اخبار الساعة - عبدالله أبو الغيث*
*جلالة السلطان.. سأبدأ مسيرة على الأقدام صوب حدودك فهل تقبلني في أرضك أو تسهل لي اللجوء إلى الأمم المتحدة؟*
صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان سلطنة عمان الشقيقة، اسمح لي أولا أن أسرد لك القصة التي جعلتني أتوجه إليك بهذا الطلب.
فأنا المواطن اليمني عبدالله أبوالغيث أعيش في مدينة صنعاء، وأعمل أستاذا في جامعتها، أحمل درجة بروفيسور، وأمثل الأساتذة (البروفيسورات) في مجلس الجامعة بعد أن انتخبوني في العام 2014م.
ومنذ العام 1985م وأنا أكتب مقالات في الصحف، وكان ذلك قبل أن التحق بالجامعة لدراسة البكالوريوس، وهي في معظمها مقالات تدعو للتعايش بين أبناء وطني اليمن وأمتي العربية، وتقدم مقترحات ورؤى من أجل أن تصبح اليمن وبقية أقطار بلاد العروبة أوطانا آمنة ومزدهرة مثل كل الأوطان، وبإمكان جلالتكم أن تجدوا نماذج لتلك الكتابات على الشبكة العنكبوتية.
وحتى في عملي الأكاديمي فأنا أبحث عما يعزز أواصر الإخاء بين أبناء شعبي اليمني وأمتي العربية، فأطروحتي للدكتوراه كانت عن العلاقات القديمة بين جنوب الجزيرة العربية وشمالها، وكانت آخر رسالة ماجستير تناقش في جامعة صنعاء تحت إشرافي عن العلاقات الخارجية لعمان قبل الإسلام.
ولقد توفرت لي العديد من فرص العمل خارج وطني اليمن منذ حصولي على الدكتوراه قبل أربعة عشر عاما من الآن، لكني كنت أرفضها، مفضلا العمل في وطني والاكتفاء بالمرتب المتواضع الذي اتقاضاه (بلغ قرابة ألف دولار بعد حصولي على درجة الأستاذية).
وبالتأكيد يا جلالة السلطان فجلالتكم ربما قد علمتم بمأساة الموظفين اليمنيين في بعض المحافظات اليمنية بمن فيهم أساتذة جامعة صنعاء التي أعمل فيها، فمرتباتنا قد قطعت منذ خمسة أشهر، وصارت ورقة سياسية تتلاعب بها الأطراف المتصارعة.
فحكومة بن حبتور في صنعاء تلقي باللوم على حكومة بن دغر في عدن، وحكومة بن دغر تلقي باللوم على حكومة بن حبتور، ورغم أن وفد نقابتنا صار له في عدن قرابة الشهر إلا أنه حتى الآن لم يتمكن حتى من استخراج أمرا بصرف مرتب شهر ديسمبر من العام الماضي الذي كانوا قد صرفوه لبعض الجهات.
أما حكومة بن حبتور فرغم أنها قد أعلنت البدء بصرف نصف مرتب لشهر أكتوبر المتخلف لديها من العام الماضي إلا أنها قد أبلغتنا عن طريق مسؤوليها في جامعة صنعاء بأن حتى ذلك النصف لن يصرف لنا، لأننا قد تجرأنا على الصراخ من الجوع وامتنعنا عن العمل بعد أن تقطعت بنا السبل بسبب توقف صرف مرتباتنا، فقرروا أن يعاقبونا بمزيد من التجويع.
وكنت قد وجهت دعوة سابقة للموظفين اليمنيين الجائعين، وفي مقدمتهم أساتذة الجامعات، للخروج من أجل طلب اللجوء المعيشي إلى الأمم المتحدة، لكنهم تقاعسوا رهبة ورغبة، خصوصا وأن الأطراف السياسية المتصارعة قد سيست الدعوة وذهب كل طرف ليتهمني بأني إنما أطلقت الدعوة لخدمة الطرف الآخر.
ولذلك فإن غريزة البقاء، وبعد أن تقطعت بنا سبل الحياة، دفعتني لمخاطبتكم ياجلالة السلطان، وسبب اختياري لجلالتكم هو مجاورة دولتكم الشقيقة عمان لوطني اليمن، وعلمي بجهودكم الصادقة التي تبذلونها من أجل إخراج وطني اليمني من أزمته وحربه الطاحنة، بعد أن صار ساحة لتصفية الصراعات الإقليمية والدولية على أرضه.
لذلك فقد قررت التخطيط للبدء بمسيرة راجلة تنطلق من مدينة صنعاء صوب منفذ شحن الفاصل بين اليمن وعمان سانفذها وحيدا، وأملي أن تسمحوا لي بالعبور إلى أرضكم بعد أن تقطعت بي السبل، وأصبحت غير قادر على الحياة في وطني اليمن الذي أحببته وعشقته، وسيظل عشقي الأبدي حتى آخر رمق في حياتي، ولولا أن الجوع أخرجني منه ما خرجت.
وإن كان هناك عوامل تمنع بقائي في أرضكم فارجوا من جلالتكم أن تسهلوا لي العبور إلى دولة الكويت الشقيقة، فأميرها صاحب السمو صباح الأحمد يحمل قلبا كبيرا مثل قلبكم، وسبق لبلده أن قدمت لوطني العون الكثير من غير من أو أذى أو اشتراطات وأجندات سياسية.
وإن لم يتيسر لا هذا ولا ذاك، فرجائي أن تسهلوا لي سبل الوصول إلى الأمم المتحدة لطلب اللجوء المعيشي منها لي ولزملائي أساتذة الجامعات اليمنية وإخواني الموظفين الذين قطعت رواتبهم في المؤسسات الحكومية اليمنية الأخرى.
ختاما أوضح بأني سيري على الأقدام من صنعاء صوب حدودكم يعود لعدم امتلاكي سيارة خاصة، وعدم قدرتي على استئجار وسيلة نقل تقلني بسبب انقطاع المرتبات، ورغم مشقة ذلك لإنسان في مثل عمري إلا أني أتعشم أن أتمكن بواسطته من لفت الانظار الى المأساة التي صار يعيشها أبناء شعبي اليمني المغلوب على أمره.
وأختم رسالتي هذه بشكري مقدما لكل أبناء وطني اليمن من سكان المناطق التي ستمر فيها مسيرتي المعلنة على ما سيقدمونه لي من عون، فشعبي اليمني قد عرف بكرمه وشهامته على مر التاريخ، لولا أن ساسته قد عملوا على قهره وتجويعه وإذلاله إرضاء لأطماعهم الجشعة.
ولكم في الختام مني خالص عبارات الود والشكر والتقدير والعرفان.
*الموطن اليمني*
*(البروفيسور الجامعي)*
*عبدالله أبو الغيث*