أرسل رئيس الانقلاب، عبدالفتاح السيسي، وزير ثقافته حلمي النمنم، المعروف في الأوساط الإعلامية والثقافية العربية بأنه "عدو الوهابية"، كمبعوث شخصي له، لتمثيل مصر، في افتتاح مهرجان الثقافة والتراث السعودي (الجنادرية)، الأربعاء.
وفي بيان أصدرته مساء الأربعاء، قالت وزارة الثقافة المصرية إن الملك سلمان أبدى إعجابه بمحتويات الجناح المصري في مهرجان "الجنادرية"، مضيفة أن الملك سلمان قال: "مصر قامت مرة أخرى.. مصر عادت من جديد".
وبحسب البيان: جاء ذلك لدى افتتاح الملك سلمان مساء الأربعاء، لفعاليات الدورة الحادية والثلاثين للمهرجان، بحضور وزير الثقافة المصري حلمي النمنم، الذي ألقى كلمة في الافتتاح.
وفي كلمته، أمام الملك سلمان، شدَّد النمنم على عمق ورسوخ العلاقات بين مصر والسعودية، "رغم بعض العواصف والزوابع التي تنشط بين حين وآخر"، وفق تعبيره.
وأضاف أنه لا يمكن لأحد أن يهز العلاقات المصرية السعودية المتجذرة في التاريخ، على حد وصفه.
وتابع النمنم: "عندما تأسست السعودية، ظلت العلاقات محكومة بروابط الأخوة بين جلالة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن، وجلالة الملك فؤاد الأول ملك مصر، وتواصلت من يومها العلاقات بين الدولتين لتشكلا رمانة الميزان في عالمنا العربي المضطرب بالكثير من الصراعات والأزمات، ويعول الكثيرون في منطقتنا على عمق هذه العلاقة لتخرج بعالمنا العربية إلى بر الأمان في ظل وجود القيادتين الحكيمتين للبلدين الشقيقين".
ورأى مراقبون في مشاركة النمنم بالمهرجان، على غير العادة في السنوات الماضية، وكلمته التي أشاد فيها بالتراث الإسلامي المشترك الذي يجمع مصر والسعودية، على الرغم من موقفه المعروف باعتباره "عدو الفكر الوهابي"، رسالة "غزل" واضحة من السيسي إلى القيادة السعودية، يحاول بها إزالة آثار التسريبات التي بثتها فضائية "مكملين"، مساء الثلاثاء، لمكالمات هاتفية جرت بين وزير الخارجية سامح شكري وبينه، وأظهرت تقاربا سياسيا خفيا بينه وبين إيران.
واحتفى الإعلام المصري، بالتصريح المنسوب للملك سلمان: "مصر قامت مرة أخرى.. مصر عادت من جديد"، رغم أن هذا التصريح لم يتم تأكيده من أي مصدر سعودي.
وأبرزت الصحف المصرية، كافة، التصريح نفسه للعاهل السعودي، ما اعتبره مراقبون حرصا من الإعلام المصري الموالي للسيسي على مغازلة القيادة السعودية، وإظهار الأمر كما لو لم يكن للتسريبات أي تأثير على العلاقات، وذلك على الرغم من عدم صدور أي رد فعل سعودي رسمي عليها حتى الآن.
واحتوت التسريبات على مكالمات عدة بين شكري والسيسي، تتعلق بمواقف نظام السيسي من دول الخليج، وتظهر إصراره على التقارب مع إيران على حساب الرياض.
لماذا "النمنم" الآن بعد التسريبات؟
من جهتهم، أبدى مراقبون دهشتهم من إرسال السيسي في هذا التوقيت للنمنم إلى السعودية، على الرغم مما يمتلكه من تاريخ طويل من مهاجمة السعودية والوهابية، حتى قال في حواره مع برنامج "نظرة" عبر فضائية "صدى البلد"، إن "مصدر الإرهاب في العالم بأكمله هو حسن البنا وسيد قطب، والوهابية".
ولدى انتقاد الإعلامي السعودي، جمال خاشقجي، لتعيينه وزيرا للثقافة بمصر، مشيرا إلى أنه ليس بناقد للوهابية بل يمقتها ويحملها كل مصائب بلده، ردَّ عليه النمنم قائلا إنه سيواصل انتقاد الفكر الوهابي.
يُذكر أن مصر تحل "ضيف شرف" على مهرجان "الجنادرية" هذا العام، فيما ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط أن "خادم الحرمين الشريفين بدأ جولته في أجنحة الجنادرية بافتتاح الجناح المصري، وكان بصحبته السفير المصري بالرياض ناصر حمدي، وعدد من كبار مسؤولي وزارة الثقافة المصرية، والمسؤولين السعوديين".
وتستمر فعاليات المهرجان والمشاركة المصرية حتى يوم 19 شباط/ فبراير المقبل، وتتخللها أمسيات شعرية واحتفالات فنية ومعارض للفنون التشكيلية والخط العربي والحرف التقليدية.