ما أنا بصدده أخي القارئ/ة في مقالي هو تسليط الضوء بشكل مهني وحيادي على حالة اختفاء الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط طوال خمس سنوات ونيف من الأسر وعجز وفشل المؤسسات الصهيونية بكل ما لديها من إمكانيات لمعرفة مكان وجوده ...فبعيداً كل البعد عن المزايدة والنفخة الكذابة والنقد الهدام من أجل النقد والتشنجات الشخصية والنفسية والتهريج والتجريح والسب والشتم والإساءة والتعصب للرأي والرأي الآخر والتحزب الفئوي المقيت الذي هتك نسيجنا الاجتماعي. فدعونا اليوم نقف مع أنفسنا ونخاطب عقولنا ونحكم ضمائرنا ونقول الحقيقة ولا نخجل منها بإعطاء كل ذي حق حقه من غير غلو ولا تقصير لهذا العمل البطولي والانجاز الوطني العظيم ..والذي تحقق بدماء الشهداء الأبرار الذين خضَبوا الأرض بدمائهم الزكية وبسواعد الشرفاء الأحرار الذين قاموا بتنفيذ هذا العملية البطولية من أبناء شعبنا الفلسطيني والذي توج وكلل عملهم بفضل الله أولاً ثم بفضلهم بإنجاح صفقة تبادل الأسرى والإفراج عن أسرانا البواسل الأنقياء من معتقلات وسجون العدو الهمجي الذي لا يفقه إلا لغة القوة وهي أسر الجنود..فدعونا ننأى بأنفسنا عن هذه السلوكيات الانحطاطية.... والتي لا تمت بصلة لأخلاقنا وقيمنا الحميدة وديننا الإسلامي الحنيف وأن نكون موضوعيين في آرائنا..فهذا العمل الفدائي بكل المقاييس مفخرة وعز وإباء لكل فلسطيني وعربي ينبض بحس هذا الوطن الجريح ...قطاع غزة ليس جزيرة منعزلة عن شعوب العالم كما يعتقد البعض ويروج لذلك.. إن لم تكن هي من أكثر المدن سخونة ومواجهة للأحداث ومعقلاً للمقاومة الوطنية الفلسطينية في الشرق الأوسط ...وذلك لقضاياها الهامة والمصيرية وخاصة على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي ولما لها من اهتمام في دائرة الصراع العربي الفلسطيني الإسرائيلي. وبها يستثب الأمن والأمان ويعم فيها السلم والسلام والاستقرار ومن دونها وإخفاق حقوقها تشتعل الحروب ويحل الخراب والدمار والهلاك وتسال فيها الدماء أنهاراً.. والتاريخ شاهد على ذلك بأنها كانت ومازالت وعلى مر العصور مقبرة للغزاة الطامعين الطغاة وأبنائها المغاوير الصناديد كانوا ومازالوا شوكة في حلق أعدائها.. إنها منطقة جغرافية منبسطة ومستطيلة ومكشوفة للصديق والعدو وليس فيها كهوف وجبال ووديان وأشجار كثيفة تكسوها كغيرها من البلدان التي تحميهم من ويلات الحروب فشعبنا ليس له إلا الله أولاً تم ساكنيها الصابرين المرابطين الثابتين على المحن والشدائد .. فإنها تقع في المنطقة الجنوبية على الساحل الفلسطيني من البحر المتوسط وتبلغ مساحتها360 كم مربعاً ..حيث يبلغ تعداد سكانها حسب إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني قرابة المليون ونصف مليون نسمة وتعتبر من أكثر المناطق بالعالم اكتظاظا للسكان .... فمنذ أن وقع الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط بالأسر في قبضة المقاومة الفلسطينية يوم الأحد الخامس والعشرين من حزيران 2006 م في كمين نفق تم الإعداد والتخطيط له بشكل جيد ومدروس من قبل مجموعة فلسطينية من مقاومي اللجان الشعبية في عملية الوهم المتبدد حيث قتل على أثرها جنديين وجرح خمسة وأسر الجندي شاليط .حيث كان الجندي الإسرائيلي الأسير شاليط متواجد والعلم عند الله أمام مرمى العدو على بعد بضعة كيلومترات من قوات الإسرائيلية على الشريط الحدودي مع قطاع غزة ومع ذلك وعلى مدار خمس سنوات ونيف من عملية اختطاف الجندي جلعاد شاليط واختفاءه عن أعين العملاء والجواسيس وأجهزة الرادار والطائرات بدون طيار والتي كانت لا تفارق سماء غزة على مدار الساعة. فقد جن جنون الكيان المسخ وشاط غضبه وراح بكل قواه العنجهية يسخر لأجهزته الأمنية (الشاباك- الشين بيت) وأدرعته الاستخباراتية العسكرية (أمان ) كافة الإمكانيات الجبارة للبحث والتحري عن الجندي الأسير شاليط بكل الطرق والوسائل الغير إنسانية... فقد دفع شعبنا في قطاع غزة ثمن فاتورة تضحياته بالدم والمعاناة والدمار والخراب والهلاك والحصار والجوع والألم والحرمان والتشتت والضياع من أجل استرداد شاليط .