اخبار الساعة - احمد حسين
الربح كثير و وفير و المقال مهم للمهتمين بالتسويق و لكن قبل ان ادخل في مهاترات مع بعض المتعصبين البائسين ، ذوي الصوت العالي “قليلي الافعال و الفائدة” حول نوعية المحتوى الذي يقدمه البرنامج و مدى تفاهته و عدم مناسبته لحال الامه و بعده عن الدين و كل هذا ،، اود ان اؤكد انني هنا فقط لاتحدث عن تجربة التسويق، للاستفادة من الفكر المُستخدم ،، و ليس للدعاية لمثل هذه البرامج ،، و اود ان اوضح ايضاً انني لا اجد حرجاً في التعلم من مدونات غربية متخصصة في التسويق قد تتحدث عن حملة تسويقية ناجحة لبرنامج انتخابي او شئ ما يُستخدم ضدنا في النهاية !! لا اجد حرجا..لأني اريد التعلم و من ثم يمكنني استخدام تلك المعرفة و الخبرة لنشر اهدافي و مبادئي ! و كما يُقال دائماً .. لا تَسِبَ الناس و لا احوالهم ،، بل اصنع انت التغيير الذي تود ان تراه ! … “ربما بنهاية المقال تجدون ايضاً شيئاً كهذا يُعجبكم و يبث الامل ! “
عذراً على الإطالة ….. 70 مليون رسالة sms للتصويت للمشتركين ،، ربع دولار و اكثر ربح صافي في الرسالة الواحدة ،، اكثر من عشرة مليون دولار ربح من الرسائل فقط !! كم هذا مغري ! ربما لتلك الاحصائيات و غيرها تجد التفسير الصائب لسبب كثرة تلك البرامج في الفترة الاخيرة على شاشاتنا العربية !
برنامج اراب ايدول الاخير كان صفقة رابحة بلا ادنى شك فالربح لم يأتي من الرسائل فقط بل و ليست هي المصدر الاساسي للربح ! الربح الاساسي كان من الاعلانات التي ملأت الفواصل ،، و التي تعدت عشرات الملايين و الا فكيف يُمكن لقنوات الام بي سي ان تستضيف نانسي عجرم طوال الحلقات ،، الكثيرون اكدوا ان الحسناء خرجت بأكثر من تسعة ملايين من هذه اللعبة ! و كذلك استضافة محمد منير و شيرين في الحلقات الاخيرة يؤكد ان الاعلانات خلال البرنامج كانت ضخمة للغاية !
هذه المرة ، ربما لم تكن الام بي سي تستهدف الربح الكثير ،، في الاساس كانت تود ان تزيد مشاهدي قناتها الوليدة ام بي سي مصر ،، لذلك عقدت صفقة رابحة مع قنوات الحياة الاكثر مشاهدة محلياً و كذلك محطة الراديو نجوم اف ام ،، لكي تذيع حلقات البرنامج لديهم ،، بدون ان يدفعوا مليماً واحداً مقابل تكاليف الاستوديو او البرنامج ،، بل اعتقد انها اعطتهم نسبة من الاعلانات و لكن رسائل ال sms كانت مصلحة خاصة بالام بي سي !
علاقات عامة
الام بي سي كانت تعلم ان برنامجها سيحقق نسب عالية من المشاهدة فقد اعدت له جيداً ،، تواصلت مع الصحف و وسائل الاعلام في العالم العربي كله و جعلتها تهتم بالبرنامج و كأنه مشروع عربي قومي ،، ام بي سي تجيد التسويق من خلال “برنامج الشركاء” او الشراكة التي تقيمها مع الصحف ،، فهي تعطيهم بعض المعلومات التي تجلبها قناتها العربية ،، في المقابل تنشر لديهم ما تريد وقتما تريد “علاقات عامة ممتازة”
تفكير خبيث
المتأهلين للمرحلة النهائية من البرنامج تم اختيارهم بدقة عالية ،، ليحققوا اكبر نسب المشاهدة و التصويت ،، فلم يكن هناك مانعاً من المتاجرة بالقضية الفلسطينية قليلاً ،، لكي نجذب الكثير من الفلسطينين و العرب لمحمد عساف و نحول البرنامج من حالته الفنية المعتادة الى حالة وطنية و قومية ،، الفلسطينين قاموا بالتصويت لعساف برسائل ال sms بكثافة حيث اعتبروه بطل قومي يجب ان ينتصر وسط الاعداء !
الدليل على ذلك فرحتهم الكبيرة و خروجهم في مظاهرات و الجلوس على القهاوي في غزة و رام الله تأييداً لعساف ،، و التي بثتها الشاشات ! و من ثم تواصل الرئيس الفلسطيني مع القنوات وقرر تعيين عساف سفيراً للنوايا الحسنة ! اكاد اجزم ان السلطة الفلسطينية ستكتب انه من انجازاتها ان محمد عساف نال جائزة اراب ايدول !! المشكلة ان الكثيرين يعتقدون ان كل هذا كان صدفة ! و هذة قواعد اللعبة الصحيحة ،، نحن كجمهور يجب ان نقتنع ان كل شئ صدفة، بينما اذا تعمقنا قليلاً فسنجد من بداية البرنامج و لجنة الحكام تُصر على ذكر اسم فلسطين بجوار عساف ،، راغب مثلاً كان دائماً ما يشكر في الاراضي الفلسطينية التي اخرجت هذا الصوت !
