نعم لأول مرة في تاريخ اليمن الحديث تجرى إنتخابات رئاسية مبكرة بهذه الصورة ، وهذه الإنتخابات تأتي إنسياقا مع المبادرة الخليجية وألياتها التنفيذية وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2014 ، وكون هذه الإنتخابات تتم على أساس التسوية السياسية بين أحزاب اللقاء المشترك وحلفاؤه والمؤتمر الشعبي العام وشركاه ، ولأن الإنتخابات المقررة هي إحدى الوسائل التي ساعدت على إخراج اليمن من محنته ومن الحرب الأهلية التي كان يلوح بها البعض ، فإن أهمية الانتخابات الرئاسية المبكرة والمقررة في 21 فبراير القادم تكمن في أنها الإنجاز والإنتصار الثاني تحققه ثورة التغيير في بلادنا التي تزامنت مع الربيع العربي الذي إجتاح عدد من الدول العربية والإنتخابات هي بكل المقاييس عمل وطني وهدف من أهداف ثورة الشباب السلمية ، وبالنسبة للمرشح الرئاسي فذلك متفق عليه و تحصيل حاصل للتسوية السياسية ، ولأن الشعب هو صاحب المصلحة في التغيير البناء والهادف إلى حياة حرة كريمة أساسها الديمقراطية الحقيقية القائمة على الحقوق والواجبات ، فإن المصلحة العامة تتطلب مشاركة الشعب من أقصاه إلى أقصاه في المرشح التوافقي الأخ/ عبد ربه منصور هادي لقيادة السفينة للفترة الإنتقالية القادمة ، بذلك يكون الأخ / عبدربه منصور هادي هو الرئيس الثاني للجمهورية اليمنية ، ودون شك أن الإنتخابات تمثل عهداُ جديداً لليمن وخطوة أساسية للإنتقال السلمي للسلطة ، ويحدونا الأمل في مشاركة جماهير شعبنا في هذه الإنتخابات بحيث تكون فاعلة وملبية لرغبات الجماهير التواقة إلى المحافظة على وحدة اليمن وأمنه واستقراره .
و لأن المرشح للرئاسة وحده دون منافس قد اصبح متفق عليه ومعروف لدى الجميع في الداخل والخارج وذلك بحكم التسوية السياسية للإعتبارات المحلية والإقليمية والدولية ، غير أنني ومعي الكثير من ابناء الشعب تمنينا لو أن المبلغ الذي أعتمد لللإنتخابات والذي تجاوز تسعة مليار ريال خصص لأي مرفق تنموي حيوي سواء في مجال المياة أو الكهرباء أو المشتقات النفطية التي عانى ولازال يعاني من آثارها هذا الشعب الصامد الصابر .
وكما يعلم الجميع أن الأوضاع السياسية والأمنية مقلقة للغاية وخاصة الأوضاع الإنسانية المتدهورة ، فقد عاش اليمن خلال العام الماضي فترات عصيبة من تاريخه هي الأولى منذ قيام ثورتي سبتمبر وأكتوبر وقيام الجمهورية اليمنية ومن أجل التغلب على الظروف الصعبة التي عشناها ، وكي تتمكن القيادة السياسية الجديدة وحكومة الوفاق الوطني من مواجهة التحديات والصعوبات المحدقة بشعبنا ، وفي مقدمتها : القضاء على الفساد المالي والإداري المنتشر في مؤسسات الدولة ، وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب ، وأن تكون العدالة والمساواة هما أساس الحكم وفقاً لكتاب الله وسنة رسوله بما في ذلك إعطاء الحقوق لمستحقيها الذين حرموا منها بحكم سياسة التهميش ، لذلك نرى أن الإنتخابات التي تعقد لأول مرة بهذا المستوى والإهتمام الدولي لإجرائها خطوة عظيمة لابد من الحشد لها وإنجاحها، وإن نجاحها هونجاح يؤدي إلى تصحيح المسارات المطلوبة كاملة.
لقد تابعنا بكل تقدير واحترام التصريحات لعدد كبير من الدول والمنظمات الدولية وسفراء الدول الشقيقة والصديقة التي عبرت عن سعادتها واستعدادها لتقديم العون اللازم من أجل إنجاح الانتخابات الرئاسية ، ذلك الإهتمام إن دل على شي فإنما يدل على حرص المجتمع الدولي على وحدة اليمن وأمنه واستقراره وإعادة طبيعة الحياة كما كانت عليه قبل فبراير 2011 ، ودون شك فإن علاقات اليمن بالمجموعة الدولية من خلال السياسة والدبلوماسية اليمنية التي يقودها الأخ وزير الخارجية د.أبو بكر القربي لها مكانتها واحترامها وفي مقدمة ذلك إهتمام المجتمع الدولي بالموقع الجغرافي والإستراتيجي لليمن الذي بفضل الوحدة المباركة تبوأت اليمن مكانتها وأهميتها بين الدول كما كبر حجم اليمن في نظر الآخرين .
وحيث لم يتبقى على يوم 21 فبراير غير 21 يوماً فإننا ندعوا أبناء شعبنا وكافة القوى السياسية بما في ذلك شباب الثورة الموجودين في ساحات التغيير إلى المشاركة الفاعلة في الإنتخابات الرئاسية المبكرة ، و نجاحها هو نجاح لليمن الموحد ، بل هو بناء مستقبل مشرق لليمن يعيد للمواطن وللوطن أمجاد الماضي حضارة وتاريخ .
* د.علي عبدالقوي الغفاري
رئيس المركز اليمني للدراسات والعلاقات الدولية