اخبار الساعة
أجرت صحيفة "فايننشيال تايمز" حوارات مع عدد من أصدقاء وأقارب المعتقلين في حملة التطهير، التي جرت يوم 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2017.
وقالت الصحيفة في تقريرها إنه تمت إزالة المواد الحادة التي كانت في الحمامات وفي مطافئ السجائر الزجاجية من أجنحة ريتز كارلتون، لمنع أي محاولة انتحار يمكن أن يقدم عليها المعتقلون في حملة مكافحة الفساد.
وبحسب التقرير، كان "معظم المحتجزين يقضون أوقاتهم في أماكنهم يشاهدون بين فترات التحقيق معهم"، لكنهم كانوا يفتقدون الخصوصية بسبب أن ضباط الاستخبارات كانوا يحرسون غرفهم تاركين أبوابها مفتوحة".
وتفيد الصحيفة بأنه تم منع التواصل بين المحتجزين وبعضهم، مع السماح لهم بالاتصال بشكل دوري بأقاربهم، مشيرة إلى أن أثر هذه التجربة عليهم تختلف من واحد لآخر، فبعضهم خرج "منهارا"، ولم يتحدث إلا القليل منذ خروجه من السجن، فيما مزح آخرون مع المهنئين، حيث أشاروا إلى نقص وزنهم شاكرين "ريتز ديتوكس"، في إشارة إلى تخلصهم من السموم والشحوم.
وينقل التقرير عن صديق أحد المعتقلين، قوله: "ما دمت مهذبا معهم فإنهم يعاملونك باحترام، لكن رجال المخابرات تركوا انطباعا بأنهم مستعدون للضرب لو تصرفت بأي أسلوب غير مهذب".
ويلفت التقرير إلى أن الكثير من المعتقلين استطاعوا الاتصال مع أصدقاء ومقربين، إلا أن آخرين غابوا في منتصف الليل، ولم يكن باستطاعة أقاربهم التأكد من مكان وجودهم لعدة أيام، إذ يقول قريب أحد المعتقلين الذين حاولوا الحصول على معلومات عنه؛ من أجل توصيل دواء له، لأنه كان يعاني من مرض القلب: "كان الوضع رهيبا، ولم يكن هناك أحد يمكن التواصل معه".
ويقول التقرير إن واحدا من الذين اعتقلوا في مطار الدمام أخبر أصدقاءه بعد عودته للمملكة بأنه وصل للفندق في عملية خطط لها بدقة، حيث قام الأطباء بفحصه قبل إدخاله للجناح المخصص له، وبعدها سمح لرجل الأعمال بالاتصال مع عائلته في غضون ساعات من اعتقاله، مشيرا إلى أنه تم اعتقال حوالي 20 رجل أعمال سعوديا يقيمون في الإمارات، ثم جرى ترحيلهم إلى السعودية على طائرة خاصة.
وتنقل الصحيفة عن مسؤولين سعوديين، قولهم إن "المداهمات الليلية كانت ضرورية لمنع هروب الشخصيات"، مضيفين أن الفندق، المكون من 492 غرفة، "كان مكانا آمنا لإجراء التحقيقات بهدوء وسرعة".
وبحسب التقرير، فإن القوانين منعت الكشف عن هوية المعتقلين قبل المحاكمة، "إلا أن الأسماء خرجت عبر وسائل التواصل الاجتماعي لإظهار جدية حملة مكافحة الفساد التي يقودها ابن سلمان. وأشارت الصحيفة إلى أن من تحدثت معهم "نفوا أي تقرير عن تعذيب جسدي".
وتقول الصحيفة إنه "عادة ما كان يبدأ المحققون تحقيقاتهم بطريقة ودية في الصباح، وقد يميلون للجدل مساءً، وأحيانا يوقظون المعتقلين في منتصف الليل، وقد يطلب من المعتقل تجهيز حقائبه للخروج ثم يتم تجاهله".
وتلفا الصحيفة إلى أنه بعد اعتقال المشتبه بهم تم تقديم قائمة بأسماء المعتقلين لمديري المصارف، طالبوا فيها تجميد حساباتهم وحسابات أقاربهم، وقال مصرفي إن هذا أدى إلى ضغط، وقيل لعائلة معتقل إنها لا تستطيع سحب أكثر من 100 ألف ريال في الأسبوع للأمور المعيشية.
ويكشف التقرير عن أنه طلب من المسؤولين الماليين في بعض الأحيان البقاء في مكاتبهم بانتظار مسؤولين يريدون النظر في الحسابات والدفاتر، وكان المديرون الماليون ينتظرون في بعض الأحيان حتى ساعات متأخرة من الليل، ليخبروا لاحقا أن الزيارة قد ألغيت.
