نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية مقالاً لنيري زيلبر الصحفي المقيم في تل أبيب، وزميل مساعد لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. كشف خلاله عن حلفاء إسرائيل من العرب الذين لا يستطيعون التحدث عن علاقتهم بإسرائيل في العلن.
يقول زيلبر إن الولايات المتحدة والمسؤولين الإسرائيليين يبدو أنهم مقتنعون بأن اتفاق السلام الإقليمي بين إسرائيل والعالم العربي قد يكون في مأزق.وأشار الكاتب إلى ما قاله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال رحلته الأخيرة إلى الشرق الأوسط بأن “مستوى جديد من الشراكة ممكن وسيحدث — وهو ما سيحقق المزيد من الأمان لهذه المنطقة، ويزيد الأمن للولايات المتحدة ويزيد من الرخاء للعالم”.
ويرى الكاتب أن إسرائيل نفسها متورطة في الحروب العربية. ويقول إن أوضح المظاهر لما يسمى بـ”الشرق الأوسط الجديد” يمكن العثور عليه في سوريا. مشيراً إلى ما قاله ترامب نفسه عن المدى الاستراتيجي لإسرائيل عندما أخبر الروس بالمعلومات التي حصلت عليها عمليات الاستخبارات الإسرائيلية السرية ضد تنظيم “داعش”.
ويضيف أنه وفقاً لتقارير لاحقة، فإن المخابرات العسكرية الإسرائيلية قد اقتحمت شبكات الكمبيوتر الخاصة بمعدي القنابل في تنظيم “داعش” في سوريا. وبعد بضعة أسابيع، أفادت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن إسرائيل تكثف تعاونها الأمني والاستخباراتي مع الأردن في جنوب سوريا لتفادي المكاسب الإيرانية في المنطقة.
ويؤكد زيلبر أن التعاون الإسرائيلي — الأردني ليس جديداً حيث قامت إسرائيل بشحن مروحيات هجومية من طراز كوبرا إلى الأردن في عام 2015. وكان لدى الحكومة الإسرائيلية سياسة يعود تاريخها إلى عام 1970 من أجل دعم استقرار الأردن. ويضيف أنه مع ذلك، فهناك عملية تحالف كبرى بقيادة الولايات المتحدة تنطلق من الأردن لدعم مجموعات من المعارضة السورية. والسؤال المفتوح هو ما إذا كانت إسرائيل تشارك الآن أم لا.
أما الأمر الذي لم يعد محل تساؤل — حسب زيلبر- فهو الدور الذي تلعبه إسرائيل في منطقتها الحدودية مع سوريا. فإن إسرائيل تعمل منذ العام الماضي على أقل تقدير لإنشاء “منطقة عازلة صديقة” في الجانب الآخر من مرتفعات الجولان. حيث تقوم وحدة عسكرية إسرائيلية متخصصة بدور المنسق لتقديم المساعدات المدنية والمواد الغذائية الأساسية، للمصابين السوريين — بمن فيهم المقاتلين المتمردين — بالمستشفيات الإسرائيلية بحسب الكاتب.
ويشير زيلبر في هذا السياق إلى ما نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” في حزيران / يونيو عن “قادة معارضه يدعون أنهم يتلقون نقوداً من إسرائيل يستخدمونها لدفع الرواتب وشراء الأسلحة والذخائر”. وتهدف سياسة “حسن الجوار” هذه، كما هو معروف في إسرائيل، إلى إقناع السكان المحليين السوريين برفض إيران وحزب الله.
كما يشير الكاتب في مقاله إلى “مساعدة إسرائيل لمصر في حملتها لمكافحة الإرهاب في سيناء”. ويقول الكاتب إن هنا أيضاً يتفهم المسؤولون الإسرائيليون ضرورة عدم الحديث علناً بشأن التعاون، وكثيراً ما تفرض رقابة على وسائل الإعلام المحلية، كما في حالات مماثلة. فالتنسيق العسكري الرفيع المستوى وتبادل المعلومات الاستخبارية هما من الأسرار. وفي السياق يشير الكاتب إلى ما نقلته وكالة “بلومبرغ” الأمريكية عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى من أن طائرات إسرائيلية بلا طيار قامت خلال السنوات القليلة الماضية بمهاجمة إرهابيين في شبه جزيرة سيناء بموافقة مصر.
