اخبار الساعة
أليس إعادة ” الشرعية ” بنظر المجتمع الدولي، أي حكومة عبدربه منصور هادي إلى اليمن أو حتى أجزاء منه هو الهدف الأول ” لعاصفة الحزم” !؟ هذا لم يحدث حتى الآن على الرغم سيطرة التحالف الذي تقوده السعودية إلى عدد من المحافظات الجنوبية ومنها بينها عدن !
المفارقة الأكثر غرابة أن المقرات التابعة لدولتي السعودية والإمارات في هذه المحافظات شبه ثابتة وشبه دائمة ويتناوب على التواجد فيها ضباط إماراتيين وسعوديين كقيادات لقوات التحالف، وباتت هذه القيادات بشهادات ووقائع ووثائق تتحكم بالقضايا الإدارية وعبرها تجري التعيينات ليس للدوائر العسكرية والأمنية باعتبارها تدير العمليات العسكرية فحسب، بل وحتى التعيينات الإدارية، بينما حتى اللحظة ليس هناك مقرات ثابتة ودائمة لهادي وأعضاء حكومته، ولا يزال يقيم بشكل دائم وربما نهائي في الرياض!
إنه تطبيق معكوس للهدف الأول لقائمة اهداف “عاصفة الحزم” التي لم يعد أحد يتذكرها بعد ان غرقت السفينة في هذه الحرب العبثية والعدوان الآثم .
ففي الوقت الذي تقيم قيادتي الإمارات والسعودية في هذه المحافظات بشكل دائم ، وتحت حراسة كبيرة مشددة ، يقيم هادي وحكومته بشكل دائم في الرياض بما في ذلك محافظ عدن عبد العزيز المفلحي الذي عينه هادي لإدارة المحافظة ومنع من دخول مقره المخصص وتعرض لثمان محاولات اغتيال خلال أشهر قليلة بحسب تصريحاته ، وسنستثني هنا زيارات خافتة لرئيس حكومة هادي أحمد عبيد بن دغر ، أليس هذه المفارقة تؤكد أن ما حدث ويحدث لم يكن عملية إنقاذ ” للشرعية” المزعومة بقدر ما هو احتلال وتموضع ومصالح .
الاقتتال والاشتباكات التي تشهدها عدن بين قيادتين مسلحتين ، الأولى ( الحزام الامني تببع قيادات مقربة من الإمارات ) والثانية ( قوات الحرس الرئاسي وتتبع قيادات موالية لهادي وللسعودية ) ووصلت إلى استخدام طائرات التحالف المروحية لفض الاشتباكات ، تضع علامات استهام وتعجب أمام قائمة الأوليات بالنسبة للسعودية والإمارات في هذه المحافظات وهل لا تزال إعادة هادي ضمن هذه القائمة ؟
ثمة صعوبات كبيرة أمنية بالدرجة الأولى وعسكرية وسياسية توحي بفشل التحالف في إعادة هادي إلى عدن بشكل دائم وإثبات أنها جاءت لإنقاذ ” الشرعية” كما تقول ، ولكن في المقابل والمؤكد فإن المشروع الذي طغى وبات جليا أن ما يجري عمليا وتنفق عليه الإمارات والسعودية من وقتها وجهدها أضعاف ما يصرف لمهمة إعادة ” الشرعية ” المزعومة ، علاوة على الشواهد الكثيرة التي تؤكد انصراف هذه الدول إلى ترتيب دائم للتواجد العسكري وشرعت في بناء قواعد عسكرية في جزيرتي سقطرى وميون اليمنيتين ويقعان على طريق التجارة الدولية ، وبالقرب من باب المندب (جزيرة ميون) بالإضافة إلى استئجار أبو ظبي لميناء عدن الدولي عبر شركة موانئ دبي لـ 25 سنة قادمة بتوقيع من عبد ربه منصور هادي بحسب تسريبات شبه مؤكدة وبوساطة سعودية ضمن اتفاق تهدئة بين الإمارات وهادي تتضمن توقف الإمارات مؤقتا عن دعم سيطرة ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات وأعلن انه سلطة مستقلة برئاسة عيدروس الزبيدي محافظ عدن السابق ، هذا الإعلان كان في 11 مايو 2017 وأفردت له قنوات الإمارات مساحة كبيرة من التغطية .
إبقاء الجنوب على هذه الوضعية ريثما تنظر هذه الدول أين سوف ترسو ” عاصفة الحزم” هو المسار التي يفضله التحالف ، من الواضح أن الأمارات والسعودية يتصرفان مع المحافظات الجنوبية والقوى الجنوبية العسكرية والسياسية التي شكلتها الحرب وأفرزتها الأحداث كواقع جديد دون هادي وحكومته تماما ، ككيانات تحظى بشعبية اضعاف هادي وليس بمقدورها الآن وربما حتى مستقبلا أن تعترض عن اي تواجد عسكري اماراتي وسعودي ، وهذا يعني أنه مثلما باتت عودة هادي ورموز نظامه إلى صنعاء شبه مستحيلة في ظل تعثر الحسم العسكري وتنامي قوة تحالف ( أنصار الله – وحزب الرئيس صالح) باتت ايضا عودته إلى عدن وبالتالي إلى المحافظات الجنوبية شبه مستحيلة أيضا ، فما يحدث هناك لا يحمل أي مؤشرات على عودته أو مستقبله حتى .
من يرتب لإقامة دائمة ويستقطب تحالفات كلها ممن يخنلفون مع هادي و” شرعيته ” ويقطع الطريق أمام أي مستقبل لخصومه في هذه المحافظات أي المحافظات الجنوبية اليمنية ، ويستقبل الضيوف في مقراته ويسمح بإنزال أعلام الجمهورية اليمنية الموحدة من كل شوارع المدن وبل وحتى المقرات الحكومية ويضع بدلا عنها أعلام الانفصال ، هي دول التحالف الإمارات والسعودية ، وليس هادي وحليفه الأبرز حزب الاصلاح ( اخوان اليمن) الذين أحرقت مقراتهم في هذه المحافظات ووضعهم ما يمسى المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تدعمه الإمارات كجماعة محظورة .