نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تسريبا لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري، يكشف كواليس اتخاذ القرار الأمريكي حول سوريا، ويشير إلى استياء كيري من الفريق الذي يدير الأزمة السورية وشكواه حول رفض الإدارة التلويح بالحل العسكري بصفته وسيلة للضغط السياسي.
وتقول الصحيفة في التقرير، إن “كيري اشتكى مرارا وتكرار لمجموعة من المدنيين السوريين، من أن دبلوماسيته لم تدعمها تصريحات تهدد بالحل العسكري”.
وتقول الصحيفة إنه في اجتماع على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي لمدة أربعين دقيقة، ظهرت معالم الإحباط على كيري من عدم قدرته على إنهاء الأزمة السورية، وتضيف: “إنه ضاع بين محاولة التعاطف مع السوريين، ومحاولة تبرير موقف الولايات المتحدة”.
وتذكر الصحيفة أن الاجتماع عقد بعد فترة وقف إطلاق النار القصيرة، الذي انهار عندما رفض الطرف الروسي وقف القصف على مدينة حلب، وتبعت نكسة وقف إطلاق النار أيام من القصف الروسي وطيران النظام على أحياء المدينة الشرقية، الأمر الذي أدى إلى مقتل 338 شخصا، منهم 100 طفل.
ويلفت التقرير إلى أن كيري كان يحاول في ذلك اللقاء التوضيح للسوريين أن الولايات المتحدة لا تملك تبريرا قانونيا لضرب قوات رئيس النظام السوري بشار الأسد، أما الروس فقد جاءوا بناء على دعوة من الحكومة السورية، وقال: “المشكلة أن الروس لا يلقون بالا للقانون الدولي، أما نحن فنهتم به”.
وتبين الصحيفة أن كيري يواجه عقبات بسبب التدخل العسكري الروسي في سوريا، وعدم قدرته على إقناع واشنطن بالتدخل بشكل قوي هناك، بالإضافة إلى أنه لم يكن قادرا على إقناع المعارضة السورية، وبعض ممثليها الذين كانوا جالسين معه، كونها سياسة ليس مقتنعا بها بالكامل.
ويعلق التقرير قائلا إن “المعارضة داخل إدارة أوباما للسياسة الحالية في سوريا لم تعد سرا، لكن حواره المسجل يكشف عن أن الروس تفوقوا عليه، وعلى عدم موافقته على بعض ملامح سياسة أوباما، وقال إن الكونغرس لن يوافق أبدا على استخدام القوة، وقال: (نحاول استخدام الدبلوماسية، وأفهم أن هذا مدعاة للإحباط، ولا يوجد أحد يشعر بالإحباط أكثر منا)”.
وعقد الاجتماع في مقر البعثة الهولندية لدى الأمم المتحدة في الثاني عشر من أيلول/ سبتمبر، بحضور 20 شخصا؛ ممثلين أربع هيئات سورية معارضة، التي توفر التعليم والإنقاذ والخدمات الطبية في المناطق التي يسيطر عليها المعارضة، بالإضافة إلى دبلوماسيين من ثلاث أو أربع دول، وكيري والمبعوث الخاص للأمم لسوريا.
وأكدت الصحيفة أن التسجيل تم عن طريق الحضور غير السوريين، وأكد العديد من المشاركين الآخرين صحتها. وفق عربي 21.
وبحسب التقرير، فإن المتحدث باسم وزارة الخارجية جون كيربي، رفض التعليق على ما يقول إنها مناقشة خاصة، وقال إن كيري شعر بالامتنان لأنه التقى بالمجموعات السورية، واستمع لمظاهر قلقها، وأكد لهم تركيز الولايات المتحدة على محاولة إنهاء الحرب.
وتوضح الصحيفة أن العديد من السوريين الحاضرين عبروا عن إحباطهم، مشيرين إلى أنهم باتوا مقتنعين بأنهم لن يحصلوا على أي مساعدة من إدارة أوباما، ومنتقدين السياسة الأمريكية وما اعتبروه خيانة لدماء الشعب السوري.
ورغم حديث كيري عن أن “مبالاة الأسد” قد تدفع الأمريكيين نحو خيارات أخرى، إلا أنه أكد أن “تسليح المعارضة قد يأتي بنتائج عكسية”.
لن نقاتل حزب الله.. والانتخابات هي الحل
وورد في حديث كيري أن واشنطن تدعم المعارضة في وجه تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة أيضا؛ لأنهما بحسب كيري “يتآمران على أمريكا”، لكنها لن تدعمها ضد حزب الله اللبناني المتهم بارتكاب جرائم حرب في سوريا، لأنه “لا يتآمر ضدهم”، على حد قوله، وهو الأمر الذي أثار غضب المعارضة.
وتحدث كيري عن العقبات التي تواجه أي خيار عسكري، منها عدم استعداد الكونغرس للمصادقة على عمل عسكري، خاصة أن الرأي العام لا يدعم حربا كهذه، وقال كيري: “الكثير من الأمريكيين لا يؤمنون بالحرب، وإرسال الأمريكيين للموت في بلد آخر”.
وبحسب التقرير، فإن أحد السوريين الحاضرين قال إن “لا أحد يطلب غزوا”، وأكد أن المعارضة تريد مساعدة أكثر، لافتا إلى أنه مع اقتراب موعد الجلسة على الانتهاء أخبر كيري السوريين أن أملهم الوحيد هو الحل السياسي، والتوصل إلى حكومة انتقالية، وقال: “عندها ستعقدون انتخابات، وسيقرر السوريون من يريدون”.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية، رفض الكشف عن اسمه، إن كلام كيري لا يعد تحولا في وجهة نظر الإداراة الأمريكية للأسد، فقط، مؤكدا قناعته منذ وقت طويل أنه ستتم الإطاحة به في أي انتخابات نزيهة.
ويكشف التقرير عن أن كيري أدهش السوريين الحاضرين عندما طلب منهم أن يشاركوا في انتخابات مع الأسد، وقال إن الانتخابات ستشرف عليها الدول الغربية والإقليمية والأمم المتحدة، “وبمعايير مشددة”، وأضاف أن ملايين السوريين، الذين فروا منذ عام 2011، سيشاركون في الانتخابات، وقال كيري: “كل لاجئ سوري حول العالم سيصوت، هل سيصوتون للأسد؟ الأسد يخشى حصول انتخابات”.
وتقول الصحيفة إن السوريين الذين يعيشون تحت كنف المظام لن يستطيعوا الإدلاء بأصواتهم بأمان؛ بسبب الضغوطات عليهم، حتى مع وجود المراقبين الدوليين، كما أن روسيا لن توافق على الانتخابات إن لم تكن النتيجة مضمونة، وهو الأمر الذي حصل في المفاوضات حيث وصلت إلى طريق مسدود.