اخبار الساعة - متابعة
صحيفة الديلي بيست الأميركية في عددها الصادر اليوم الأربعاء 18 يناير/ كانون الثاني 2017 انطلقت من تصريح لمسؤول تركي قال فيه، إن أجهزة المخابرات التابعة لدولة أخرى قد لعبت دوراً في الاعتداء، لتربط بينه وبين تصريحات أخرى لمسؤول سوري تضمنت تلميحات لتعاون بين مخابرات بلاده وتنظيمات إرهابية، مستعرضاً الهجمات الأخيرة في تركيا.
واعتقلت السلطات التركية المواطن الأوزبكي المتهم بقتل 39 من المحتفلين بالعام الجديد بأحد الملاهي الليلية بإسطنبول في وقت متأخر من مساء الإثنين، 16 يناير/كانون الثاني، بصحبة ثلاث سيدات ومبلغ كبير من المال، وهو مشهد أثار تساؤلاً عما إذا كان متطرفو تنظيم الدولة “داعش” الذين أعلنوا عن مسؤوليتهم عن الاعتداء الإرهابي قد استأجروا ذلك الشخص لتنفيذ العملية. وقد أشارت الحكومة التركية إلى تعاون أحد أجهزة الاستخبارات مع ذلك القاتل.
وتم اعتقال عبد القادر مشاريبوف البالغ من العمر 33 عاماً بإحدى الشقق بحي اسنيورت على الجانب الأوروبي من إسطنبول بعد مطاردة دامت 16 يوماً. وذكر والي إسطنبول واصب شاهين، أن مشاريبوف أقرَّ بمسؤوليته عن الحادث، وتطابقت بصماته مع تلك البصمات التي وُجدت بملهى رينا الليلي المطل على البسفور.
وذكر أيضاً أنه كان واضحاً أن مشاريبوف قد دبر الاعتداء نيابة عن تنظيم داعش.
ومع ذلك، فقد أثارت عملية الاعتقال العديد من التساؤلات، حيث وُجد مشاريبوف مختبئاً تحت السرير بالشقة، على النقيض من أتباع تنظيم داعش الذين يرتدون حزاماً ناسفاً، ويفضلون الموت على الاعتقال.
وقد تم اعتقال أربعة أشخاص معه، من بينهم رجل عراقي وثلاث نساء إفريقيات. وذكرت وكالة أنباء الأناضول شبه الرسمية، أن شركاءه من مصر والصومال والسنغال، وهو أمر غير معتاد في العمليات التي يقترفها التنظيم، حيث من المعروف أنه متزوج من امرأة أوزبكية.
وقد وجدت الشرطة أيضاً مبلغاً كبيراً من المال (197 ألف دولار) إضافة إلى مسدسين وشرائح هاتف خلوي. ولم يكن المبلغ المالي ملائماً لنمط عمليات تنظيم داعش السابقة في تركيا، حيث إنه مبلغ يبدو أكبر مما يلزم للفرار من أكبر المدن التركية.
وحتى لو كانت النساء الثلاث زوجات مشاريبوف، فمن غير المعتاد أن يختبئ رجل آخر بنفس المنزل وفقاً لتعليمات الإسلام التي من المفترض أن يطبقها التنظيم. وقد ذكر شاهين أن مشاريبوف إرهابي مُدرَّب تدريباً جيداً ويتحدث أربع لغات، هي: الصينية والعربية والتركية والروسية، بحسب وسائل الإعلام المحلية.
وذكر شاهين أيضاً أنه تلقى التدريب في أفغانستان وباكستان. كان تنظيم داعش يوطد أقدامه هناك في أوائل عام 2016، حينما انتقل مشاريبوف إلى تركيا بصورة غير قانونية، بحسب ما ذكر شاهين. وبذلك يبدو أنه قد تم تدريبه على يد جماعة طالبان أو تنظيم القاعدة، الذي لم يكن قد رحل عن البلاد تماماً رغم التدخل الأميركي في أعقاب اعتداءات 11 سبتمبر/ أيلول 2001. ويزيد ذلك من إمكانية تجنيد التنظيم له من بين مجموعة الآسيويين المقيمين في تركيا.
ولم تُدل السلطات التركية بأي تعليق حول ما إذا كان مشاريبوف قاتلاً مستأجراً، وليس متطرفاً دينياً تم تدريبه من قبل داعش. وتم تصوير مشاريبوف أثناء القبض عليه من داخل الشقة التي كان يختبئ بها وكان مصاباً بجرح أعلى حاجبه وتتناثر الدماء على وجهه وقميصه.