فقام العدوان الإسرائيلي بشن سلسلة من العمليات العسكرية الإجرامية النوعية في عدوانيتها على شعبنا والتي جاءت تحت مسميات عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر عملية أمطار الصيف والشتاء الساخن والرصاص المصبوب والتي كان أحد أهدافها جميعاً إطلاق سراح الجندي. هذا عدا عن رصد العدو لمبالغ مادية كبيرة هائلة تقدر بعشرة ملايين دولار لإغراء عملاءه وأصحاب النفوس المريضة بهدف جمع معلومات دقيقة لمعرفة مكان احتجازه بغزة تمكنه في نهاية الأمر بالقيام بعملية خاصة من قوات الكوماندوز لتحريره من الأسر... ولكن باءت كل محاولات المؤسسات الأمنية الإسرائيلية بالفشل الذريع ولم يستطيع هذا العدو الرجس الماكر من تحقيق مبتغاه من انقاد شاليط وتخليصه من قبضة آسريه....بحنكة المقاومة الفلسطينية والاستفادة من تجارب الآخرين الذين قاموا بأسر جنود من قبل وخاصة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحزب الله .فقد أغرقت المقاومة الفلسطينية العدو الإسرائيلي حتى أذنيه بالمعلومات الميدانية المظللة عن مكان شاليط فجميع المعلومات الأمنية الواردة من مصادر عملاء العدو كانت تشير بأن شاليط كان محتجزاً داخل أحد الأنفاق أسفل مستشفي الشفاء أو الجامعة الإسلامية أو في مستوطنة كفار دروم سابقاً قرب دير البلح أو في أحد الأنفاق التي حفرتها المقاومة تحت شوارع غزة والقليل ممن يعرفون مكانه أو في أحد البيوت الفلسطينية أو إنه كان محتجزاً طوال هذه الفترة في رفح المصرية لدى بدو سيناء أو في أحد الدول العربية كل ذلك كان على حد زعم تلك المصادر والشائعات المروجة لها بقصد خلق حالة من البلبلة والحيرة والتخبط وتشتيت أفكاره وإضعاف قدراته ومعنوياته وفقدان توازنه بالوصول للمعرفة مكان شاليط وفي نهاية الحلقة المفقودة وحتى الربع الساعة الأخيرة من عملية الإفراج عن شاليط في صفقة تبادل الأسري التي تمت بين حركة حماس والكيان الصهيوني يوم الثلاثاء الموافق 18/10/2011م 12:03م من خلال وساطة مصرية وألمانية لم يعرف العدو أي معلومة عن مكان شاليط وكيف وصل مصر؟؟ ومن أين تم احضاره؟؟ هذا هو اللغز المفقود في حلقة اختفاء شاليط عن دوائر الأمن الصهيوني وبذلك تكون المقاومة الفلسطينية قد حققت إعجازاًً رباني وانجازاً أمنياً ووطنياً بامتياز لمقدرتها على إخفائه والاحتفاظ به طوال الفترة الماضية وهذا إن دل يدل على فشل وإخفاق الكيان المسخ بكل مؤسساته السياسية والأمنية والاستخباراتية العسكرية صاحب الصيت والهيبة والسطوة بحجم قدراته وإمكانياته التقنية والتكنولوجية المتطورة العالية في العمل الأمني والاستخباري بالوصول إلى خيط رفيع أو بصيص من النور يدلهم على الجندي شاليط المتواجد في بقعة جغرافية لا تتجاوز مساحتها بلدة صغيرة من أراضي فلسطين المحتلة التي تم اغتصابها بقوة السلاح ...وطرد سكانها عنوة أمام مرأى ومسمع العالم الغربي المتآمر على قضيتنا الفلسطينية ...وسيبقى جلعاد شاليط لغزاً يصعب فك شفرته على مدار التاريخ وسوف تمثل حالة اختفاءه وعدم معرفة مكان وجوده وسمة عار على جبين الكيان المسخ طوال حياته وخاصة الإجراءات الأخيرة من عملية مراسم التسليم لجمهورية مصر العربية الشقيقة والتي اتبعتها المقاومة بعملية الخداع والتمويه لأكثر من شخصية وهمية قامت بدور تمثيل شخصية شاليط قبل عملية التسليم والتسلم مما أصاب العدو حالة من الرعب والصدمة والهستيريا والذهول والدهشة والإحباط والفشل المخزي والمذل لدويلة الكيان المسخ لعدم معرفة الحقيقة الغامضة للجندي الأسير شاليط والذي سيبقى هو سر من أسرار الحلقة المفقودة في دوائر الأمن لدى العدو الصهيوني.....
شاليط والحلقة المفقودة في دوائر الأمن
اخبار الساعة - سامي إبراهيم فودة