اخبار الساعة - محمد حسين النظاري
• ما حدث في الرياض مساء أمس الأربعاء الموافق 23 نوفمبر 2011م لهو حدث تاريخي بكل المقاييس، لأنه انتصار للشرعية الدستورية التي ظللنا ننادي بمبادئها طيلة العشرة الأشهر الماضية والمتمثلة في جعل الصندوق وسيلة للانتقال السلمي والآمن للسلطة في بلد انتهج الديمقراطية وارتضاها نهجاً لا يمكن الحياد عنه.
• لحظة توقيع فخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح حفظه الله ورعاه وحفه بالبطانة الصالحة مع أشقائه في الحزب الحاكم وحلفائه وأحزاب اللقاء المشترك وشركاؤه مثّلت تلك اللحظة قمة ما يتمتع به هذا الرجل الحكيم الذي لم يمانع منذ انطلاق الأزمة السياسية من تسليم السلطة ولكن وفق أسس واضحة المعالم ترتكز في الأساس على ما سبق من انتخابات رئاسية ليكون الخلف منتخباً، لقد وفق اله فخامة الأخ الرئيس في أن لا يسلم بلاده للفوضى التي نشاهدها في دول عربية شقيقة نسال الله أن يرفع ما بها وان يعيد لها ولوطننا الأمن والاستقرار.
• ارفع رأسك أيها الرئيس الصالح فأنت يمني، وليرفع معك كل مواطن رأسه عالياً لأنه يمني يتمتع بالحكمة التي قالها المصطفى صلى الله عليه واله وصحبه وسلم، لنرفع رؤوسنا حتى تعانق السماء لأننا صنعنا واقعاً مختلفاً لما يُسمى (بالربيع العربي) أرادوه في اليمن فوضى فحرفنا مساره نحو شاطئ العبور الآمن، أرادوه تجزئة فصنع منه اليمنيون في السلطة والمعارضة وحدة توافقية عندما غلبوا النوايا الحسنة ليخلقوا بداية طيبة لنهاية كان يراد لها أن تكون مأساوية.
• فخامة الأخ الرئيس لقد ضربت أروع مثال في الصبر حين أوذيت سباً وشتماً، وترفعت ليس فقط عن سفافس الأمور وصغارها، بل وسموت على أن ترد بالمثل لمن أرادوا لك بالموت ومعك كبار رجال الدولة وانتم واقفون بين يدي مولاكم في بيت من بيوته وشهر من اشهره الحرم بل وفي جمعة يقدسها اليمنيون كونها أول جمعة دخلوا فيها هذا الدين الحنيف، أرادوا أن يقتلوك فأحياك الله مرتين مرة بصورتك الجسدية ومرات في قلوب محبيك ومؤيديك، لقد أنجاك المولى عز وجل لأنه اطلع في سابق علمه الأزلي على أنك عبده الذي سيعبر بهذه الأمة نحو الخير.
• ارفع رأسك أيها اليمني يا من خرجت مناصراً ومدافعاً ليس عن شخص ولي الأمر فقط بل عن وطن يمثل الانتصار لولي الأمر كائناً من كان لأن طاعته مقرونة بطاعة الله ورسوله، واعلم أن ولي الأمر لم يخذلك يوماً، فكما تمسكت أيها الشعب الوفي بمبادئك كان الأخ الرئيس لا يقل تمسكاً عنك بمبادئه التي أعلن عنها والممتثلة في عدم تسليم الوطن والمواطنين للفوضى بل عبر صناديق الانتخابات، وهو لم يغير موقفه بل الآخرين رأوا في موقفه الصواب فوافقوه .
• ارفع راسك أيضاً أيها اليمني يا من خرجت معارضاً وناشداً للتغير وعبّرت بما تريد قوله وفعله، واعلم انك لو كنت في بلد غير اليمن لخرجت ملثماً أو متخفياً، ولكنها الديمقراطية التي أرسى قواعدها فخامة الأخ الرئيس ومعه الشرفاء من أبناء هذا الوطن، فلولا ما نتمتع به من حرية في التعبير لما سمع بصوتك أحد ولما رآك العالم وأنت تفترش الميادين منذ عشرة اشهر .
