اخبار الساعة - متابعة
أعدت صحيفة “هافينغتون بوست” الأمريكية تقريرا عن ثورات الربيع العربي التي اشعلت منطقة الشرق الأوسط بعدما فجرها التونسي محمد البوعزيزي في السابع عشر من ديسمبر 2010, عندما أقدم على إشعال النار في نفسه احتجاجا على مصادرة تعسفية لعربة خضروات يملكها، وهو ما أدى إلى اشتعال ثورة الياسمين في تونس وبدء موجة من الاضطرابات في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط اصطلح على تسميتها بالربيع العربي.
وأضافت الصحيفة الأمريكية في تقرير ترجمته وطن أنه بعد ست سنوات، لا يزال هناك آمال لم تتحقق، بل أعطى ذلك الربيع فرصة لبدء فصل من الركود الاقتصادي والعنف السياسي الذي أغرق سوريا وليبيا واليمن في حرب أهلية دامية، كما أدى إلى اضطرابات واسعة النطاق في مصر والعراق والبحرين، وهدد بزعزعة استقرار الحكومات العربية في المغرب والمملكة العربية السعودية.
ولفتت هافينغتون بوست إلى أن الحدود الحديثة في الشرق الأوسط هي إلى حد كبير إرث ما بعد الحرب العالمية الأولى ونتيجة التشريح الأوروبي للإمبراطورية العثمانية بناء على سلسلة من المعاهدات، لا سيما اتفاقية سايكس بيكو سيئة الصيت التي قسمت الشرق الأوسط مع قليل من الاعتبار إلى العرق أو الدين أو الثقافة أو التاريخ.
واستطردت الصحيفة أنه سعت حركة ما بعد الحرب العالمية الثانية في عموم العرب بالاحتكام إلى الوحدة الثقافية العربية الواسعة في سياق وطني وعلماني واشتراكي، وبدافع من الثورات العسكرية المستوحاة من ثورة أتاتورك في تركيا بعد الحرب العالمية الأولى، سعت هذه الأنظمة لخلق نفس الأنظمة الحديثة العلمانية في العالم العربي، ولكن فشلت تلك الأيديولوجية في تحسين معيشة المواطن العادي، وبدلا من ذلك فإن العديد من تلك الحكومات التي يقودها الجيش أصبحت أكثر فسادا.
وفي ليبيا وسوريا واليمن، فإن الثورات الشعبية أدت في نهاية المطاف إلى حروب أهلية دموية أسفرت عن مقتل مئات الآلاف من المدنيين، وفي تونس تم استبدال الحكومات القائمة وتم تشكيل حكومات أكثر ديموقراطية من السابقة في عهد المخلوع زين العابدين، وفي مصر أطيح بالرئيس حسني مبارك وجلبت انتخابات شعبية لاحقة حكومة الإخوان بقيادة محمد مرسي إلى السلطة، وانتهى الأمر بانقلاب عسكري أسقط حكم الإخوان قاده الجنرال عبد الفتاح السيسي. أما في البحرين سعى المتظاهرين الشيعة عبر الدعم السياسي والمالي من إيران إلى التظاهر ضد الحكومة السنية بقيادة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ودفعت المظاهرات إلى تدخل قوة عسكرية سعودية وإماراتية لإخماد المظاهرات.
وتساءلت هافينغتون بوست: ما هو إرث الربيع العربي؟ معتبرة أن النتيجة الأكثر إلحاحا هي ثلاثة حروب أهلية زعزعت استقرار المناطق المحيطة بها وأوجدت أعداد كبيرة من الجهاديين، وقد أدت هذه الصراعات لانتشار الأسلحة غير المشروعة في جميع أنحاء هذه المناطق وانتشار الحركات الجهادية التي من شأنها أن تزعزع استقرار الحكومات المحيطة بها.
والنتيجة الثانية هي الركود الاقتصادي على نطاق واسع في جميع أنحاء الشرق الأوسط نتيجة الفوضى السياسية التي صاحبت الربيع العربي، كما أثر انتشار الجماعات الجهادية أيضا على النمو الاقتصادي، خاصة وأن السياحة صناعة رئيسية في مصر وتونس والأردن، وهو الأمر الذي أدى إلى أن عائدات السياحة في مصر وتونس قد انخفضت بنسبة 40 في المئة على مدى السنوات القليلة الماضية، ولقد أدى الانخفاض في أسعار النفط في المملكة العربية السعودية وغيرها من دول النفط إلى تراجع النمو الاقتصادي وبرامج المساعدات في المنطقة؛ مما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة والبؤس الإنساني.