اثارت عودة نائب الرئيس اليمني ورئيس الحكومة السابق «خالد بحاح» إلى مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت الإثنين الماضي عبر مطار الريان في المكلا على متن طائرة خاصة تكهنات عن سعي أبوظبي للدفع ببحاح مجدداً، لمنصب رفيع في قيادة الشرعية اليمنية، خاصة أن الأجواء باتت مهيأة أكثر، بعد أن بات قرار الرئيس «عبد ربه منصور هادي»، الموجود في الرياض، مهمشا.
ووصل «بحاح» الذي أقيل من منصبه مطلع أبريل/نيسان 2016 إلى مطار الريان بعد مرور أكثر من عامين من التوقف، وقال إن المطار سيعاود للحياة من جديد بفضل الله ثم جهود السلطات المحلية وقوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، فتشغيل مطار الريان خطوة مهمة ستنعكس بالإيجاب على الجوانب الإنسانية والاقتصادية والخدمية في المحافظة والبلاد بشكل عام، وستخفف من معاناة المسافرين والوافدين إلى أرض الوطن».
وأشار «بحاح» في بيان طويل على مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن طائرته كانت هي آخر طائرة غادرت مطار الريان قبل أكثر من عامين قبل ساعات من بدء عمليات التحالف العربي في مارس/آذار 2015.
وكان في استقبال «بحاح» في مطار الريان ضابط رفيع في قيادة قوات التحالف العربي التي تتولى إدارة الشأن الأمني والعسكري في مدينة المكلا منذ تحريرها من سيطرة مسلحي القاعدة قبل أكثر من عام.
وأكدت مصادر يمنية مطلعة قرب التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة اليمنية، ترتكز على تفاهمات سياسية، حول تسمية حكومة وفاق وطني، في إطار دولة اتحادية من أقاليم عدة، مشيرة إلى أن هناك تفاهمات بين الأطراف اليمنية المختلفة، برعاية الأمم المتحدة حول بنود التسوية المرتقب إعلانها
وبحسب صحيفة الإمارات اليوم فقد أوضحت المصادر أن عودة «بحاح»، إلى المكلا عاصمة حضرموت (المحافظة التي يتحدر منها بحاح) مؤشر إلى اقتراب إعلان تلك التسوية، التي سيكون لبحاح مكان مرموق فيها، خصوصاً أنه قام بافتتاح مطار الريان، أثناء عودته.
وتحول المطار إلى ما يشبه قاعدة إماراتية عقب قيامها بقيادة عمليات عسكرية ضد تنظيم القاعدة، في المكلا، في أبريل/نيسان 2016، بعد أن سيطر التنظيم على المدينة لعام كامل.
واشتهر مطار الريان أخيراً بعد أن ورد اسمه في التقرير الشهير الخاص بانتهاكات القوات الإماراتية ومعها اليمنية الموالية لها، حيث يقع أحد السجون التي تديرها أبوظبي في المطار.
تصعيد بحاح
ورفع من أهمية عودة بحاح»، التسريبات التي سبقت التطور، حيث أفادت مصادر سياسية يمنية للعربي الجديد، أن بحاح عقد في الأسابيع الماضية لقاءات في السعودية، وسط أنباء تفيد أن أحد هذه اللقاءات غير المعلنة، جمع «بحاح» بولي ولي العهد السعودي (حينها) «محمد بن سلمان» (قبل أسابيع من تعيين الأخير ولياً للعهد). كما سبق أن التقى الرجلان في مايو/أيار 2016، أي بعد حوالى شهر من القرار الشهير للرئيس اليمني، والذي أطاح بـ«بحاح» من منصبيه، كنائب للرئيس ورئيس للحكومة.
ومن بين اللقاءات التي عقدها «بحاح» أيضاً في الأسابيع الماضية في السعودية، لقاء مع مستشار الرئيس السياسي، «حيدر أبوبكر العطاس»، وهو أحد أبرز القادة الجنوبيين ورئيس أول حكومة وحدة بعد توحيد اليمن عام 1990، ويُعرف بكونه إحدى الشخصيات المؤثرة.
كما التقى «بحاح» في أبوظبي، بمحافظ عدن السابق، رئيس ما يُسمى المجلس الانتقالي الجنوبي، «عيدروس الزبيدي»، ونائب رئيس المجلس، القيادي السلفي المقرب من الإمارات، «هاني بن بريك».
وفي الوقت الذي لم يُكشف فيه عن تفاصيل اللقاءات، تحدث الكاتب البريطاني ديفيد هيرست» في مقال كتبه في 22 يونيو/حزيران الحالي، عن معلومات مثيرة، حيث ذكر أن المستشار الأمني في أبوظبي، طحنون بن زايد»، التقى محمد بن سلمان» قبل تصعيد الأخير ولياً للعهد، وأن بن سلمان» أبلغ بن زايد»، أنه بمجرد أن يصبح ولياً للعهد، سيدعم إجراءات من شأنها أن تقصي أو تهمش دور هادي»، وتصعد ببحاح» القريب من الإماراتيين، مشيراً في السياق ذاته إلى اللقاءات التي أجراها بحاح في السعودية.
وكان معروفاً في الأوساط اليمنية، أن إقالة «بحاح» مثّلت ضربة من «هادي» للإمارات التي تتدخل على نحو واسع في الأوضاع جنوبي البلاد، وقد ظلت الخلافات بين «هادي» وأبوظبي طوال الفترة الماضية، إلا أنه عقب التطورات الأخيرة وأبرزها إنشاء المجلس الانتقالي الجنوبي، بدأ الرئيس اليمني بموقع أضعف.
ويبدو أن أبوظبي وبالاتفاق مع الرياض، تسعى لإعادة بحاح إلى الواجهة السياسية، على الرغم من أن الأخير ليس صاحب شعبية أو قبول واسع، بقدر أنه مقرب من أبوظبي والرياض، ولا يلاقي تصعيده رفضاً كبيراً من الانقلابيين إذا ما كان هذا التصعيد من أجل الحل السياسي، وبعد أن قدّم بحاح نفسه في أكثر من تصريح ومقابلة، منحازاً لوقف الحرب والدعوة إلى حل سياسي.
ويأتي الحديث عن عودة «بحاح» الذي يعتبر رجل الإمارات في اليمن، في الوقت الذي تواجه فيه الأخيرة اتهامات بإقامة «سجون سرية» تشرف عليها قوات مدعومة من الإمارات، احتجزت تعسفا وأخفت قسرا عشرات الأشخاص خلال عمليات أمنية، وهو ما نفته الإمارات.