المرحلة القادمة هي مرحلة إعادة بناء الوطن ليس تنموياً فقط ولكنه البناء الشامل الذي يُرمم كثير من الشقوق التي حدثت لا أقول خلال الأشهر العشرة الماضية ولكن خلال الفترة الممتدة من بعد الانتخابات الرئاسية 2006م، فالوطن بحاجة ماسة لتكاتف جهود الشرفاء من أبناءه مهما كان توجههم وانتمائهم طالما وأن المصلحة المشتركة هي للوطن كله لا لحزب أو منطقة أو قبيلة أو أسرة.
• الحكومة التي أعلن عنها الأخ المناضل عبد ربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية وفق التفويض الرئاسي الممنوح له من فخامة رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح، هي بحق حكومة وطن بأكمله لأن اليمنيين اجمع على اختلاف مشاربهم ينظرون إليها كمنقذ من الوضع المأساوي الذي وصلنا إليه.
• تشكيل الحكومة بحد ذاته انجاز كبير لأنه يعني أننا نسير وفق الآلية المزمنة للمبادرة الخليجية لاسيما وأنها جاءت عقب إقرار اللجنة الأمنية لإنهاء انقسام الجيش، والأجمل في هذه الوزارة التي ظهرت بعد كثير من التكهنات وضربت بمعظمها عرض الحائط، ومثّلت الأسماء الواردة فيها اتفاقاً بين المؤتمر الشعبي وحلفائه والمشترك وشركائه، ولعل نقطة الاتفاق على الأسماء المشكلة هي جوهر القضية كونها تنبئ عن أن سير الحكومة الوطنية سيكون متناغماً كيف وهي خلت من الأسماء التي صنّفها كل طرف على أنها استفزازية، كذلك المستقيلون من الحكومة السابقة.
• من سنوات طويلة يظهر لنا تشكيل حكومي معظمه من الوجوه التي تدخل الحكومة لأول مرة وهذا بحد ذاته شيء يبشر بالخير لأنه يحمل معاني التغيير الذي يطالب به الجميع لما فيه مصلحة الوطن والمواطنين،وهذا سيعكس نفسه على هؤلاء الوزراء الجدد الذي بكل تأكيد سيجتهدون لإبراز وجودهم عبر العمل الجاد، وكنت أتمنى أن تكون أسماء المؤتمر أيضاً من الدماء الجديدة ليلحظ الجميع وقع التغيير.
• وبتشكيل هذه الحكومة فإننا نتقدم بجزيل الشكر لدولة رئيس الوزراء الدكتور علي مجوّر وكافة أعضاء حكومته من المؤتمر الشعبي العام على ما بذلوه خاصة خلال الفترة العصيبة حين عملوا تحت مسمى حكومة تصريف أعمال، فرغم الأوضاع الصعبة إلا أن أدائهم كان أفضل من ذي قبل، ما يحسب للمؤتمر قيادة وحكومة أنهم تصرفوا بعقلانية وكحزب وطني يهمه مصلحة البلاد.
• على كل يمني أن يعتبر دولة رئيس الوزراء المكلف الأستاذ محمد سالم باسندوة وجميع أعضاء وزارته يمثلونه شخصياً لأن هذه الوزارة ما جاءت إلا لتحقق للمواطنين في بداية الأمر الاستقرار الذي اشتقنا إليه، ومن ثم التكفل بتوفير الاحتياجات الضرورية من غذاء وماء ودواء وكهرباء ومشتقات نفطية إلى جانب ايلاء اللحمة الوطنية أهمية خاصة لان الشرخ الذي حدث يجب أن يعالج وبمعالجته سيتم تجاوز الكثير من العقبات.
• من أهم الملفات التي أنشئت الحكومة من اجلها التحضير للانتخابات الرئاسية المبكرة والتي يتفق فيها الجميع على ترشيح المناضل عبد ربه منصور هادي نائب رئيس المؤتمر الشعبي وأمينه العام ليكون ثاني رئيس للجمهورية اليمنية بعد فخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح الذي قاد البلاد بحكمته المعهودة عنه لهذه النقطة التي ظنّها البعض بعيدة عنا بعد السماء عن الأرض، ووصلنا إلى تسليم السلطة بطريقة سلمية وسلسة وبما يضمن امن وسلامة ووحدة الجمهورية اليمنية، لكن بتوفيق الله وإخلاص الشرفاء في السلطة والمعارضة وصبر الشعب الوفي وصلنا إليها ولله الحمد.
• أتمنى أن تسخر الأقلام والمنابر التجمعات ما فيه دعم هذه الحكومة لأنها حكومة وطن بأكمله ولنطوي صفحة الماضي بمآسيه ولننظر إلى المستقبل عبر باب الأمل الذي فتحه الباري عزّ جّل لنا وفق نبوءته صلى الله عليه واله سلم القائل إذا اشتدت الفتن فعليكم بأهل اليمن، فوداعاً لكل ما يعكر صفو العلاقات ويكدرها ومرحباً بكل نافذة ضوء نلتقي من خلالها على ما يحب الله ورسوله لوطن الأمن والإيمان.
• علينا كذلك إلا نحمل حكومة باسندوة ما لا تطيق فليس بيد الرجل وأعضاء حكومته عصىً سحرية ليغيّر الحال بين عشية وضحاها، رغم أن المنادين بسقوط النظام كانوا يظنون ذلك وبأنه وبمجرد استبدال حكومة المؤتمر ستتساقط قطرات العسل على المواطنين، الأمر أصعب من ذلك بكثير فالمعضلة الاقتصادية هي الصعبة، وما لم يتجاوب الأشقاء في دول الخليج والأصدقاء في المجتمع الدولي ويساهموا بالبناء التنموي وليس باجتماعات المانحين، فاليمن لا يحتاج إلى اجتماعات بقدر ما يحتاج إلى نية صادقة في الدعم، ووطنية مخلصة في تصريف ذلك الدعم.
• وفق الله حكومة الوطن المشكلة للتغلب على كثير من المعضلات التي ستواجهها وهي مهمة صعبة ولا ريب ولكنها ليست مستحيلة خصوصاً وان تجاوزنا الخيار الأصعب والأخطر إلا وهو الاقتتال الأهلي، وأظهرنا للعالم وجهاً مشرقاً عن تسامح اليمنيين وحبهم لبلدهم،وما هذه الوزارة إلا النواة الأولى لقادم مليء بالخير للجمهورية اليمنية ويد الله مع الجماعة ومن شذ شذ في النار.
باحث دكتوراه بالجزائر mnadhary@yahoo.com