نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الامريكية تقريرا مرفقا بمجموعة صور تبين معاناة الاطفال في اليمن بسبب سوء السلوك الوحشي الذي يرتكبه التحالف الذي تقوده السعودية بدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا.
ويقول التقرير الذي كتبه، الصحفي الشهير نيكولاس كريستوفر، وهو كاتب عمود في نيويورك تايمز، تحت عنوان: "صورا ومشاهد لا تريدك الولايات المتحدة والسعودية أن تراها" إن الحكومة السعودية ترتكب جرائم حرب في اليمن بتواطؤ الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
ويقول مسؤولو برنامج الغذاء العالمي التابع للامم المتحدة واليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية في بيان مشترك استثنائي: "ان البلاد على وشك المجاعة حيث اكثر من 60 بالمائة من السكان لا يعرفون من اين سيأتون بوجباتهم القادمة".
وتعزى معاناة هؤلاء الاطفال إلى حد كبير إلى سوء السلوك الوحشي الذي يرتكبه التحالف الذي تقوده السعودية بدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا.
ويشير التقرير الى ان السعوديين يقصفون المدنيين بشكل منتظم، والأسوأ من ذلك أنهم أغلقوا المجال الجوي وفرضوا حصارا في خطوة لتجويع المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون وحلفائهم واخضاعهم.
وهذا يعني - بحسب التقرير - أن اليمنيين العاديين، بمن فيهم الأطفال، يموتون بالقصف الجوي أو الجوع.
ويبرز التقرير صورة للطفلة بثينة الريمي ذو الاربع سنوات، والناجية الوحيدة في عائلتها من غارات الأسبوع الماضي من قبل التحالف السعودي الذي قتل 14 شخصا في حي عطان بالعاصمة صنعاء.
وخلصت هيومن رايتس ووتش مرارا إلى أن العديد من الغارات الجوية السعودية هي جرائم حرب محتملة، وأن الولايات المتحدة تتقاسم المسؤولية لأنها توفر للسعوديين التزود بالوقود الجوي ووسائل الاستخبارات، بالاضافة الى تزويدها الكثير من الأسلحة.
نيكولاس كريستوفر، الذي حاول لمدة عام تقريبا الوصول الى اليمن ومنعته السعودية من الدخول الى هناك لتوثيق اثار الحرب، يقول في تقريره إن ضحايا مثل بثينة ليسوا على شاشاتنا التلفزيونية ونادرا ما يتصدرون صفحات الأخبار، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن المملكة العربية السعودية تمنع الصحفيين الأجانب من الدخول الى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون وحلفائهم.
وكان نيكولاس كريستوفر رتب زيارة لهذا الاسبوع الى اليمن، لكن السعودية منعته ورفضت منحه تأشيرة دخول.
ويشير كريستوفر في تقريره الى انه وبسبب حظر الرحلات التجارية، فان السبيل الوحيد للدخول إلى مناطق سيطرة الحوثيين وحلفائهم هو على الرحلات المستأجرة التي تنظمها الأمم المتحدة وجماعات المعونة. ولكن الطائرات العسكرية السعودية تسيطر على هذا المجال الجوي وتحظر أي رحلة إذا كان هناك صحافي على متن الطائرة.
ومن السخرية بمكان كما يعتبرها كريستوفر، أن المملكة العربية السعودية نجحت في ابتزاز الأمم المتحدة لمنع الصحفيين من تغطية الفظائع السعودية في اليمن.
وأكد ان السعوديين لا يريدون منك أن ترى أطفالا من امثال علاء، الذي يعاني من سوء التغذية الحاد. وبعد تصويره من قبل فريق برنامج الأغذية العالمي، توفي علاء بعد يومين.
وتقول ميشيل نان، رئيسة منظمة "كير" الامريكية: "الوضع في اليمن عار على مجتمعنا العالمي". "أكثر من 20 مليون يمني في حاجة إلى مساعدة طارئة، ويموت طفل كل خمس دقائق. ومع ذلك، فإن عددا قليلا من الأمريكيين يعرفون عن الدماء التي تراق بشكل يومي في اليمن، والمجاعة، ووباء الكوليرا الذي ينتشر بسرعة".
ودعت صحيفة نيويورك تايمز الى وقف عمليات بيع الاسلحة إلى السعودية حتى تتوقف عن اراقة دماء اليمنيين وتجويعهم.
وتقول الصحيفة: بدأت الحرب في اليمن كصراع محلي، ولكن المملكة العربية السعودية هرعت بسبب المخاوف المبالغ فيها من النفوذ الإيراني هناك. لقد تصرفت جميع الأطراف بشكل فظيع. ولكن من جانبنا يبدو أن المسؤول عن أكبر عدد من القتلى: يقول تقرير للأمم المتحدة إن التحالف الذي تقوده السعودية هو المسؤول عن وفاة الأطفال بنسبة 65 في المئة، كما ان السعوديين فرضوا حصارا بريا وبحريا وجويا تسبب في مجاعة وأزمة انسانية كبرى.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن أسوأ وباء (الكوليرا) في العالم قد انتشر في اليمن، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الكثير من الناس يعانون من سوء التغذية. ويصاب خمسة آلاف يمني إضافي بالكوليرا كل يوم.
وبالرغم من أن السعوديين يزعمون أنهم يقدمون كميات كبيرة من المساعدات لليمن. لكن القصف والتجويع للمدنيين ليس عذرا.
وبحسب التقرير، بدأت هذه الكارثة في ظل الرئيس باراك أوباما، على الرغم من أنه حاول - وليس بما فيه الكفاية - كبح جماح المملكة العربية السعودية. وقد أزال الرئيس ترامب كل ما عمله اوباما، واحتضن الأمير المتهور وعديم الخبرة، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي يشرف على العدوان على اليمن.
ويقول هارون ديفيد ميلر، المحلل السابق في وزارة الخارجية في الشرق الأوسط الذي نصح كل من الإدارتين الجمهوريتين والديمقراطيتين: "اليمن كارثة أخلاقية وإنسانية واستراتيجية بالنسبة لأمريكا بسبب تمكينها ومساعدتها السعودية في خلق اسوا ازمة انسانية في العالم".
ويحث جان ايغلاند المسؤول السابق في الامم المتحدة الذي يدير حاليا المجلس النرويجي للاجئين على وقف فوري لاطلاق النار ورفع الحظر المفروض على اليمن ومحادثات السلام تقودها الامم المتحدة والولايات المتحدة وبريطانيا، .
وأشادت "نيويورك تايمز" بالخطوة التي اقدم عليها مجلس الشيوخ الأمريكي، عندما صوت 47 من أعضاء مجلس الشيوخ البارزين في يونيو على حظر بيع كبير للأسلحة إلى المملكة العربية السعودية، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى المخاوف من السلوك السعودي الوحشي في اليمن.
واعتبرت الصحيفة الخطوة بالاخلاقية، مشددة على وقف جميع عمليات نقل الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية إلى أن تتوقف عن الحصار والدمار واراقة الدماء.
ويختتم تقرير الصحيفة بالقول: لقد استنكرنا نحن الأمريكيون دعم روسيا لحلفائها من الحكومة السورية لأنها تقصف المدنيين وتجويعهم. لكننا اليوم نفعل الشيء نفسه ونساعد ونحرض السعوديين في ارتكاب جرائم حرب بحق اليمنيين الابرياء.