أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

دكتور سعودي يبيح الغناء والاختلاط ويثير الرأي العام السعودي بآراءه ويظهر على قناة العربية مع زوجته (مقابلة)

اثارت رؤى وافكار الدكتور السعودي احمد الغامدي الرأي العام السعودي واثارت رؤاه وأفكاره الجدل بعدما اباح الغناء والاختلاط وسمح لزوجته الظهور على الإعلام من غير حجاب، بعد ان كانت عكس ذلك، بحجه انه ترك التشدد بعد طلبه للعلم.

وقالت قناة العربية في مقابلته معها إنه منذ نحو 35 عاماً، تمسك الشيخ الدكتور أحمد الغامدي بآراء يبدو اليوم أنه غير مقتنع بها، تلك الآراء تغيرت تدريجياً بعد طلبه العلم من أهله.

حالة من التشدد أيضاً قضاها لسبع سنوات تقريباً، ثم تخلى عنها بالعلم تدريجياً. كيف حدث ذلك وأكثر، تجدون الإجابة في هذ الحوار الخاص الذي أجرته معه “العربية.نت”.

المتابع لك في الفترة الأخيرة يرى أنك رصدت أدلة من الكتاب والسنة توضح إباحة الأغاني والاستماع لها؟

قد يبدو هذا لمن لم يتابعني من قبل، فقد غردت بذلك من السابق مراراً وليس هذا رأيا جديدا عندي، فمنذ أكثر من عشرين عاما أرى إباحة استماع الموسيقى والشعر المغنى ما لم يكن فيه فحش أو دعوة لفجور أو كلام كفري وذلك بعد دراسة واعية لهذه المسألة قرأت فيها كثيراً، وكتبت فيها بحثين، الأول جمعت فيه كل الروايات التي يستند إليها من يقول بـ تحريم الغناء والمعازف، وانتهيت فيه إلى ضعف ما يحتج به القائلون بالتحريم سميته “مناقشة حديث المعازف سندا ومتنا”، وهو منشور على الشبكة من خمسة أجزاء، والآخر درست فيه ما روي في تفسير قول الله: “ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم”، انتهيت فيه إلى ضعف ما ينسب إلى ابن مسعود وابن عباس من أن المقصود في الآية الغناء، نشرت منه جزءا في مقال ولم ينشر الباقي، وهذه المسألة خلافية، إلا أن هناك من لا يذكر الخلاف فيها، والقول بالإباحة أدلته هو الصحيح عندي ولم يصح شيء في تحريم المعازف، والمحرمون يشنعون على من يقول بالإباحة، ويشددون في إنكارها بطريقة منفرة بلا علم ولا عدل، ولذلك أكرر البيان فيها من حين إلى آخر.

كيف واجهت الانتقادات بعد تغريدتك بمقطع لأغنية أم كلثوم “يلي ظلمتوا الحب”؟

لم ينفك أهل العلم عن الاختلاف في مسائل العلم من زمن الصحابة حتى يومنا هذا، وواجب أهل العلم بيان الحق للناس بالبرهان والمجادلة بالتي هي أحسن مع اللطف والصبر على الأذى في سبيل الدعوة إلى الله، وما وردني من التساؤلات حول تلك التغريدة كنت أبين الصواب فيه بالحجة وأحاور المخالف فيها بالحسنى، وما خرج منها عن أدب الحوار تجاهلته عملا بقول الله تعالى: “خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين”، وقد أحضر من يسيء.

لديك آراء مثيرة للجدل ومنها إباحة الاختلاط.. إلا أنك تخشى سوء الفهم من المعترضين مع هذه الرؤى؟ وعلى ماذا استندت؟

الإثارة والجدل فيما يطرح على المخالفين أمرٌ طبيعي، وسمة المجتمعات الواعية التحاور بالحجة فيما فيه اختلاف وبأدب الحوار في مسألة الاختلاط وغيرها، أما سمة المجتمعات المنغلقة والمتعصبة فتهويل الأمور والتشنيع على المخالف والإرجاف والسعي للإضرار به ومهاجمته وإقصائه والإساءة إليه، ولنا في نبينا والأنبياء من قبله والمصلحين من بعدهم أسوة قال تعالى:” وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون”، ولقد نعى الله على أهل الكتاب كتمان الحق ونبذ أمر الله وراء ظهورهم فقال تعالى: “وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون”.

