اخبار الساعة
قال الكاتب الأمريكي ديفيد إغناتيوس إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ومن خلال حملة الاعتقالات التي شنها ضد أمراء ووزراء بتهم الفسد "دخل في لعبة محفوفة بالمخاطر من أجل تعزيز نفوذه".
وأوضح إغناتيوس بمقال له في صحيفة واشنطن بوست أن "الأمير الجامح البالغ من العمر 32 سنة وجه ضربة لأبرز الأسماء في مجال الأعمال والحياة السياسية في محاولة جديدة لاكتساب السيطرة وإحداث التغيير في مملكة النفط".
وأشار الكاتب إلى أن أحد رجال الأعمال السعوديين نقل له أن ابن سلمان "في طور إنشاء مملكة عربية سعودية جديدة".
ولفت إلى أن الحملة على "الفساد" جاءت في أعقاب تحركات أخرى وصفها بـ"العدوانية والمثيرة للجدل" بما في ذلك المرسوم الملكي الذي يسمح للنساء بقيادة السيارة وفرض قيود على "الشرطة الدينية".
ويرى رجل الأعمال الذي لم يفصح إغناتيوس عن اسمه أن خطوات ولي العهد السعودي "محفوفة بالمخاطر لأنها تحمل تحديا لكبار الأمراء والمحافظين الدينيين في الوقت ذاته"، عن قلقه من "خوض الأمير عدة حروب في آن واحد".
وأشار إغناتيوس إلى أن قائمة المعتقلين تشمل الأمير متعب بن عبد الله نجل الملك السابق ووزير الحرس الوطني السعودي الذي يمثل السلطة القبلية، وفي هذا الصدد أكد رجل الأعمال السعودي أن "الحرس الوطني كان جزءا من التوازن القائم داخل العائلة المالكة وقد فتك ابن سلمان بذلك التوازن ليصبح بمثابة جالوت الذي باستطاعته محاربة كل شيء".
وأوضح الكاتب الأمريكي أن ابن سلمان يبدو بصدد تفكيك نظام الحكم التقليدي في السعودية بشكل متعمد حيث استولى الأمير الشاب على السلطة التنفيذية ومارسها بعنف للدفع بجدول أعماله.
وقد تم عرض الجانب التقدمي لعملية التغيير قبل أسبوع حين استضاف ابن سلمان مجموعة من رواد الأعمال والتكنولوجيا من جميع أنحاء العالم. وقد أظهرت عمليات اعتقال ليلة السبت قبضته الحديدية داخل القفاز المخملي المستقبلي.
كما لفت إغناتيوس إلى مقطع الفيديو الموجز الذي وصف الأمير من خلاله حملته والذي يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي السعودية حيث قال: "أؤكد لكم أن أي شخص متورط في الفساد لن ينجو من هذه الحملة سواء كان أميرا أو وزيرا أو أي شخص آخر".
وقال إن الاعتقالات كانت مصحوبة بمرسوم ينص على إنشاء "لجنة عليا للتحقيق في الفساد" وتملك هذه اللجنة "الحق في اتخاذ أي تدابير وقائية تراها مناسبة" بما في ذلك الاستيلاء على الأصول وحظر السفر.
وبين إغناتيوس أن ابن سلمان اختار ما "يُحتمل أن يكون هدفا شعبيا يشاطره مع السعوديين الشباب خاصة أن الفساد قد أضعف السعودية على مدى أجيال، ما أدى إلى استنزاف الخزينة الملكية وإعاقة عملية التحديث التي قال ولي العهد إنه يرغب في تنفيذها".
كما يراهن ابن سلمان على قدرته على تعبئة هؤلاء السعوديين الشباب المتعطشين لرؤية المملكة الجديدة ضد الأمراء الأكبر سنا، فضلا عن ذلك يأمل ابن سلمان أن تقدم المؤسسة الدينية الدعم اللازم لتطهير صفوف النخبة.
من جانبه، أشار محلل سياسي سعودي يوم الأحد إلى أن ابن سلمان "بصدد تضييق دائرة الأشخاص المتواجدين على الساحة، فعوضا عن وجود 10 آلاف من أصحاب المصالح، لن يكون هناك سوى عدد قليل منهم في الوقت الراهن".
والجدير بالذكر أن قائمة المعتقلين تشمل أصحاب المليارات، من بينهم الوليد بن طلال رئيس شركة المملكة القابضة وأحد أبرز المستثمرين السعوديين العالميين؛ ومؤسسا مركز تلفزيون الشرق الأوسط صالح كامل ووليد الإبراهيم ووزير الاقتصاد والتخطيط عادل فقيه.
وأفاد الصحفي بأن ابن سلمان أقدم على تحطيم دائرة قيادة الملك السابق، عبد الله، الذي توفي سنة 2015 فإلى جانب الأمير متعب، اعتقل ولي العهد السعودي الأمير تركي بن عبد الله، الحاكم السابق لمنطقة الرياض؛ وخالد التويجري، الذي كان رئيسا للديوان الملكي.
وخلال شهر حزيران/ يونيو الماضي، أطاح ابن سلمان بالأمير محمد بن نايف، ولي العهد السابق، ممهدا الطريق أمامه ليخلف والده الملك سلمان البالغ من العمر 81 سنة.
وتجدر الإشارة إلى أن عملية "التطهير" التي شهدتها السعودية في نهاية الأسبوع الماضي، والتي كانت مصحوبة بخطاب الإصلاح، قد بدت شبيهة بنهج الأنظمة الاستبدادية على غرار الصين. وفي هذا السياق، استخدم الرئيس الصيني، شي جين بينغ، أداة مماثلة لمكافحة الفساد لاستبدال جيل من القادة الحزبيين والعسكريين، بالإضافة إلى تغيير أسلوب القيادة الجماعية الذي اعتمده الحكام الصينيون السابقون.
ونوه إغناتيوس إلى أن ابن سلمان يستمد جرأته من الدعم القوي الذي يقدمه له الرئيس ترامب والدائرة المحيطة به والذي يرى فيه شخصية مقربة ستساهم في قلب الوضع الراهن باعتباره قطبا ثريا ومتمردا شعبيا في الآن ذاته.
ويرى أنه لم يكن من قبيل الصدفة قيام جاريد كوشنر، مستشار ترامب وصهره، بزيارة شخصية إلى الرياض خلال الشهر المنصرم. وقد قيل إن الرجلين ظلاّ مستيقظين إلى غاية الرابعة صباحا، لعدة ليال، قضياها في تبادل القصص ووضع الاستراتيجيات.
ولفت إغناتيوس إلى أنه من المرجح أن يشعر ابن سلمان بالإطراء حين يتم وصفه "بترامب السعودية" بيد أن شي جين بينغ ولعبة نفوذه لمكافحة الفساد قد يمثلان النموذج الحقيقي الذي يتبعه ولي العهد السعودي.