حتى في الحلقة الاخيرة ،، قامت الام بي سي ببث لقطات من بيت عساف و شوارع فلسطين و انشأت فيلماً عن حياته ! و كأن البرنامج تحول الى ،، من ينتصر للقضية الفلسطينية و يصوت لعساف برسالة sms لن تكلف اكثر من دولار !! يا للهول انه عرض مغري ! انصر فلسطين بدولار واحد !! … مغري جداً ! خصوصاً لأهل فلسطين و الذين يمتلكون بعض المال ، “من يعرف الفلسطينين ، يعرف ان متوسط دخل الفرد في الضفة مثلاً اعلى بكثير من متوسط الدخل في بلد كمصر مثلا ً !!”
اما المتأهل الثاني فكانت .. فرح السورية .. لا مانع من المتاجرة بقضية سوريا بعض الوقت !! اسمع بعض الاصوات في الاستوديو اللبناني تساند سوريا ،، فرح التي اعلنت انها مع النظام السوري ،، نالت رضا مالك شركة سيرتيل “رامي مخلوف” و الذى قام بدعمها بشكل مباشر،، عندما ارسل رسائل على المحمول للمواطنين السوريين تدعوهم للتصويت لفرح ! من ناحية ربح لشركته و من الناحية الاخرى دعماً لنظامه !
اخيراً المتأهل الثالث .. احمد جمال ،،، المصري… لا يمُكن ابداً تجنب مصر في مثل هذه الحفلات ،، فالقنوات الناقلة للحدث مصرية ،، و جمهور مصر يمثل اكبر مصدر للاعلانات بالفواصل و هو ما يزيد نسب المشاهدة لتصل ل١٠٠ مليون مشاهدة في الحلقة الاخيرة للبرنامج !! كيف يُمكن نسيانه ؟ .. بعض اقاربي كنت اجلس معهم و فجأة وجدتهم يقلبون في القنوات .. يا للهول … فاتهم اول خمس دقائق من الحلقة الاخيرة التي يتواجد بها امل مصر “الشاب جمال !” يجب ان ندعمه بالتصويت مثلما دعمنا من قبل كارمن في الجزء الاول !! اخبرني بعض الاصدقاء من بورسعيد و كان من القائمين على حملة دعم كارمن ،،، انهم قاموا بالتصويت لها برسائل هاتفية بقيمة لا تقل عن 400 الف جنيه مصري !! و لم تكن في مثل هذا الاحتياج مثل احمد جمال !
و عندما خسر احمد جمال، ظلوا يتحدثون عن المؤامرات طوال الليل ! فمثلاً ،،، المغنية شيرين “المصرية” دعمت عساف لكي لا يكون هناك مطرب جيد بجانبها في مصر !
سياسة … تجارة … و في النهاية فن !
الامر كله اشبه بأكله مصرية لذيذة تُدعى “كشري” تضم اكثر من خمس مكونات مختلفة و لكنك لا تعلم ما علاقة مكوناتها ببعضها البعض ،، و مع ذلك في النهاية تجد طعمها ممتعاً و مربحاً “لصاحب المطعم” … ام بي سي .. تجيد اللعب و تجيد “الركوب” اذا وجدت هناك قبولاً اجتماعياً لشئ ما، فانها تُحسن استغلال هذا الشئ ،،،، فمثلاً عندما اعلن الرئيس اللبناني عبر حسابه على تويتر أنّه يدعم زياد خوري، غيّر هذا كثيراً في وجهة النتائج والتوقعات في التصفيات. فزياد الذي يحظى بأقل نسبة تصويت حتى الآن وكان متوقعاً خروجه، عاد ليتأهّل الى المرحلة ما قبل النهائية مقابل إخراج سلمى رشيد التي حازت نسبة تصويت أعلى منه.
و كذلك الكردية برواس حسين التي حظيت بدعم سياسي تمثل في حضور نائب رئيس حكومة كردستان للاستوديو من اجل تشجعيها !! انها فرصة رائعة لابراز اسم و علم كردستان بين الملايين من العرب ممن لا يعرفون كردستان بعد !
من يدفع اكثر … يفوز !
الامر اصبح شبيهاً بانتخابات مصرية في عصر مبارك او قل على الاقل “لعبة الهاء الجمهور” ،،، ففي برنامج الاكس فاكتور و هو برنامج مشابه ،، تعمد الفائز فيه “محمد الريفي” شكر ملك المغرب اكثر من مرة بمناسبة و بدون ! ،،، وقالت تقارير ان ملك المغرب يدعم الريفي بشدة ،، خصوصاً بعد لاقى البرنامج نجاحاً و نسب مشاهدة عالية في المغرب ! اكاد اجُزِم ان ملك المغرب دفع اموالاً طائلة ليفوز الريفي باللقب ! انها فرصة سهلة لجعل الشعب الكادح يشعر بأنه انتصر في اي شئ، حتى لو كان مزيفاً !
