اخبار الساعة - أشرف أبو جلالة من القاهرة
في وقت بدأ يعود فيه المتظاهرون المصريون إلى ميدان التحرير بوسط القاهرة وبينما يحاصر الليبيون هؤلاء الذين تبقوا من مجرمي الحرب، يأمل اليمنيون أن تَحُول صفقة نقل السلطة التي وقع عليها الرئيس علي عبد الله صالح يوم الأربعاء الماضي دون انزلاق انتفاضتهم المدنية التي استمرت على مدار 9 أشهر إلى حرب أهلية.
وكان صالح البالغ من العمر 67 عاماً قد تمكن من البقاء حتى الأيام القليلة الماضية في السلطة، رغم الاحتجاجات الجماهيرية المستمرة منذ عدة أشهر وكذلك رغم الانشقاقات الحاصلة بداخل الجيش والحزب والقبيلة والهجوم الذي تعرض له في شهر حزيران/ يونيو الماضي، وظل بسببه أسير الفراش لمدة 3 أشهر في السعودية.
لكن مع قرب انهيار الاقتصاد، واستمرار الاشتباكات بين فصائل الجيش المسلحة في العاصمة، والتهديد بفرض عقوبات أممية، وقرب تجميد الأصول، يبدو أن القائد اليمني المراوغ، الذي استمر في الحكم على مدار 3 عقود، قد قرر في الأخير أن يتنحى.
وقال صالح خلال لقائه بحشد من السعوديين والسفراء الأجانب ودبلوماسيي الأمم المتحدة بأحد القصور السعودية عقب التوقيع على 4 نسخ من الاتفاق " لقد حظي هذا الخلاف المستمر طوال العشرة أشهر الأخيرة بتأثير كبير على اليمن في ميادين الثقافة والتنمية والسياسة، ما أدى لتهديد الوحدة الوطنية وتدمير ما تم بناؤه في السنوات الماضية".
وتقضي تلك الصفقة بنقل السلطة فوراً من جانب صالح إلى نائبه، عبد ربه منصور هادي، الذي سيترأس حكومة وحدة وطنية، حتى موعد إقامة الانتخابات الرئاسية المقررة في الحادي والعشرين من شهر شباط/ فبراير المقبل.
ومقابل توقيعه، سوف يمنح المشرعون اليمنيون صالح وأبنائه الحصانة من الملاحقة القضائية. وهو ما علقت عليه مجلة فورين بوليسي الأميركية بتأكيدها أن تلك الصفقة ليست بالصفقة السيئة بالنظر إلى مزاعم الفساد وقتل مئات المتظاهرين على يد القوات الحكومية. في الوقت الذي ستسنح فيه أمام اليمنيين فرصة نادرة لكي يدفعوا انتفاضتهم المتعثرة صوب مرحلة جديدة ويبحثوا عن مخرج للأزمة السياسية المستعرة.
لكن مع استمرار تواجد صالح في قصره، وتشبثه بلقب الرئيس الفخري، واستمرار شغل أبنائه وأبناء أشقائه لمناصب هامة في الجيش وأجهزة المخابرات، لا يزال النظام سليماً وقائماً إلى حد كبير.
ورغم تواصل موجات العنف، إلا أن مشهد صالح وهو يوقع على اتفاقية نقل السلطة جاء في الأخير ليريح كثيرين. ورغم الانفراجة، مازال يواجه اليمن ضغطاً سياسياً معيباً وفاشلاً. ويتأرجح مستقبل البلاد الآن في الميزان.
ثم مضت تتحدث المجلة عن أجواء الحروب الداخلية والتجزؤ الإقليمي والاحتجاجات الشعبية التي عاشتها اليمن منذ تحقيق الوحدة عام 1990.
ونوهت فورين بوليسي كذلك إلى اختلاف الثقافات الموجودة في شمال البلاد وجنوبها، وذلك بحسب اعتقاد كثيرين.
فقد كان شائعاً في أولى سنوات الوحدة أن تسمع الناس في الشمال يصفون الجنوبيين بـ "الكفار" وسيداتهم بـ "المتحررات"، بينما كان يصف أهل الجنوب سكان الجزء الشمالي بـ "الجهلة" و "سارقي ممتلكات الدولة".
وانتقلت بعدها المجلة لتشير إلى الانتفاضة التي بدأها معارضو صالح ضد نظام حكمه في شباط/ فبراير الماضي، بعد أن دفعهم لذلك ما فعله المصريون لإسقاط نظام رئيسهم حسني مبارك، وهو الأمر الذي وحد صفوف اليمنيين في ساحة التغيير بوسط العاصمة، صنعاء.
وقد استحوذت الشعارات التي رفعت هناك للتأكيد على وحدة البلاد (بين شمالها وجنوبها ) لتسبي مشاعر مكتشفة حديثاً بشأن التضامن الوطني.
ولفتت الصحيفة كذلك إلى حالة الإحباط وخيبة الأمل التي نشبت في البداية، في ظل تشبث الرئيس علي عبد الله صالح بالحكم، ورفضه التام الانصياع لمطالب الشباب الثائر.
وتابعت المجلة بنقلها الجنرال ناصر الطويل، الزعيم البارز بالحراك الجنوبي، قوله:" نعطي النظام هذا الإنذار، فإما أن يعترف بمطالبنا المشروعة في تقرير المصير أو أن يشهد اليمن عما قريب انقساماً مرة أخرى إلى دولتين". وأوضحت المجلة أيضاً أنه رغم خروج صالح من الصورة، إلا أن الحزب الحاكم والمعارضة لا يزالا داعمين مخلصين، بشكل علني على الأقل، لوحدة البلاد خلال الفترة القادمة.
ومازالت تواصل الدول الغربية والخليجية تعهدها بتقديم مليارات الدولارات لحكومة اليمن المركزية، من منطلق أهمية استقرار ووحدة النظام. فيما يتهم الجنوبيون صالح بتعمد تأجيج الصراع في الجنوب لجعله يبدو غير جدير بحق إقامة الدولة.
وختمت المجلة بتأكيدها أن الانفصال سيؤدي على الأرجح إلى حدوث صراع أكثر دموية وأوسع في النطاق، في الوقت الذي يشن فيه الشماليون حرباً للحفاظ على وحدة البلاد.
المصدر : ايلاف