الدولة سبب الغش
معين الصيادي
كان الغش "سابقاً" بمثابة قيمة منبوذة تندر حالات استخدامها،وان استخدمت فهي بمثابة هرمون تنشيط للطالب يعوضه عن خوف الامتحانات،إلا انه بدأ يزداد انتشارا في المحافظات،وتختلف درجات تفشيه من مديرة الى اخرى ومن محافظة الى اخرى،وخصوصا المناطق التي يضعف فيها التعليم-سواء في الارياف او المدن- بموافقة غير علنية من قبل بعض مسؤلي الدولة التي استسلمت امام شبحه نظرا لتقصيرها في توفير المدرسين وأيضاً في عدم قدرتها على توظيفهم بعد التخرج من الجامعات،واتخذت حيلة اخرى هي رفع نسب القبول في الجامعات لتدفع جزءاً منهم الى المعاهد المهنية وآخر الى البطالة لتستقطبه التنظيمات الارهابية والدينية المتشددة،الى درجة ان الكثير من الطلبة واولياء امورهم اصبحوا يعتبروا الغش استحقاق وطني لابد من الحصول عليه حتى وان كلف ذلك حشد القبائل خلف اسوار المدارس لممارسة الغش بمكبرات الصوت ومحاصرة المراقبين ولجان الاختبارات-هذا في حالة ان رفضت اللجان التي تستلم بعضها مبالغ مالية تسهّل عمليات الغش وبالكمية التي تحددها القبائل المدججة بالاسلحة المتنوعة..وهذا يلحق خسائر لا تقدر بثمن حينما تتخرج اجيال عقولها فارغة تماماً،ومتشربة ثقافة الغش منذ الصغر ،مع ان الدولة تعتبره انتصارا لها لأنها تنتج اجيالاً امية ليس بمقدورها ان تقود البلاد بدلاً من العجزة والمسنين.
* نقلاً عن حشد