وقد أوضح التلفزيون المحلي وجود ملابس متناثرة بالشقة وطعام على مائدة المطبخ، وأطباق ملقاة بالحوض، ونسختين من القرآن، إحداهما بالخزانة والأخرى على المائدة.
وذكر أحد كبار المسؤولين، أن أحد أجهزة المخابرات التابعة لدولة أخرى قد لعبت دوراً في الاعتداء، الذي أودى بحياة 39 شخصاً وأدى إلى إصابة 69 آخرين.
وقال نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتولموش يوم الإثنين إن “الاعتداء الذي تم تنظيمه والتدريب عليه بصورة جيدة” ليس عملاً تقترفه منظمة إرهابية فحسب، بل شاركت به منظمة استخبارية أيضاً. ولم يذكر اسم أي دولة. وأضاف مسؤولون أتراك آخرون أيضاً أنه لا يوجد لديهم أي تفاصيل.
لم يمض سوى 75 دقيقة منذ بدء العام الجديد حينما اقترف مشاريبوف فعلته بملهى رينا الليلي.
فقد وصل إلى الموقع الكائن بحي أورتاكوي بإسطنبول مستقلاً سيارة أجرة وأخرج بندقية نصف آلية من حقيبة بصندوق السيارة، ثم توجه نحو الملهى وشرع في إطلاق النار أولاً خارج المدخل، ثم داخل الملهى، ثم صعد إلى الطابق العلوي. وبعد سبع دقائق من إطلاق النار قام بتغيير ملابسه وترك سلاحه وخرج إلى الشارع واستقل سيارة أجرة أخرى. وذهب في البداية إلى شقة في حي زيتنبورنو، حيث اصطحب ابنه البالغ من العمر أربع سنوات وفرَّ ليلاً، وفق ما ذكرته وسائل الإعلام المحلية.
وشارك نحو 2000 شرطي في المطاردة بإسطنبول وحدها، إضافة إلى قوات الأمن من مدينة قونيا، حيث كان يقيم مشاريبوف حتى أواخر 2016 في هاتاي، على الحدود السورية وفي أزمير، وهي مدينة كبرى تطل على ساحل بحر إيجه، حيث يقطن أقارب المواطن الأوزبكي. وقد انتقل عدة مرات خلال الـ16 يوماً الماضية ويُعتقد أنه قد وصل إلى اسنيورت في وقت متأخر من مساء السبت. كانت الشرطة تراقب خمسة مواقع مختلفة حينما بدؤوا عملية المداهمة.
ورغم أن المسؤولين الأتراك لم يشيروا بأصابع الاتهام إلى أي جهاز استخباراتي أجنبي، إلا أن التفسير الأكثر منطقية يشير إلى الاستخبارات السورية، التي تعاونت في الماضي مع جهاديي داعش، بحسب ما ذكره موقع “الدايلي بيست”.
ومنذ أسبوعين، تباهى أحد كبار أعضاء البرلمان السوري بقدرة الاستخبارات السورية على اختراق الجماعات المتطرفة واطّلاعها على أنشطتها الإرهابية.
وفي حوار له مع التلفزيون السوري، ذكر خالد عبود، أمين البرلمان السوري “هل تتساءلون أين داعش وجبهة النصرة وكل تلك الفصائل الثورية الجهادية؟”. (كان يشير إلى تنظيم داعش من خلال أحرفه الأولى باللغة العربية وإلى جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة التي غيَّرت اسمها).
وتساءل “إنهم في ضواحي دمشق. فلماذا لا يتم قصف دمشق؟ فلماذا تحدث تلك التفجيرات في المدن التركية؟”
وتابع: “اخترقت المؤسسة الأمنية السورية وجهاز الاستخبارات السوري تلك الشبكات. وتمكنت من السيطرة على الهياكل الرئيسية بالداخل. وأرى بالتالي ما يحدث في تركيا، لا أحد يستطيع أن يمنع ذلك دون التعاون مع المؤسسة الأمنية السورية”.
وذكر أن الدولة السورية “تعي الجوانب الهامة لما يحدث في الأردن وتركيا”، ولكنه أضاف أن هناك فارقاً بين “معرفة تلك العمليات وإدارتها بالفعل”.
ولم تدلِ الاستخبارات المركزية الأميركية ومركز مكافحة الإرهاب الأميركي بأي تعليق حول البيان الذي أصدره عبود.