تحاول القيام بدور إيجابي مع كل الأطراف بما يخدم إعادة الأمن الاستقرار، ونحن نحيي هذا الأمر.
> يتم تسريب أمور تتهم عُمان بأنها تقوم بأدوار غير تلك التي تفضلتَ بها، لماذا؟ هل أنتم توافقون على تلك؟
- لا، نحن لم نتحدث عن تسريبات. لكن الكثير من الأطراف اليمنية الحزبية ربما كانت تتمنى أن يكون دور عمان ضمن إطار التحالف العربي، ولكن، نحن نحترم اختيار الحكومة العمانية.
> هل الصفقة الكبرى في شأن اليمن آتية؟
- لا يزال لدينا كثير من الوقت قبل أن نقول أن ذلك يمكن أن يتحقق.
> ولكن العودة، عودة الحكومة قريباً، في غضون أسبوعين، ثم ماذا؟
- تأمين المناطق المحررة ثم توفير حال من الاستقرار وتقوية وضع الدولة، إعطاء الأمل والثقة للمواطنين في المناطق التي ما زالت تحت سيطرة الميليشيات ثم انتفاضات في تلك المناطق.
> رحم الله عبد الكريم الأرياني. عندما كان يعمل على الحوار الوطني كان يتحدث عن الانتقال من الدولة البسيطة إلى الدولة المركبة، كجزء من الحل. هل تلك الفكرة ما زالت على الطاولة وواردة أم أنها مُزقت بسبب الحرب؟
- هي الحل وهي جزء من المشكلة. كيف؟ توافق اليمن في مؤتمر الحوار الوطني على دولة من ستة أقـاليم اتـحادية يعاد فيها توزيع السلطات. كان ذلك بالإجماع خيار اليمنيين بمن فيهم جماعة الحوثي وصالح، ولكن هذه الجماعـة تمثّل جزءاً من فكرة المركز الذي نطلق عليه في اليمن اسم «المركز المقدس»، المركز المسيطر على بقية اليمن. حاولوا أن ينقضوا على هذا الاتفاق. واحد من أسباب الحرب كان تعطيل فكرة الدولة الاتحادية، لكن، يعتقد بأن هذا الخيار لا يزال قائماً، وهو الحل.