ورغم أن زيلبر يعتبر أن الصراع العربي الإسرائيلي هو العقبة أمام تطبيع العلاقات مع إسرائيل، إلا أنه يرى أن هناك “علاقات أمنية حميمة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بدعم من الولايات المتحدة، وتطور هذا التنسيق ليصبح دعامة للعلاقة الإسرائيلية الفلسطينية. ربما كان أنجح جوانب عملية السلام برمتها”.
ويضيف أن مسؤولاً أمنياً فلسطينياً أخبره “أن المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين يناقشون يومياً التهديدات المشتركة للوضع الأمني المستقر على كلا الجانبين”. ويستطرد “تأتي حماس على رأس القائمة التي تشكل تهديداً واضحاً لإسرائيل، وتشكل أيضاً تهديداً داخلياً كبيراً للسلطة الفلسطينية. وفي الواقع، أحبطت المخابرات الإسرائيلية مؤامرة اغتيال أعدتها حماس في عام 2014 ضد الرئيس محمود عباس”.
ويضيف المقال أن إسرائيل لديها اتفاقات سلام وعلاقات دبلوماسية مع مصر والأردن والسلطة الفلسطينية، ولذلك فإن العلاقات العسكرية معها قد لا تكون مفاجأة كاملة. ومع ذلك، فإن العالقات الوثيقة مع دول الخليج العربي، مثل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، أقل شهرة.
ويقول إنه “كثيراً ما يشار إلى هذه الروابط بشكل غير مباشر من قبل وزراء الحكومة الإسرائيلية بأنها “مصالح مشتركة” في مجالي الأمن والمخابرات ضد التهديد الإيراني المشترك. ولكن في السنوات الأخيرة، ظهرت تقارير عن اجتماعات سرية بين رؤساء المخابرات الإسرائيلية ونظرائهم الخليجيين. وزعم أن مائير داغان، رئيس الموساد السابق، سافر إلى المملكة العربية السعودية في عام 2010 لإجراء محادثات سرية حول البرنامج النووي الإيراني”. ويضيف “اللقاءات العامة مع المسؤولين السعوديين المتقاعدين هي الآن أمر شائع، سواء في واشنطن، وميونيخ أو حتى القدس. كما أن العلاقات التجارية تنمو أيضا، بما في ذلك بيع الزراعة الإسرائيلية وتكنولوجيا الإنترنت، والاستخبارات والأمن الداخلي إلى الخليج (عادة من خلال أطراف ثالثة)”.
وويقول زيلبر إنه “بشكل عام، لم يعد بالإمكان النظر إلى الأنشطة الإسرائيلية في سوريا والأردن والضفة الغربية ومصر والخليج بمعزل عن بعضها البعض. بل إن إسرائيل تشارك الآن في الحملات العسكرية للعالم العربي ضد كل من إيران ووكلائها، وكذلك ضد تنظيم “داعش”. ويبقى أن نرى ما إذا كان هذا مجرد زواج مؤقت ضد الخصوم المشتركين أو أنه بدء إعادة تنظيم استراتيجي مستمر.
ويختتم زيلبر قائلاً “بغض النظر، فمن المرجح أن تستمر العلاقات لبعض الوقت. حيث لا تظهر حروب المنطقة أي إشارة على التراجع في المستقبل القريب. وعلى أقل تقدير، لم تعد إسرائيل تعتبر المشكلة الرئيسية التي تعاني منها منطقة الشرق الأوسط. ولهذا السبب، حث ترامب الدول العربية على “الاعتراف بالدور الحيوي لدولة إسرائيل” في شؤون المنطقة. وفي غياب الحركة الكبيرة على الجبهة الفلسطينية، فإن هذا الدور الإسرائيلي الجديد لا يحتمل أن يجلب تطبيعاً كاملاً للعلاقات أو ينهي الصراع في المنطقة. ولكنه قد يساعد على كسب الحروب الحالية، ومعها، مظهر من مظاهر السلام في الشرق الأوسط”.