قال موقع “مودرن ديبلوماسي” الأمريكي إن العام 2017 بدون شك سيكون عاما صعبا بالنسبة للمملكة العربية السعودية التي تفقد قيادتها ونفوذها في الشرق الأوسط وتواجه تحديات اقتصادية كبيرة تلوح في الأفق نتيجة انخفاض أسعار النفط.
وأضاف الموقع الأمريكي في تقرير ترجمته وطن أن السعودية قد أذلت نفسها في سوريا، وتورطت في صراع لا نهاية له ومكلف في اليمن، ووفقا لرويترز تنفق السعودية 175 مليون دولار شهريا للتفجيرات في اليمن و 500 مليون دولار إضافية للغارات البرية.
وهذا الانخفاض في أسعار النفط والنفقات العسكرية المتزايدة له تأثير غير مسبوق على الاحتياطيات الأجنبية السعودية التي استنفدت نحو 623 مليار دولار من ميزانية عام 2015.
ومع ذلك فإن التكلفة الرئيسية لهذا الفشل العسكري ليست مالية، كما أنها ضربة قاتلة للنظام الملكي السعودي الذين استخدموا القومية العسكرية لتعزيز الدعم.
وتعتمد الدعاية السعودية على الخطاب المناهض لإيران، وتبالغ في الدور الجيوسياسي لطهران من أجل تبرير سياستها الخارجية, فيما ساهمت الملكية السعودية في وصف الحوثيين بالوكلاء الإيرانيين. ويزعمون أن طهران تقدم الدعم المالي واللوجستي للحوثيين، فضلا عن المستشارين العسكريين وواحدة من الحجج المطروحة هي أن الحوثيين الذين عزلوا في الجبال في الشمال، لن يكونوا قادرين على اكتساب هذه الصدارة دون دعم خارجي.
ومع ذلك، فإن نموها يرجع بالدرجة الأولى إلى دعم الرئيس السابق صالح، الذي لا يزال لديه حلفاء قبليين وعسكريين. وبالتالي، فإن مدى الدعم الذي تقدمه إيران في مجال تمويل وتوريد الأسلحة ما زال مجهولا.
وتجسد الحرب في اليمن القومية العسكرية، التي أطلقت خيال الإسلاميين ولكن يمكن أن تتحول ضد الملك سلمان. في الواقع، كان الإسلاميون في السعودية يتوقعون انتصارا سريعا ضد الحوثيين، وعلاوة على ذلك، يمكن للمسلحين المهزومين في سوريا أن يعودوا إلى بلادهم ويجمعوا من أجل مد الثورة العسكرية في بلادهم، لذا فإن الصعوبات التي تواجهها المملكة العربية السعودية تشكل تهديدا لهيمنتها في المنطقة، والواقع أن مصر تسعى إلى تحقيق مصلحتها الوطنية بينما تتوقع المملكة العربية السعودية منها التعاون التام والدعم غير المشروط. وقد يكون هناك رد فعل عنيف من سكان المملكة العربية السعودية الذين يتوقعون أن تبقى السعودية قيادتها في المنطقة.
ومما يزيد من تفاقم علاقتها مع الولايات المتحدة افتقارها إلى القيادة في المنطقة، فالولايات المتحدة الأمريكية أقل اعتمادا على النفط السعودي وتدين التطرف الديني الذي تفاقم منذ وصول الملك سلمان في يناير 2015 إلى الحكم، وعلاوة على ذلك، فإن نهج ترامب المالي في الشؤون الخارجية يعني أن ترامب سيكون صعبا تجاه السعودية بينما الأخيرة تواجه الصعوبات الاقتصادية، وجوهر الخلاف ليس الاتفاق النووي الإيراني فحسب، بل أيضا غياب الدعم لحليفهما مبارك في فبراير 2011، الذي اعتبرته الرياض بمثابة خيانة من الولايات المتحدة. وعلى الرغم من هذه الخلافات، فإن حكومة المملكة العربية السعودية تعرف أنها لا تستطيع تحمل عواقب توتر العلاقات مع الولايات المتحدة، لا سيما وأنها تعتمد على الوجود العسكري للولايات المتحدة في المنطقة، وعلى المعدات العسكرية الأمريكية.
الصعوبات الاقتصادية لا تؤدي إلا إلى زيادة الضغط على الحكومة، التي لا تستطيع تحمل تكاليف الوجود على جميع الجبهات، وانهيار سعر النفط يكلف الحكومة السعودية 75 مليار دولار، على الرغم من زيادة الإنفاق العام لتمويل الحرب في اليمن. وانخفضت الاحتياطيات الأجنبية للبلاد بمقدار الربع منذ أن بدأت أسعار النفط في الانخفاض في عام 2014، وارتفع العجز في الميزانية من 6.7٪ في عام 2015 إلى 20٪ في عام 2016.
ونتيجة لذلك، تبنت الرياض سياسة تقشفية، واستغلت كل فرصة للتوفير في التكاليف وأوقفت مشاريع البناء، وخفضت الأجور للوزراء، وجمدت التوظيف، وارتفعت رسوم التأشيرات، وزادت غرامات المخالفات المرورية. وبوجه عام، قطعوا 80 في المائة من الإعانات على السلع والخدمات العامة. وارتفع سعر السلع الأساسية مثل المياه والكهرباء ارتفاعا كبيرا مما حفز عدم الرضا على الصعيد الوطني.
وبالإضافة إلى خفض الإنفاق العام، أعلنت الحكومة عن خطة طموحة لتنويع الاقتصاد الذي يعتمد كلية على النفط. وإذا نجحت الخطة، فإن الإيرادات غير النفطية ستضاعف ثلاثة أضعاف بحلول عام 2020. ولتحقيق ذلك، فإنها ترغب في توسيع صناعة التعدين في البلاد لاستغلال ودائع الذهب والفوسفات واليورانيوم وبناء القطاعات المالية والتكنولوجية والترفيهية.
ويواجه الملك سلمان تحديا كبيرا، الذي حشد القوة المحلية غير العادية، مستخدما موجة من القومية السعودية القائمة على السنة. لكن الافتقار إلى القيادة في المنطقة، والفشل العسكري، والصعوبات الاقتصادية تشكل تهديدا للنظام الملكي. وطوال فترة طويلة، أرجأت الملكية ضرورة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وخفض الإنفاق العام وتنويع الاقتصاد.
وفي الواقع، فإن الجهود التي بذلها عبد الله، الذي أصبح ملكا في عام 2005، لتنفيذ الإصلاحات قد توقفت عندما ظهر الخوف من عدوى الثورات العربية في عام 2011، حيث أنفق الملك 135 مليار دولار من أجل شراء السلام الاجتماعي.
ومع التوترات الاجتماعية والسياسية، تحاول الحكومة تجنب الإصلاحات الاقتصادية، مما قد يحفز عدم الرضا. ولكن الوضع حاسم وبقاء النظام يعتمد على قدرة الملك على إصلاح البلاد، وضمان قيادة المملكة العربية السعودية في المنطقة.