وخاطب تعالى نبي الهدى بقوله: “وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا”، فلا يسوغ الالتفات على صيحات أهل الجهل والغلو وإرجافهم، لأن الجهل لا يرفع بالسكوت والتباعد عن بيان الحق، بل لا بد من الصدع بالحق وإظهاره والصبر على عداوة أهل الغلو والجهل والهوى، أما ما استندت إليه من أدلة فقد بينته في مواضعه في الاختلاط وفي حكم صلاة الجماعة وفي حكم كشف وجه المرأة وكفيها وفي غيرها من المسائل بما لا يمكن الاستطراد فيه هنا، وسوء الفهم لا يخشى إذا كان البيان وافيا بالحجة وإن وقع شيء من ذلك فسيزول مع الصدق والجد في البحث عن المعرفة بصورة صحيحة، فكم أسيء فهم الحق من الأنبياء والمصلحين من بعدهم ثم استقر الحق بعد البيان الواضح.

هل تسعى إلى المسائل الدينية الخلافية والتعددية الفكرية من وجهة نظر “خالف تعرف” أم أنك ترى أن مجتمعنا مقيد بالعادات والتقاليد أكثر من تقيده بالدين؟

الحقيقة المرة هي أن المجتمع سيطرت عليه الكثير من العادات والتقاليد التي ما أنزل الله بها من سلطان، كما ضيق بعض الخطاب الديني المحلي دائرة الوعي حتى أصبحت الأحادية في الرأي هي السمة العامة مع تعصب وإقصاء للمخالف فأنتج ذلك المسارعة إلى نبذ المخالف واتهامه، وهذا دوما سلاح العاجز عن مواجهة الحجة بالحجة، ولذلك قد يقول القائل في مخالفة ما هو أسوأ من هذه الاتهامات، كالاتهام بالسعي لمصالح خاصة والإفساد وهكذا تشويها لصورة المصلح لإسقاطه في أعين الناس وذلك للعجز عن مقارعته بالحجة، ويكفي العاقل أن يطالب من يشوه صورة المصلح بالموضوعية بالرد على قوله بحجة إن كان صادقا ويترك سريرته ونيته لله تعالى فهو العليم بسرائر الناس وما تخفي صدورهم.

الرؤى المجددة ظهرت عند البعض وأنت منهم ما سبب اختيار هذا التوقيت. وهل هو انعكاس أمان للتغير الاجتماعي الذي يمر به المجتمع السعودي؟

لم يكن هناك اختيار توقيت لما طرح ولم يكن الطرح انعكاس أمان من سطوة المجتمع، فقد أسلفت أن المجتمع كان تحت تأثير الكثير من العادات والتقاليد إلا نسبة يسيرة منه لديها وعي والبعض لديه حيرة وتساؤلات لا يجد لها جوابا شافيا فيما يطرح فكريا في الساحة، ولدى الكثيرين خوف من مواجهة تيار الرأي الأحادي السائد، وحين بدت التحديات في عهد الملك عبدالله بن عبد العزيز رحمه الله مفصلية أكثر مما سبق وبرزت الكثير من الأصوات المناهضة للإصلاح بغير وجه حق، والدولة السعودية دوما بحكمة ملوكها كانت تدعم التنوير، ولذلك حظي دعم التنوير في عهد الملك عبد الله بمزيد عناية اقتضته ظروف الحال، وهو كذلك في عهد الملك سلمان، حفظه الله، فكل هذه الملابسات هي أكثر ما دفعني للجهر بمواجهة مد الغلو والزيف والجهل، فالتوقيت كان عارضا لظرف الإثارة الغاشمة حول جامعة كاوست ولم يكن توقيتا مقصودا، ثم تتابع الطرح لعدة قضايا كان يعاني المجتمع من التضييق عليه فيها، وحدث حراك إعلامي واجتماعي قوي حولها فلم يكن هناك بد من توضيح ما أرى أنه الصواب فيها.

