اخبار الساعة
قضى الطالب اليمني علي الرصّاص قرابة ثلاثة أشهر في سجن الشرطة الماليزية بعد أن تم القبض عليه ضمن مجموعة مكونة من أربعة يمنيين أحدهم طالب وآخر يعمل طباخاً في أحد المطاعم اليمنية هناك.
كانت التهمة خطيرة وكبيرة وهي الإشتراك في خلية إرهابية والتخطيط لاغتيال العاهل السعودي الملك سلمان أثناء زيارته لماليزيا أواخر شهر فبراير الماضي، وبعد التحقيق مع المتهمين الأربعة تم الإفراج حتى الآن عن ثلاثة منهم بشكل فردي وفي فترات متلاحقة بعد إدانة بعضهم بتهم صغيرة من قبيل انتهاء المدة القانونية للإقامة أو حيازة سبعين جراماً من نبتة "القات".
ربما كان علي ورفاقه لا يعلمون حتى بخبر زيارة الملك سلمان لماليزيا، فطلاب جامعيون يكافحون من أجل تغطية نفقات الدراسة أو لاجئون يبحثون عن لقمة عيش لا يهمهم كثيراً هذا الأمر، لكنهم سمعوا ذلك الخبر من الشرطة الماليزية التي حولتهم إلى أبطال لفيلم حبكت أحداثه بدقة متناهية وتولى ضباطها التنفيذ والإخراج، لغرض ربما لا يعلمه سواهم.
كان زملاؤهم يعرفونهم جيداً ولا يساورهم شك في احتمالية أن يكون هؤلاء الشبان على علاقة بالإرهاب أو بجماعة الحوثيين كما تردد حينذاك في الإعلام، إلا أنهم بعد أن سمعوا الخبر من الإعلام أصيبوا بالرعب وتحفظوا حتى عن القول إنهم يعرفونهم، فقد غدا اليمني متهماً حتى تثبت براءته وهدفاً سهلاً لأجهزة الشرطة والمخابرات حيثما حل، وتعاظمت مأساة المواطن اليمني حين صار مكشوفاً بلا دولة يمكنها أن تدافع عنه.
حين أثيرت ضجة حول اعتقالهم تحدث محرر المصدر أونلاين إلى أحد الطلاب النشطاء في ماليزيا ليتحرى من أمر هؤلاء الطلبة الذين غدوا في واجهة أنباء وكالة الأنباء العالمية رويترز وتصدروا تصريحات الشرطة الماليزية، فكان رد هذا الطالب حاسماً "عفواً لا أعرف هؤلاء الأشخاص ولا أرغب في أن تسألوني عنهم".
منذ مطلع مايو الجاري تم الإفراج عن المتهمين واحداً تلو الآخر إلا أن وكالات الأنباء العالمية وقنوات التلفزة التي زفتهم إلى أقبية التحقيق متهمين خطرين لم تلتفت لهم وقد غادروا السجن أبرياء مظلومي.
أمس الأربعاء غادر الطالب اليمني علي الرصاص ماليزيا وهو ثالث شخص يتم الإفراج عنه من السجن، بعد أن صدر قرار المحكمة بترحيله.
وخلال الفترة الماضية تم ترحيل عدد من الطلبة اليمنيين الدارسين في الجامعات التركية بتهمة الإرتباط بجماعة كولن التي تصنفها السلطات التركية كجماعة إرهابية.
كانت جماعة كولن تمنح مقاعد دراسية في جامعاتها التي تعمل وفقاً للقانون التركي، وتنفق على طلبة من مختلف أنحاء العالم وحظي عشرات الطلاب اليمنيون المحظوظون بمقاعد مجانية ومنح دراسية.
إلا أن محاولة الإنقلاب الفاشلة التي اتهمت السلطات التركية جماعة كولن بتنفيذها جعلت هؤلاء الطلاب الأتعس حظاً ومحل شفقة زملائهم الذين تمنوا يوماً ما لو كانوا مكانهم.
الطالب عبدالله مارش أحد الضحايا وبالتأكيد لن يكون الأخير، كان يدرس في جامعة تابعة لجماعة كولن ولأسباب غير معروفة انتقل إلى جامعة أخرى لا علاقة لها بالجماعة قبل محاولة الإنقلاب الفاشلة، إلا أن ذلك لم يشفع له أمام حالة "الإرتياب الهوسي" الذي أصاب حكومة أردوغان تجاه كل ما له علاقة بجماعة فتح الله كولن التي كانت تملك، إلى جانب الإمبراطورية الإقتصادية والإعلامية، إمبراطورية تعليمية توازي ما لدى الحكومة من جامعات ومؤسسات تعليمية.
وحسب مصادر مطلعة فقد ألقت السلطات التركية القبض على الطالب مارش بتهمة الإرتباط بجماعة كولن وزجت به في السجن وكانت آخر المعلومات تفيد بأنه مطالب بالتوقيع على قرار ترحيله ولن يجد أمامه خياراً آخر كما كان حال سابقيه، خاصة أن السفارة اليمنية المعنية برعاية اليمنيين المقيمين هناك لم تتحرك تجاه هذه الإجراءات التعسفية بحق طلاب هم جزء من رعاياها.
لا يزال المتهم الرابع في مجموعة الشباب اليمنيين الذين اتهمتهم السلطات الماليزية بالإرهاب في السجن ومن المتوقع أن يتم الإفراج عنه قريباً مع العلم أنه مقدم طلب لجوء لدى مكتب مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
يذكر أن ماليزيا والسودان هما البلدان الوحيدان اللذان لا يزالان يستقبلان المواطن اليمني دون اشتراط الحصول على تأشيرة مسبقة أو موافقة أمنية، واستقبل البلدان آلاف اليمنيين من طلاب ومستثمرين وباحثين عن مأوى بعد أن صارت حياتهم مهددة بالخطر بفعل الحرب.