عندما كنت اغضب و انا صغير و اثير بعض القلاقل في البيت كانت والدتي تعطيني بعض المال لاشتري الحلوى و ابتعد عن “رأسها” قليلاً .. هذا هو المبدأ الذي يسير عليه الحكام مع شعوبهم في العالم العربي ! انهم يمارسون دور الراعي و نحن نتقمص دور القطيع !!
اذاً الحكومة التي تدفع اكثر للام بي سي ستحصل على اللقب !
عالم الانترنت و عرب ايدول !
من الملاحظ ان اكثر الكلمات بحثاً خلال الشهر الماضي على جوجل هي “اراب ايدول” ووصلت الى حد انها اكثر بحثاً من كلمة “سوريا” و اكثر الدول هي ؛ فلسطين ثم العراق ثم اليمن …..الخ . الاكثر ملاحظة هنا هو انه سيكون هناك في الجزء القادم متأهلين من العراق و اليمن !
اذاً،،،،، هل نحن العرب متخلفون جداً لهذا الحد ؟؟ …. الاجابة هي ،،”لا” ،، من يتابع ببساطة هذه البرامج هو المواطن العادي الذي قد تجده في اي بلد و في اي ثقافة !! فبرامج ( عرب ايدول و اكس فاكتور و ذا ڤويس و اراب جوت تالنت ) هي كلها نسخ محلية من تلك البرامج العالمية التي تقام في كل دول العالم و تحظى بمتابعة الملايين ،، سمعت مرة انه في احدى البرامج المشابهة في الصين ،، اصيبت شركات المحمول بعُطل ضخم ، نتيجة النسبة المرتفعة للتصويت عبر رسائل ال sms لاحدى المشتركات !!
شعور جيد ان نكون لسنا وحدنا بلهاء ! و لكن في تلك الدول يحتاج المواطنون للترويح عن انفسهم بينما لا تدخل الحكومات بشكل علني و “وقح” من اجل زيادة المشاركة في تلك البرامج !!
الحل …!
نريد ان ينشغل الناس بأمور رائعة كمشاريع وطنية و اشياء كهذه ؟ لماذا لا يكون هناك برنامج تلفزيوني للمخترعين ؟ اخر برنامج بهذا الشكل كان “نجوم العلوم” و هو برنامج قطري اُذيع على ام بي سي ايضاً و لكن لم يحظى باقبال جماهيري كبير !! ربما لأنه اصلاً لم يكن مبهراً او معداً بالشكل اللائق ،،،،، قَدِموا شيئاً مفيداً و بشكل احترافي و ستجدون اقبالاً لا مثيل له ،، اعدكم بهذا ! فشعوبنا تتحمس لمثل تلك الاشياء خصوصاً في اجواء الثورة و الرغبة في البناء ،،، فبدلاً من ان تنُشئ قنوات الجزيرة قناة خاصة بنقل المظاهرات من مصر و تخصص قنوات روتانا قناة مصرية سياسية و قنوات الام بي سي ايضاً كذلك ،،،، كنا ننتظر قناة واحدة ،، واحدة فقط تهتم بالتكنولوجيا مثلاً او ريادة الاعمال ،،، و ان تعرضها في شكل سهل محبب و لذيذ ببرامج ضخمة و استوديوهات احترافية تجعلها مقربة للنفس !!
المشروع و المصنع !
المشروع هو برنامج تلفزيوني سيعرض في شهر نوفمبر او اكتوبر ،،، يحمل نفس الفكرة ،، سيتنافس فيه ١٤ مشروع مختلف على جائزة كُبرى في النهاية ،،، انضممت في فترة كمتطوع مع فريق العمل و وجدتهم يعملون باحترافية لاخراج البرنامج بصورة جيدة و مفيدة ،، و لكن الغريب ان تكون صاحبة الفكرة هي سيدة اجنبية ،، انشئت هذا البرنامج في الغرب و تريد نقل الفكرة للعالم كله من اجل نشر فكر ريادة الاعمال و التشجيع على المشاريع !
اتمنى يوماً ان اكتب عن نجاحات البرنامج و ارباحه و طريقة عمله ،،، وقتها سأكون سعيداً بتصويت الجمهور و مساندة الحكومات لمشاريع ابناء شعبها كذلك اتمنى كل التوفيق لبرنامج “المصنع” و هو ايضاً مشابه و لكن خاص بالمصانع .
على الجانب : وجدت مؤخراً ان موقع درين ديل “المصري” تم اغلاقه نهائياً ! ،،، الموقع الخاص بالصفقات اليومية و الذي بِيعت نسبة ٥١٪ منه مقابل ٢٠ مليون جنيه في وقت سابق هذا العام ،،،، اعتقد ان الفقاعة قد انفجرت بالفعل و اغرقت الجميع بمن فيهم “الاول” و “الكبير” و “القوي” … هل تذكرون مقالي السابق بخصوص نظرية الفقاعة ؟
المصدر : اراجيك