تسائلت صحيفة عاجل السعودية عن من يفجر الخلافات بين "هادي" والإمارات في اليمن؟، في تحليل لها اوردت عدة احتمالات لتضع حزب الإصلاح في دائرة الاتهام.
وفيما يلي نص ما اوردته الصحيفة:
لم يُنهِ وصول الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، إلى المملكة قادمًا من الإمارات، حالة الجدل التي غذّتها شائعات عن خلافات وصراعات نفوذ بين حكومته والإمارات، وسط مزاعم عن لجوء "هادي" لقطع زيارته "القصيرة المفاجئة" لأبوظبي، دون أن يلتقي ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بحسب ما كان مخططًا له.
وترافقت زيارة "هادي" للإمارات مع الذكرى الثانية لانطلاق عملية "عاصفة الحزم" التي تقودها المملكة العربية السعودية، لإعادة الشرعية في اليمن، وسط تأكيدات من إذاعة "مونت كارلو" الدولية بأن "هادي" ذهب للإمارات كي يبحث مع مسؤوليها الملف الأمني في مدينة عدن، والتنسيق بين القوات الحكومية وحلفائها الجنوبيين (المدعومين من أبوظبي) في معركة الساحل الغربي.
وتوقف مراقبون أمام مشهد وصول "هادي" للإمارات، حيث استقبله في مطار أبوظبي، رئيس جهاز المخابرات الإماراتي، اللواء علي محمد الشامسي، والمبعوث الإماراتي الخاص لليمن، العميد علي محمد الأحبابي، وسفير الإمارات لدى اليمن سالم بن خليفة الغفلي، فيما فضّل "هادي" للمرة الأولى اصطحاب مدير مكتبه فقط، على خلاف زيارات سابقة رافقه خلالها وزراء بحكومته.
شائعات
وفيما قال مستشار "هادي"، ياسين مكاوي، إن "زيارة الإمارات هدفها تعميق العلاقات بين البلدين الشقيقين٬ وإن هناك تنسيقًا كاملًا، لا سيما في إدارة العمليات العسكرية"؛ فإن مزاعم وشائعات تحدثت عن كثير من التفاصيل (التي لم يتأكد لـ"عاجل" مدى مصداقيتها) بأن "هادي" كان قد اتفق (عقب واقعة شهدها مطار عدن) على لقاء ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد شخصيًّا، لبحث ما حدث، لكنه فوجئ عند وصوله أبوظبي بأن من ينتظره هو مدير المخابرات العامة الإماراتي، وأن جدول أعمال "بن زايد" لن يسمح بلقاء مشترك، فغادر أبوظبي غاضبًا.
لكن معلومات أكدت أن ما يجري ترويجه في هذا الشأن من شائعات حول وجود خلافات بين "هادي" والإمارات تقف خلفه مجموعات تنتمي لحزب الإصلاح (الجناح السياسي لجماعة الإخوان في اليمن)، وأن هذه المجموعات هي التي روجت واقعة مطار عدن.
والتفاصيل المتعلقة بواقعة مطار عدن الدولي تُفيد بأن الإمارات تدعم قائد حماية أمن المطار، المقدم صالح العميري (أبو قحطان)، الذي تصفه حكومة "هادي" بأنه منشق عن الشرعية، وأن الأزمة بدأت عندما منع "العميري" طائرة "هادي" من الهبوط، بحجة عدم تسليم الحكومة رواتب حراسة المطار، ومن ثمّ سارعت الطائرة بالهبوط في مطار سُقطرى.
وتشير المزاعم نفسها إلى أنه قبيل اقتحام قوة من الحماية الرئاسية (يقودها نجله: ناصر عبدربه) للمطار، والسيطرة عليه، اتصل "هادي" بالإماراتيين طالبًا منهم سحب قائد حراسة المطار الذي رفض الانصياع لتوجيهاته، لذا أرسلت الإمارات طائرة "أباتشي" لاصطحاب "العميري" إلى البريقة (شمال غربي عدن)، تمهيدًا لنقله لاحقًا خارج اليمن.
تشكيك
وتروج مواقع إخوانية تسريبات محسوبة على ناشطين في حزب الإصلاح باليمن، تزعم أن الخلافات بين "هادي" والإمارات وصلت حد التشكيك في طبيعة الدور الإماراتي المساند للشرعية، وقد تسببت هذه التسريبات في إحراج قيادات محسوبة على جبهة الشرعية، بدليل مبادرة رئيس الهيئة العليا لحزب الإصلاح محمد اليدومي، إلى توجيه رسالة واضحة إلى كوادر حزبه (عبر حسابه بموقع فيسبوك) قال فيها: "إلى المصابين بقصَر النظر، الذين نخشى عليهم من عمى البصيرة: دول التحالف، لا سيما المملكة العربية السعودية والإمارات -قادة، وشعوبًا- يسكبون على ثرى أرضنا دمًا وليس ماء.. أفلا تعقلون!".
وكانت التسريبات (مجهولة المصدر) زعمت أن الإمارات نقلت ملف "هادي" من التعاطي معه سياسيًّا كـ"رئيس دولة" إلى مجرد مسؤول أمني فقط، واستشهدت التسريبات في ذلك بمستقبليه في مطار أبوظبي الدولي، ولم تتوقف التسريبات عند هذا الحد، لكنها تحدثت عن تفاصيل أخرى مفادها أن الإمارات باتت تقود حربًا على الشرعية في اليمن من أجل إعادة رجلها، رئيس الوزراء المقال خالد بحاح، إلى الواجهة مجددًا، لا سيما وأن الإطاحة بـ"هادي" وفقًا لهذه المزاعم تعني الترسيخ لعودة "بحاح" إلى قمة الشرعية، بعدما أصدر "هادي" في إبريل 2016 قرارًا جمهوريًّا بإعفاء نائبه، رئيس الحكومة السابق، خالد بحاح، من منصبه!.