• ارفع رأسك أيها الشاب اليمني الطاهر المنادي بالتغيير المبني على أسس مبادئها التعمير لا التدمير، وركائزها اجتثاث المفسدين لا احتضانهم، وأسوارها محبة الوطن لا استعداء الآخرين عليه قصد فرض العقوبات تارة وضربه عسكرياً تارة أخرى.
• ارفع رأسك أيها المعارض الشريف الذي أيقنت أن الخير في قبول المبادرة الخليجية وآليتها المزّمنة، فتحية للشرفاء في أحزاب اللقاء المشترك الذين انتصروا للحق ووقعوا بالرياض مع إخوتهم في الحزب الحاكم وثيقة لا تغيض إلا الأعداء ولا تُسعد إلا الأحبة، وإذا كان الشيطان أغيض ما يكون في يوم عرفة نظراً لاجتماع المسلمين على صعيد واحد، فإن شياطين الإنس هم اليوم أغيض ما يكونون، وقد وجدوا اليمنيين يقفون في صف واحد سلطة ومعارضة، لأنهم يدركون أن مكرهم لم يحق إلا بهم.
• إن اليمن يرفع الرأس ليس لمواطنيه فحسب بل لكل عربي وهذا ما ظهر في كلمات خادم الحرمين الشريفين الذي له كل الشكر على مواقفه الشريفة، وأمين عام مجلس التعاون الخليجي ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، والذين عبّروا في كلماتهم عن سعادتهم لأنهم وجدوا في اليمنيين ما لم يجدوه في غيرهم، وجدوا فيهم الحكمة التي هي ضالة كل مؤمن، فهنيئا لليمن أرضاً وشعباً وقيادة على ما تحقق من توافق وطني .
• إن فرحتنا الكبيرة ينبغي ألا تنسينا أننا لم نخطو بعد إلا الخطوة الأولى نحو الاستقرار، وان التوقيع ما هو إلا البوابة الرئيسية التي سندخل منها جميعاً نحو الغد المشرق شريطة أن تظل النوايا الحسنة قائمة بين اليمنيين، وان تظل المراقبة والمتابعة حاضرة من قبل أشقائنا الخليجيين وأصدقائنا في المجتمع الدولي، حتى لا ينكث أي طرف بالمبادئ التي وقع واتفق عليها.
• إخوتنا وأعزائنا في الساحات والميادين لو قرأتم ما في المبادرة وآليتها التنفيذية بعين العقل لوجدتهم أنها تجسد وتحقق ما خرجتم من اجله انتم يا من ليس لكم مطامع سياسية، بل كان كل همكم أن يذهب الفساد وان ننطلق من النقطة التي نحن فيها، وها هي مطالبكم قد تحققت بأقل الخسائر، وبتغيير سلمي معاكس تماماً لما حدث وما زال يحدث في بلدن أخرى، فقد سقطت كلمة ارحل، ونفيت الأفكار التي تعتمد على إقصاء الآخر وإلغائه .
• إذا كانت الانتخابات هي مقصد كل الدول التي دمرها الربيع العربي دون أن تجرى بها أي انتخابات رئاسية لحد الآن، ونحن وحدنا بإذن الله من سنسبقهم جميعاً للانتخابات الرئاسية، لأن الأساس الذي لدينا ليس لديهم من تعددية حزبية وانتخابات محلية وبرلمانية ورئاسية، فهم سينطلقون من الصفر أما نحن فسنبني على ما شيدناه طيلة هذه السنين إن صدقنا الله فيما سنقدم عليه.
باحث دكتوراه بالجزائر
mnadhary@yahoo.com
|
|
|
|
|