إن الأحداث الأخيرة في اليمن وتشكيل الحكومة والتحديات تجعلنا نناقش الواقع اليمني في المنطقة من منطلق عقلي وواقعي وليس في الخيال، ويجب على العقلاء في اليمن أن يفكروا الآن في مصالح بلادهم وإعادة الإعمار. إن الدول الخليجية هي الشريك الحقيقي في اليمن بعدة عوامل:
1- إن أكثر العمالة اليمنية في منطقة الخليج ولولا ظروف الموقف الخاطئ الكارثي من تأييد صدام لكانت الأمور أفضل بكثير ودفع اليمن ثمناً باهظاً لمواقف مرتجلة.
2- إن أكثر المشاريع والدعم والتمويل والقروض الميسرة هي من دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
3- إن المساعدات الغربية محدودة جداً وشروطها قاسية والخدمات الإدارية تأخذ أغلب المساعدات والكل يعرف ذلك.
4- إن اليمن لا يستطيع أن يخرج من محنته بدون دول الخليج وهو بحاجة ماسة لها وهو جزء من واقعها وتربطه بها مصالح مشتركة.
لكن يجب أن ننظر للموضوع من منظور استراتيجي واقعي.
لذا يجب على اليمن وحكومته الجديدة أن تقدم مبادرة حسن نوايا تخدم مصلحة الجميع وستكون لها آثار كبيرة، فلو فكرت اليمن في ظل الظروف الراهنة التي تواجهها دول الخليج التي هي شقيقة ولديها رابطة العروبة والدين فيما يخص التهديد بمضيق هرمز، ولو أن اليمن تقوم بإعطاء ميناء ومنفذ مشترك مع دول الخليج كما كانت تفعل سوريا ولبنان في خط التابلاين وتؤجره بعد توفير شروط الحماية ومقابل ذلك تقدم دول الخليج امتيازات خاصة لليمن من حيث العمالة والاستثمار وتعويض اليمن عن الخسائر في البنية التحتية.
على اليمن كذلك أن يقدم تطمينات حول الوضع الأمني وإنهاء المظاهرة المسلحة والاتحاد لكل القوى ضد الجماعات المتطرفة والفئات التي ترفع المذهبية والطائفية تبعاً لأجندة خارجية لدول تريد أن تستغل اليمن في تحويله إلى نقطة توتر في المنطقة، لئن كانت المعارضة التي تحكم حالياً تنتقد استخدام الحكم السابق بأنه استخدم الحوثيين كورقة ضغط أو تجارة... إلخ، فالآن هم أمام المسؤولية في إنهاء هذا الوضع ورفض تدخل دول تريد استخدام الأراضي اليمنية في صراعات تضر بالمصلحة العربية العليا وتهدد استقرار المنطقة، لذا لابد من التحرك في إجماع وطني لهذا الأمر، وقد رأى الكثير موقف هذه الفئات ضد الحكومة والفئات وبدأوا يمارسون العنف، وبالمقابل فإن مسؤولية مجلس التعاون الخليجي تبني مؤتمر مصالحة وطنية يقوم على أساس:
1- الشراكة الجماعية والعمل من خلال الانتخابات.
2- رفض المذهبية والمناطقية وتقسيم البلاد.
3- محاربة حمل السلاح وجعله في أيدي الدولة ومنع تجارته.
4- رفض معوقات التنمية كالقات والمخدرات والمتاجرة بها.
5- وضع آلية للمستقبل بما يحفظ حقوق الجميع والمساواة بعيداً عن النظرات الضيقة والحوار من خلال المؤسسات الدستورية.
ويجب الضغط على جميع الفئات في هذا الإطار، أن التكامل الخليجي سيفرض نفسه من خلال الظروف والتحديات الإقليمية والدولية، ويجب على اليمن أن تعرف مستقبلها مع هذه المنظومة قبل غيرها، كما على دول الخليج أن تضع استراتيجية لاحتواء وتأهيل العمالة اليمنية لأنهم أفضل من العمالة الوافدة التي تأتي بعادات وتقاليد غريبة تضر بسلوك المجتمع وربما تشكل تهديدا لسلامة المنطقة، وقد كان سيدنا عمر بن الخطاب يحافظ على عادات العرب في الجزيرة العربية.
ولا شك أن هناك وسائل ومناهج توجيهية وبرامج ستكون ذات أثر بالتعاون مع الغرف التجارية والأجهزة المختصة لتأهيل وحسن سلوك أخلاقي عربي إسلامي، وتستبعد العمالة الضارة المنحرفة ذات المبادئ والأفكار والسلوك الذي يسيء إلى اليمن والعرب من خلال لجان متخصصة، واليمن هي قوة لدول الخليج.
على دول الخليج أن تضع دراسات شاملة وليست اقتصادية وسياسية فقط وإنما فكرية وتربوية وغيرها لدراسة المعضلات والمعوقات، وعلى العقلاء في اليمن أن يناقشوا بشجاعة معوقات العلاقة مع دول مجلس التعاون، وأن تقوم الحكومة الحالية بتجنب أخطاء الماضي للحكومة السابقة وتبدأ خطوات عملية واستراتيجية وشراكة في كافة المجالات وتحافظ وتدافع عن استقرار المنطقة من التهديدات والمخاطر، وإبداء موقف شجاع وصريح في هذا المجال وتوحيد النظرة والشراكة الدفاعية والأمنية مع دول مجلس التعاون.
إن قيام مشروع سكة حديد خليجية تمر باليمن سيكون له أثر كبير في الاندماج والتداخل أضف إلى تخفيف شروط الانتقال والدخول بعد تقديم اليمن للضمانات الأمنية وفق خطوات إيجابية بدعم خليجي وشراكة في التربية والتعليم والصحة والإعلام والثقافة وغيرها، والعمل على قيام لجان متخصصة من دول المجلس واليمن لمناقشة كافة القضايا بوضوح، سيكون له أثر كبير.
على اليمنيين أن يفكروا الآن بمصالح بلادهم وأن ينهوا المظاهر المسلحة ويرمموا ما خسروه في الماضي بمساعدة اخوانهم الذين يجب أن يدعموهم في المؤتمر الوطني للمصالحة برعاية خليجية، وكذلك التنازل من الجميع لمصلحة الوحدة والأخوة العربية الإسلامية وتجنب السلبيات وعدم النظر إلى الصفحات السوداء الماضية بل المستقبل