تحريض
وفي سبيل الترسيخ للشقاق بين الإمارات (عضو التحالف العربي لدعم الشرعية) واصلت التسريبات المجهولة التي يجري الترويج لها على أوسع نطاق، الإشارة إلى أن الإمارات تتمتع بنفوذ واسع في مدينة عدن ومحيطها جنوبي اليمن، ما يجعلها "صاحبة القرار الأول في جنوب اليمن" من واقع إشرافها على ملفات أمنية وعسكرية، ومن واقع دورها في إعادة بناء وإنشاء العديد من الوحدات الأمنية والعسكرية، وإعادة مؤسسات خدمية تضررت غالبيتها أو انهارت خلال الحرب.
وتزعم التسريبات نفسها أن "الإمارات تتدخل في العديد من التعيينات في السلطة المحلية والأجهزة الأمنية"، وأن "صراعات نفوذ نشأت بين الشخصيات المحسوبة على الإمارات والمقربين من الرئيس هادي"، وأن "الإمارات تدعم تيارات وشخصيات من الحراك الجنوبي، المطالب بالانفصال، الذي يصرح بعض قادته بالولاء للإمارات أكثر من الحكومة الشرعية"، على حد زعم التسريبات.
ليس هذا فقط، لكن من يحاولون تشويه الدور الإماراتي في اليمن يروجون لأن "أبوظبي" مستمرة في مساعي السيطرة على المجالات الاقتصادية اليمنية، والاستحواذ والسيطرة على ميناء عدن، بل والعمل على تهميشه وتعطيله بشكل متعمد، كونه الأكبر في المنطقة العربية من حيث المساحة بعكس ميناء دبي الذي لا يتسع للسفن العملاقة، ويخلو من امتيازات متوفرة في نظيره اليمني".
مبالغة
وبالغت التسريبات (المجهولة) في الترويج لمزاعم من عينة أن "هادي بحوزته ملف كامل عن الدور الإماراتي في جنوب اليمن، بما في ذلك حوادث أمنية التي سجلت عدن، وبوابتها لحج، وأن "الإمارات تسعى بقوة كي يصطدم هادي بحزب الإصلاح، الداعم للشرعية، وبه شخصيًّا، كونه أهم وأكبر المكونات الرئيسية التي تقاتل على الأرض".
وأبدت التسريبات غضبها من أن "الإماراتيين يرفضون تعيين أي شخص ينتمي لحزب الإصلاح في أي منصب حكومي - عسكري أو مدني- وأن خروج الشيخ حمود المخلافي من تعز كان شرطًا إماراتيًّا على الحكومة اليمنية، مقابل دعم الجبهة الواقعة جنوب غرب اليمن".
وتغذي تسريبات أخرى الاحتقان ضد "هادي" عبر ترويج معلومات تقول إنه "أحاط نفسه بمجموعات حزبية لها ارتباطات وثيقة بحزب الإصلاح، ما يتعارض مع سياسة الإمارات التي تضع جماعة الإخوان على لائحة الإرهاب"، وأن "المحيطين بهادي دأبوا على محاولات نسف الجهود التي بذلتها الإمارات في ترسيخ الأمن وتطبيع الحياة، وإعادة عجلتها في المناطق المحررة، خصوصًا العاصمة المؤقتة عدن".
وقالت أيضًا إن "هذه المجموعات بدأت بمحاولات عرقلة القطاعات الخدمية، كالكهرباء والمشتقات النفطية التي لها أثر مباشر على حياة السكان في عدن، ثم حاولوا لاحقًا السيطرة على المطار وكذلك "الحزام الأمني"، الذي كان له الدور الأبرز في تحسين الأوضاع الأمنية في المدينة"، ثم "انتقلت إلى قطاع الأمن لدفع هادي إلى تعيين موالين لها، عديمي الخبرة وقليلي النفوذ المحلي".
اتهامات
وترى هذه المزاعم التي تستهدف "هادي" أن هناك "تواطؤًا بين أطراف في الشرعية تتعاون مع تنظيم القاعدة بهدف السيطرة على المناطق المحررة، على غرار ما حدث في أبين"، وأن "هادي بهذه الخطوة يطعن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، بقيادة المملكة، في الظهر"، لا سيما أن "التقدم القتالي الذي يتم على الأرض يتحقق بفضل قوات التحالف، بينما الجبهات الواقعة تحت في نطاق المقاومة الشعبية يسودها الجمود"، متهمة "ناصر عبدربه -نجل الرئيس هادي- بتسليم مناطق في محافظة أبين لتنظيم القاعدة، الأمر الذي يزعزع الاستقرار في عدن والمكلا، والسماح لعناصر معادية للتحالف العربي بالدخول إلى عدن".
يتم هذا فيما ميليشيات "الحوثي-صالح" تواصل السيطرة على العاصمة صنعاء، واستهداف المدنيين والمرافق العامة، والتعنت مع المؤسسات الإنسانية الدولية التي تسعى مع التحالف العربي لدعم الشرعية إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه في اليمن.