لست أدري لماذا هذه الحملة الإعلامية الظالمة على قطر، في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الخليج العربي؟
مَن المستفيد من هذه الزوبعة الإعلامية التي تهدف إلى شقّ الصفّ الخليجي وبث الحقد والكراهية بين أهل الخليج؟
(2) قبل أن يصل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى المنطقة، انشغلت بعض وسائل الإعلام الخليجية والمصرية، ومكاتب علاقات عامة في أوروبا وأميركا بتمويل عربي، ببث الإشاعات والتحريض على دولة قطر، من دون مقدمات. إنه استباقٌ لتشويه سمعة قطر لدى الإدارة الأميركية الجديدة، بأنها ممولة للإرهاب، وإنه لا خلاف عندها مع تنظيم القاعدة. لن أورد هنا أي دفاع عن دولة قطر وقياداتها السياسية، ليس عجزاً أو محاولةً للهروب من الموضوع، فالحقائق تم نشرها في وسائل الإعلام القطرية، وتناولتها بعض وكالات الأنباء والصحافة الأجنبية، ولكن إعلام الأزمات في بعض دول الخليج العربي ظل منشغلا بالأكاذيب التي ترددها وسائل إعلام خليجية ومصرية.
(3) في ظل هذه العاصفة الإعلامية المشينة والمضللة للرأي العام، وعلى الرغم من نفي الدوحة كل ما أوردت تلك الوسائل من أكاذيب، ومن التجرؤ على نقل معلوماتٍ كاذبة نُسبت إلى أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إلا أن تلك الوسائل ما برحت تردّد أكاذيبها على كل قنواتها الإعلامية.
هنا، أتوجه بحديثي إلى ملك المملكة العربية السعودية، سلمان بن عبد العزيز، أطلب منه، نيابة عن شعب دول مجلس التعاون الخليجي، ولست ممثلا عن شعب الخليج، لكني أزعم أن الكثرة من الشعب لا تخالفني الرأي في الطلب منكم التدخل الفوري شخصيا لإخماد هذه الفتنة الإعلامية الشريرة. إن حكمتكم ورجاحة فكركم وتجربتكم السياسية العريقة تجعلكم أهلا للتدخل، وإنهاء هذا الاشتباك الإعلامي مرة وإلى الأبد.
الملك سلمان: أنتم أكثر من يعرف احترام القيادة والشعب القطريين وتقديرهما شخصكم الكريم ومكانتكم والمملكة العربية السعودية شعبا وحكومة. وقد عبّرا لكم عن ذلك قولا وعملا في أكثر من وسيلة. وتعلمون حق العلم أن دولة قطر ليست منافسةً لكم في أيٍّ مجال، ولكنها مكملة لكم، فلا تجعلوا فئة من الناس، من داخل المملكة أو من خارجها، يعبثون بالمائدة، وزرع الفتنة بينكم وبين قطر. إنكم أهل لاحتواء هذا الإعصار الإعلامي، فلا تسمحوا به ليمكّن براثن الفتنة، وتفريق الصفوف، بغرض تحقيق مصالح ذاتية. الأعداء، يا خادم الحرمين، يحيطون بدول مجلس التعاون من كل جهاتها الجغرافية، ولا أحتاج إلى دليل، فثمّة خلايا متشعبة منتشرة في معظم دولنا الخليجية، وهذا الإعصار الإعلامي الخبيث يعمل على تمكين هذه الفئات للنيْل منا جميعا، لأن كلاً منا أصبح يعمل ضد الآخر. والحق أنه لا أساس من الصحة لكل ما نشر وينشر في الإعلام الخليجي والمصري عن قطر.
مشاغلنا، نحن أهل الخليج، كثيرة، من العراق إلى سورية ولبنان واليمن وليبيا. تعالوا نتفرغ للدفاع عن خليجنا ومواردنا، ولا ننشغل بتوافه الأمور. أصحاب الفتنة الإعلامية القائمة اليوم بيننا يستند أحدهما على الآخر، لتحقيق مصالح ذاتية لكل منهما. وستكشف الأيام المقبلة صدق ما أقول، فلا تجعلوا لهم سبيلا لتفريق وحدتنا الخليجية. قطر ستلاحق مروّجي الأكاذيب أصحاب الفتن الذين يهدفون للنيل منها أينما كانوا بكل الوسائل، وسوف تتصدى لكل من يريد المساس بسمعتها ومكانتها العربية والدولية، وليست قطر وحدها في هذا الميدان.
(4) أما أصحاب الفكر والقلم من أهل الخليج العربي فعليهم دور يجب أن يؤدوه، لا بالنزق في طرق الاصطفاف في جانب خليجي ضد جانب خليجي آخر، بقصد استرضاء حاكم. عليهم الترفّع عن النيل من دولة خليجية أو من قيادات سياسية خليجية بغرض تعظيم الأرباح الشخصية، كما عليهم واجب وطني يقودهم إلى التصدّي لفئران الموائد الإعلامية، فلا يجعلون لهم مكانة بينهم. دور أصحاب الرأي والقلم اليوم تهدئة النفوس بين النخب الحاكمة عن طريق المنطق، وتحرّي الدقة والموضوعية في كل ما يكتبون ويقولون، ولا يتركون المتطفلين على الإعلام أن يجدوا مكانا بينهم. في كل أزمة خليجية تحدث بين القيادات السياسية، سرعان ما نجد على شاشة التلفزة أو الصحافة أناساً لا ضمير لهم، ولا قيم عندهم، يتسابقون على ترسيخ الكراهية بين القيادات السياسية واستعداء الشعوب. يعتقدون بعملهم ذلك أنهم يرضون الحاكم، والعكس صحيح. آخر القول: على حكماء الخليج وعقلائه الإسراع في احتواء الفتنة الإعلامية قبل فوات الأوان.