أخبار الساعة » الاقتصادية » عربية ودولية

مطالب لواشنطن بضرورة الابتعاد عن انتخابات "الربيع العربي"

-

طالبت مجلة "فورين بوليسي" واشنطن بضرورة الابتعاد عن الانتخابات في دول "الربيع العربي" التي شهدت ثورات أطاحت بحكومات استبدادية، مذكِّرةً في هذا الصدد بتداعيات تدخلها في صياغة الدستور العراقي.
وأشارت المجلة الأمريكية ذائعة الصيت إلى أن الشعوب في تلك المجتمعات على وشك أن تشترك في عملية غير مسبوقة بالنسبة لها –بينما سبق لها أن عاشت جميعها في ظل دساتير أخرى من قبل، كانت مُسَخَّرة عموماً لخدمة الحكومات الاستبدادية.

وقالت إن هذه الوضعية التي تغيرت الآن، بعد أن تولدت رغبة لدى الشعوب في صياغة دساتيرها بما يسمح لها العيش بصورة ديمقراطية.
ونبهت "فورين بوليسي" في هذا الصدد إلى ضرورة ابتعاد الولايات المتحدة عن هذا الشأن، وأن تتعلم مما سبق أن حدث بعد تدخلها في عملية صياغة الدستور بالعراق وما نجم عن ذلك من تداعيات.
وبررت المجلة وجهة نظرها بخمس نقاط، أولها هو أنه حين تمنح جهات خارجية نصيحتها، فإنها تميل لطرح سؤال مجرد هو : ما هو أفضل دستور يمكن وضعه لمجتمع ما ؟ ورأت المجلة أن تلك الجهات لا تكون جاهلة في الغالب فحسب بذلك المجتمع، بل تنسى أيضاً أن صياغة الدستور هي عملية سياسية بامتياز. كما يُنتَظر أن يكون الدستور الجديد في تلك البلدان بمثابة الاختبار الأول للتوازن الجديد للقوى السياسية.
وثاني النقاط التي تحدثت عنها المجلة هي المتعلقة بأن الدولتين المصرية والتونسية ليستا دولتين فاشلتين أو محتلتين، حتى ينجح الغرباء في الترويج لأفكارهم هناك.
أما النقطة الثالثة فتدور حول أن العالم العربي يمتلك في واقع الأمر مجموعة طويلة من التقاليد الدستورية التي ستعمل بمثابة الاحتياطي أو الذخيرة لجهود الصياغة. أما النقطة الرابعة فهي أن التجربة الأميركية، من المنظور الدستوري، تعتبر غريبة للغاية، وتعتبر كذلك نتاج لطريق ثوري مختلف تماماً.
وفيما يتعلق بالنقطة الخامسة التي أبرزتها فورين بوليسي في هذا الشأن فهي تلك التي تدور عن أن الولايات المتحدة تمتلك سجلاً طويلاً من استيعاب الحكم الاستبدادي.
ورغم ذلك، رأت "فورين بوليسي" أن بمقدور واشنطن القيام ببعض الأمور التي قد تساهم بشكل أو بآخر في إنجاح العملية الانتخابية بمختلف البلدان التي هبت عليها نسائم الربيع العربي هذا العام، بعيداً عن الانخراط التام في تلك العملية أو الاكتفاء بمجرد المشاهدة.
وأوضحت أن أول هذه الأمور هو أن بمقدور أمريكا التحدث عن أن سيادة القانون قد تكون مجدية دولياً وكذلك داخلياً.
والأمر الثاني هو أن الولايات المتحدة قد يكون بمقدورها تقديم المساعدة التقنية النزيهة، وقصدت المجلة الأمريكية هنا تقديم المشورة المفيدة بشأن الطريقة التي تبني من خلالها العديد من الدول هياكل للإشراف على الخدمة المدنية أو ضمان امتلاكها القدرة على تجميع قوائم ناخبين عادلة. والأمر الثالث هو أن أمريكا تحظى بتأثير مع جهات معينة وميل لمكافحة الآخرين.
ويرى مراقبون أن بلدان الربيع العربي سترفض أي تدخل ولو كان من قبيل هذه الأمور التي ذكرت المجلة الأمريكية أن بإمكان واشنطن المساهمة بها لإنجاح العملية الانتخابية فيها. ويدللون على ذلك بماضي الولايات المتحدة سيئ السمعة في قمع الحريات ومساندة الحكومات الاستبدادية ورفض التعامل مع بعض الهيئات التي جلبتها العملية الانتخابية إلى السلطة، كما حدث في حالة حركة حماس.
وختمت مجلة "فورين بوليسي" بتأكيدها على ضرورة التعامل مع تلك التحديات بصورة مختلفة، خاصة وأن واشنطن مستعدة لرؤية الهياكل الدستورية المصممة في العالم العربي.
هذا ومن المنتظر أن يبدأ نهاية هذا الشهر الممثلون المنتخبون من جانب الناخبين التونسيين مهمتهم المتعلقة ببناء نظام سياسي جديد لبلادهم. وإذا سارت الأمور على ما يرام، فإن المصريين والليبيين سيسيرون على النهج ذاته، بإقدامهم على وضع دساتير جديدة.

 

المصدر : مفكرة الإسلام

Total time: 0.049