يشير التقرير إلى أنه تم التكتم على التسويات، إلا أن بعض المقربين يقول إنها شملت أرصدة وعقارات وأموالا نقدية، مبينا أنه بالنسبة لـ"أم بي سي" فإنه قيل إن مديرها الوليد الإبراهيم سيحتفظ بنسبة 40% من أسهم الشركة، والبقية ستسيطر عليها الحكومة.
ولا تزال التسويات مع الشركات الأخرى مستمرة، بحسب التقرير الذي يشير إلى أن معظم الذين تم الإفراج عنهم منعوا من السفر، ولا يزال هناك 56 من المعتقلين الذين رفضوا التسويات وسيحولون إلى النائب العام.
وتقول الصحيفة إن مذكرات سرية وصلت إلى مديري البنوك، تطلب منهم تحويل أموال لوزارة المالية، لافتة إلى أن المصارف السويسرية قالت أنها تلقت طلبات من وفود سعودية للحصول على معلومات عن أموال للمتهمين، ليتم رفض الطلب، وتذكيرهم أن أي طلب يجب أن يمر عبر قضاة سويسريين.
وكانت صحيفة سويسرية قالت إن العديد من المصارف السويسرية رفضت تحويل أصول عملاء كانوا محتجزين في فندق "ريتز كارلتون" خلال الحملة التي يقودها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ضد الفساد.
وقالت مصادر مطلعة لصحيفة "لوتون" السويسرية، إن "النظام الجديد في الرياض، بقيادة ولي العهد، مارس ضغوطا على عدد من كبار أصحاب الثروات السعوديين لإعادة حساباتهم السويسرية إلى البلاد من أجل مصادرتها"، وفق ما نشرته الصحيفة.
وأشارت الصحيفة التي تصدر بالفرنسية في مدينة لوزان، إلى أن "المصارف المعنية في جنيف تشمل مصرف بيكتيه، يو بي إس، لومبار أودييه، كريدي سويس، إلا أن جميعها أعربت عن عدم رغبتها في التعليق على هذه المعلومات.
وأوردت الصحيفة تصريحا لرجل أعمال سعودي لاجئ في أوروبا، كانت له اتصالات مع أشخاص موقوفين قال فيه إن "الأمر لا يتعلق بحملة مقاومة للفساد بل بحرب ضد عائلات الملوك السابقين".
وذكرت الصحيفة على سبيل المثال أن "السلطات السعودية حاولت إعادة الأميرة جوهرة آل إبراهيم، الزوجة السابقة المفضلة للملك فهد التي تُقيم في قصر شاسع في إحدى ضواحي كانتون، جنيف، لافتة إلى أنها تدير تركة الملك فهد التي تقدر بعشرات المليارات، من جنيف منذ عشرات السنين".
ونقلت "لوتون" على لسان مصدر واسع الاطلاع بأنه "طُلب منها العودة إلى المملكة العربية السعودية لكنها رفضت". وعلى العكس من ذلك، تعرض ثلاثة على الأقل من أشقائها —وهم رجال أعمال كانوا نافذين جدا في عهد الملك فهد- إلى الاحتجاز في فندق ريتز.
ومع أنهم غادروا مقر الاحتجاز إلا أن أحد إخوتها وهو وليد آل إبراهيم اضطر إلى التخلي عن حصته في مجموعة (إم بي سي) الإعلامية وفق تقرير للفايننشيال تايمز البريطانية، إلا أن شخصا يعرف العائلة أوضح للصحيفة السويسرية أنه "احتفظ بـ40% لكن الحكومة ستدخل شريكا في رأس مال مجموعته".
وتشير الصحيفة إلى أن هذه الحملة "لن تمر دون أن تخلف آثارا وراءها"، كما أن الأحداث "رجت النخبة السعودية رجا عنيفا"، حيث "لجأ العشرات من رجال الأعمال ومن الأمراء ومن الوزراء السابقين إلى أوروبا ولندن وباريس بوجه خاص"، كما أن 20 شخصا ينتمون إلى نفس العائلة تحصلوا على تراخيص إقامة في جنيف في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، بحسب الصحيفة.
جدير بالذكر أن المملكة أعلنت انتهاء حملة الفساد، بتسوية بلغت 400 مليار ريال، أي ما يعادل 107 مليارات دولار تقريبا، وذلك قيمة أصول مختلفة متمثلة في عقارات وشركات وأوراق مالية ونقد وغير ذلك، عدا 56 شخصا، من بين 381 أوقفوا في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، سيبقون قيد التوقيف مع انتهاء ما وصفه بمرحلة التفاوض معهم.