اخبار الساعة
شرت صحيفة رأي اليوم التابعة للمحلل السياسي عبدالباري عطوان في افتتاحية عددها الصادر ، اليوم الثلاثاء ، مقالاً تحت عنوان “ثلاثة صواريخ باليستيّة: يمنيّة وإيرانيّة وكوريا شماليّة تُثير قلق أمريكا وحُلفائها وتُمهّد لكَسْر هَيمَنتْها على العالم.. لماذا لا؟ إنّها تُكنولوجيا الفُقراء العَسكريّة في مُواجهة الغَطرسة والاستكبار”.
نص المقال:
ثلاثة صواريخ باليستيّة أثار إطلاقها حالة من القلق لدى الولايات المُتّحدة الأمريكيّة وحُلفائها في الغَرب، لأنها قد تُؤدّي إلى تداعيات استراتيجيّة خَطيرة على مَوازين القِوى، الأول كان يمنيًّا، أطلقه التّحالف “الحُوثي الصّالحي” من طِراز “بركان 1″ باتجاه مدينة الملك فهد الجويّة في الطائف، شمال مدينة مكّة المُكرّمة، والثّاني إيراني بهدف وضع أقمار صناعية في المدار الأرضي على ارتفاع 500 كيلو متر، والثّالث كوري شمالي عابرٌ للقارّات أشرف على إطلاقه بنجاح الرئيس كيم جونغ أون.
هُناك قاسمٌ مُشترك يَجمع بين هذه الصواريخ الثّلاثة وظُروف إطلاقها، وهو أن الدّول التي تقف خلفها، والبرامج الباليستيّة التي أنتجتها، تُشكّل تهديدًا للولايات المُتّحدة الأمريكيّة، وتتمتّرس في الخَندق المُعادي لها ولحُلفائها، سواء في الشرق الأوسط، أو شرق آسيا.
الولايات المُتّحدة ردّت على الصاروخ الباليستي الإيراني بفَرض عُقوبات اقتصاديّة على سِت شركات إيرانيّة تتعاطى مع البرنامج، بينما أجرت مُناورات عسكريّة مُشتركة مع حليفتها الكوريّة الجنوبية، وقالت أنّهما تبحثان “ردًّا عَسكريًا” على هذا الانتهاك الكوري الشّمالي للقانون الدّولي.
لم تُعلن كوريا الشّمالية عن ردّها على هذا التهديد العسكري الأمريكي، ولكنّها لم تَعبأ مُطلقًا بأي تهديدات مُماثلة في السّابق، وواصلت تجاربها الباليستيّة، وأعلن رئيسها كيم جونغ أون الذي أشرف بنفسه على تجربة إطلاق الصّاروخ الأخير والأحدث، “أن الولايات المُتّحدة باتت في مَرمى صواريخنا”، وليس هُناك ردًّا مُفحمًا أكثر من هذا.
الرّد الإيراني جاء مُتحدّيًا أيضًا، فقد أكّد السيّد بهرام قاسمي، المُتحدّث باسم الخارجية الإيرانية “أن إيران ستُواصل برنامجها للصّواريخ الباليستيّة بطاقةٍ “كاملةٍ” في إشارةٍ إلى العُقوبات الأمريكيّة الجديدة، وأردف قائلاً: “المجالات العسكريّة والصاروخيّة تقع في إطار سياستنا الداخليّة، ولا يَحق للآخرين التدخّل فيها أو التّعليق عليها”.
ربّما تمتلك الولايات المُتّحدة الطائرات والقاذفات الحديثة من طِراز “إف 16″ و”إف “15، وحتّى الشبح من طِراز “إف 35″، ولكن المُعسكر الآخر، استطاع تطوير سلاح الصّواريخ الذي جعل مُدنًا أمريكيّة في مَرمى أهدافه، وهُنا يَكمن الخلل المُتصاعد في الاستراتيجية الأمريكيّة العسكريّة، ويُهدّد تفوّقها النّوعي واستمراره.
مُضي إيران قُدمًا بتطوير قُدراتها الصاروخيّة، وبطاقة كاملة، كرد على العُقوبات الأمريكيّة مَحدودة التأثير، يعني إنتاج صواريخ جديدة مُتوسّطة وبَعيدة المَدى، وربّما بالتّعاون مع كوريا الشماليّة، يُمكن أن تصل إلى العُمق الإسرائيلي والأوروبي، وربّما الولايات المتحدة نفسها.
هذه الصواريخ الباليستيّة الثّلاثة، الإيرانيّة واليمنيّة والكوريّة الشماليّة تُحقّق رَدعًا استراتيجيًّا، وربّما تغيّر مُعادلات القوّة، وتَضع حدًّا لعَربدة أمريكا وحُلفائها، وبما يُعزّز الحِلف المُعادي لها، ويُمثّل بطريقةٍ أو بأخرى إنجازًا وسِلاحًا لـ “ضُعفاء” العالم في مُواجهة الغَطرسة الأمريكيّة، وهذا ربّما يكون تطوّرًا طيّبًا للكثيرين، والعَرب الفُقراء والمَظلومين على رأسهم.