ما حجم التأثيرات في المواجهة بين الفكر الواحد والتعددية؟ وأيضا الضرر الذي يلحق ببعض المجتمعات العربية نتيجة الصراع بين الطرفين “القديم والجديد”؟

أرى أن حجم تأثير المواجهة بين أحادية الفكر وتعدديته وبين حراك طرفي القديم والحديث في بعض المجتمعات العربية، خطير جدا ولعل ما تعيشه بعض الدول العربية ونشاهده من صراعات تمزقها أبرز الأمثلة الحية التي تؤكد خطورة تلك التأثيرات ونتائجها على بعض المجتمعات التي تتعامل فيها التكتلات الفكرية والحزبية مع منافسيها بعدوانية مدمرة، حيث تدفع بالعلاقات لدائرة التعصب والاضطراب والمواجهات المؤلمة مع من يختلف معها.

والملاحظ أن بعض المجتمعات لم تصل بعد للوعي بأن التعددية والتنوع والاختلاف في محاولات التجديد تحمل بطبيعتها أشكالا من عدم التوافق بين أطياف المجتمع وحسن إدارة تلك الأطياف المختلفة كفيل بالارتقاء بالمجتمع إلى أمثل حالاته من خلال الحراك السلمي والحوار، ولا يعقل أن تتعامل أطياف المجتمع الواحد المختلفة مع بعضها بعضا بأقوال وبأفعال وسلوكيات عدوانية تأكل الأخضر واليابس وتمزق لحمة وطنهم وتفتك بمصالحه، وهذا لا يقع إلا في مجتمعات فقدت القيم والأخلاق ولم تبال بذهاب قوتها وتمزق وحدتها والجهل بمصيرها.

والاختلاف سنة كونية ولابد من السيطرة على اختلاف أطياف المجتمع المدني وضبط حراك التعددية بسن القوانين وإنشاء مؤسسات مدنية منظمة نزيهة تضمن إدارة الاختلاف بين الناس بعدالة ونظام يحفظ الحقوق للجميع، وتنشر الوعي في المجتمعات باتخاذ وسائل التعبير السلمية والحوار الحضاري والجدال بالتي هي أحسن للوصول للأمثل ولإدارة الاختلاف بصورة إيجابية، مع وضع برامج لتطوير الوعي المدني في تلك المجتمعات وتنظيم تفاعلهم بشكل سلمي لتحقيق الإصلاح والمشاركة الإيجابية في الشأن العام بشكل صحيح مع الحفاظ على نظامه.

لو عدنا لزوجتك وكشف وجهها. هل تأخذ دائما بالرخص في الفتاوى؟ وهل بالفعل أعدت الثقة للمرأة السعودية كما قيل؟

زوجتي تعرف الاختلاف في هذه المسألة وهي تأخذ بقول من يرى جواز كشف وجه المرأة وكفيها إلا لعارض يقتضي الستر كدفع أذى أو فضول مزعج منذ أكثر من عشرين عاما، وقد خرجت معي كاشفة الوجه والكفين وهي تعتقد صحة ذلك وبمحض اختيارها رغبة في المساهمة في إصلاح الخلل في فهم تلك المسألة وليس تباهيا، والقول بجواز كشف وجه المرأة وكفيها ليس من الرخص بل هو قول جمهور العلماء والأدلة على صحته جلية جدا، وبلا شك أعتقد أن ذلك الفعل أعاد الثقة للمرأة السعودية بشكل كبير وفتح آفاق البحث والتأمل والفهم عند شريحة كبيرة من المجتمع.

ذكرت عبر لقاء إذاعي أجري معك أن صلاة الجماعة في المسجد سنة وليست واجبا، كيف ذلك؟

نعم، تحدثت عن ذلك وبسطت أدلة صحة ذلك القول في بحثي بعنوان “قوافل الطاعة في حكم صلاة الجماعة” وانتهيت فيه إلى أن حكم صلاة الجماعة بالنظر إلى إقامتها في الناس فرض من فروض السلطان، أما حضور الناس لها فـ”سنة”، وهذا رأي جمهور الفقهاء، وقد بسطت أدلة هذا في موضعه والبحث موجود على الشبكة لمن أراد النظر في أقوال المخالفين وأدلتهم وردي عليها.

ماذا يعني أن يحوي التوازن الداخلي مع الخارج والمصالحة مع الذات قولاً وفعلاً؟

التوازن مع الذات والمصالحة مع النفس قولا وفعلا مطلوبة شرعا، وهي تعني الصدق والشفافية والهدوء والطمأنينة والإيجابية والواقعية في التعاطي مع نفسك ومع الآخرين ولا يتحقق ذلك التوازن إلا بأن تتصالح أولا مع ذاتك، فتقبلها بكل عيوبها، بضعفها وزلاتها دون أن تحكم عليها، أو تصنّفها أو تقهرها وتهينها وتحقّرها، وتَقْبل الآخر بكل اختلافاته وتناقضاته، ليس لأنك تحبه، ولكن لأنك لا تكرهه، فتكريس الوعظ المبالغ فيه دون تفهم مكونات المجتمع، واستيعاب تقلّباته التي تشكّل كامل نسيجه بكل ما فيه من تنوع وتناقض لن تزيده تماسكا، فلا بد من تعرف الواقع كما هو، ولا نفرض عليه رؤانا ولا ننصب ثقافتنا كميزان لقياس مدى صلاح المجتمع، لأن كل واحد يعتقد بأن ثقافته هي الأفضل، ومن يحرص على التوازن فلا بد أن يتخلى عن الخرافة بالعلم، ويدفع بنفسه للتجرد إلى حده الأقصى، ويتخلى عن كل معلومة لا برهان لها، ويتجنب التعميم لئلا يلغي خصائص الأشياء وصفات الناس المتباينة، وينصت كثيرا ليتأمل وليفهم أكثر وليرى الحقيقة بقراءة واقعية واعية.

إن المتصالح مع ذاته يشبه النهر العذب الذي يصبّ في بحر مالح ويعلم أنه لن يحوله حلوا، إلا أنه يروي ما يمر عليه.

هل هناك رأي سعيت جاهدا لإثباته ثم تراجعت عنه أو ندمت عليه؟

هناك آراء كثيرة تمسكت بها قديما قبل طلب العلم عن أهله وذلك قبل قرابة 35 عاما وعشت حالة التشدد لـ 7 سنوات تقريباً، ثم تخليت عنها بالعلم تدريجياً، أما الآن فليس هناك ولله الحمد والفضل ما ندمت عليه.

ما شعارك بالحياة؟ وكيف تستطيع العيش بهدوء وسط مجتمع رافض للتغيير؟

شعاري في الحياة مرضاة الله ما استطعت، فكن مع الله ولا تبالي، وقد مرت بي ولله الحمد فترة الإساءة وأنا مطمئن في سكينة وهدوء – في مجتمع ربما في جملته كان رافضا للتغيير لكن ليس كل أفراده – لأنني عزمت أمري فيما أحسب نفسي، متوكلا على الله، راضيا بقضائه وقدره، متوخيا الصدق والإخلاص له، مريدا النصح والخير لديني ووطني، واثقا بأن جزاء المحسنين الإحسان عند ربهم، متفائلا بوعي المجتمع في المستقبل، واثقا برشد القيادة الحكيمة في المملكة بنصر الحق والعمل به، ولم يفارقني حسن الظن بالله له الفضل والحمد على كل حال.

 

Total time: 0.0301