أخبار الساعة » شخصيات ومشاهير » شخصيات علمية

ابنة سماحة الشيخ «ابن باز» رحمه الله تكشف تفاصيل وملعومات لم تُنشر من قبل عن حياة والدها

- سمية الوشَلي
نظّم النادي العلمي بكلية الشريعة قسم الطالبات، سلسلة لقاءات علمية بعنوان: “رحلة في الطلب” تتناول قصة رحلة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، رحمه الله، والتي “حطّت رحالها في الجنان”، حسب وصف الدعوة التي نشرتها كلية الشريعة لحضور سلسلة لقاءات “تروى لعلماء رحلوا وبقيت حكايتهم ترسم لوحة رائعة لحياتهم”.
 
وعلى هامش الفعالية التي حضرتها «تواصل»، ألقت الدكتورة هند بنت عبدالعزيز الباز، كلمة مطولة عن حياة والدها سماحة الشيخ ابن باز، رحمه الله، بدأتها بذكر فضل العلماء وأهمية معرفة سيرهم، قبل أن تعرّف بـ«حكاية» والدها التالية:
 
من هو العلامة ابن باز؟
اسمه: عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالرحمن بن باز، رحمه الله، وُلد في الرياض عام ١٣٣٠ هجرية، وُلد يتيماً فربّته والدته واعتنت به وحرصت عليه، فكانت تنتظره حتى يعود من المسجد وتحثّه على حضور الدروس، وقد حضر درساً في يوم شديد المطر لم يحضره غيره!
 
في الخامسة عشرة من عمره بدأ بصره يضعف حتى فقده في سن العشرين، فتأثَّرت أمه لذلك، وكانت تبكي حين زارتها جارتها، فنصحتها أن تصلي ركعتين، وتدعو الله أن يرزقه البصيرة كما سلب منه البصر، ويجعله عالماً لهذه الأمة! فدعت له، رحمهما الله.
 
يوم في حياة العلامة
 
لازم العلامة ابن باز الشيخ محمد بن إبراهيم سنوات طويلة، وأخذ عنه أكثر العلوم، من عقيدة وفقه وحديث وغيرها، وكان أقرب مشايخه إلى قلبه، وأعظمهم أثراً في نفسه، وكان يجل هذا الإمام ويقدره، ولا يستطيع الحديث عنه؛ إذ يغلبه البكاء إذا أراد ذلك.
 
تميز الشيخ ابن باز بشدة محافظته على الوقت، يغتنم كل لحظة في عبادة أو عمل أو خدمة، وهذا يتجلى في نظام يومه، فكان يستيقظ قبل الفجر بساعة فيصلي ١١ ركعة، وعند الأذان يوقظ جميع من في المنزل، ويلقنهم الأذكار، فيمرّ على جميع من في المنزل، فإذا صلى الفجر في المسجد جلس يقرأ أذكاره، وكان حريصاً عليها للغاية لا يتركها، ثم يبدأ درسه بعد الفجر، وكان يمتد لثلاث ساعات في ثلاثة أيام من الأسبوع، فإذا رجع إلى بيته ارتاح نصف ساعة.
 
وبعد ذلك يتجه الشيخ لعمله في (لجنة الإفتاء)، وإذا لم يكن لديه درس بعد الصلاة جلس في مكتب المنزل تقرأ عليه المعاملات، ثم يتجه للبيت يرتاح قليلاً، قبل أن يتجه لعمله في (الإفتاء)؛ وهو في طريقه لعمله تُقرأ عليه الكتب وينجز المعاملات، سواء طلاق أو غيرها. عند الساعة ٢:٣٠ ظهراً يرجع إلى بيته يستقبل الناس، ويتغدى معهم، ثم يذهب لصلاة العصر، وبعد العصر يقرأ عليه الإمام كتاباً فيعلّق عليه، كالأربعين النووية.
 
يرتاح ساعة في العصر، وربما هي وقت راحته الوحيد، بعد المغرب يستقبل الشيخ الاتصالات، وبعد العشاء إما يكون مرتبطاً باجتماع أو محاضرة وكان حريصاً ألا يرد أي داعٍ يدعوه، وإذا لم يكن مرتبطا تُقرأ عليه المعاملات في مكتب المنزل، ويجلس في استقبال الناس ويتعشى معهم، ولا يدخل بيته إلا الساعة الحادية عشر مساءً أو أكثر أحياناً.
 
هكذا كان يوم الشيخ في أيام السنة كلها، حتى في الإجازة.
 
حياة بلا إجازات ولا تنزه
مكث العلامة الشيخ ابن باز ٦٠ عاماً في عمله لم يأخذ إجازةً قط، يعمل حتى في أيام الإجازة، بل ربما أكثر مما يعمله في باقي الأيام.
 
وكان الشيخ لا يعرف التنزه، ولا يفضِّله، فوقته عامر بالجد وقضاء مصالح المسلمين، فلما قيل له ذات يوم أن يتنزه؛ رفض ذلك، وقال: من أراد التنزه يصعد إلى سطح المنزل يكفيه، إن شاء الله.
 
السفر في حياة العلامة
 
وكان الشيخ ابن باز في طريق سفره، سواء في سيارة أو طيارة، تُقرأ عليه المعاملات أو الكتب، أو يقرأ القرآن، وكان حريصاً على سماع أخبار المسلمين.
 
روى الشيخ عبدالرحمن الدايل أنهم كانوا في طريق سفر مع العلامة الشيخ ابن باز لإلقاء محاضرة في قرية على الطريق بين جدة والمدينة المنورة، فلما طلبهم الشيخ أن يقرؤوا عليه قالوا له: يا شيخ، لو أننا هذه المرة تركنا القراءة لنتفكر في مخلوقات الله ونستمتع بالرحلة؟ فقال الشيخ: اللهم اهدنا فيمن هديت؛ إذن يقرأ الشيخ إبراهيم، وأنت تفكر في مخلوقات الله، وإذا انتهى الشيخ إبراهيم أملي عليك ويتفكر الشيخ إبراهيم في مخلوقات الله!
 
الاجتهاد في أي وقت وحالة
أحصى الشيخ محمد الموسى بعد صلاة المغرب ٦٠ إجابة لستين سؤالاً أجاب عنها الشيخ العلامة، على الرغم من انشغاله وتوافد الناس عليه، وعدم توقف الهاتف عن الرنين. وبعد الفجر في ساعة ونصف أنجز ما يقارب ٤٠ معاملة!
 
كان وقته مباركاً، فينجز فيه ما ينجزه رجال عدة، فقد قرأ عليه أحد كتابه في الطائرة من الطائف إلى الرياض ٦٠ صفحة من كتاب (إعلام الموقعين)، في تعبه آخر عمره كان إذا شعر بتحسن طلب الكتاب والمعاملات لتقرأ عليه ويشعر بالراحة وهو يعمل عليها.
 
دماثة الخلق ورحابة الصدر
تميز الشيخ ابن باز، رحمه الله، بسلامة صدره من الغل والحقد والحسد، فلم يكن ينتقص أحداً، ولا يحمل في صدره للمسلمين إلا كل خير، وإذا بلغه عن أحد زلة أو هفوة أو مقالة فيها خطأ دعا له بالهداية والصلاح، وإذا قابله نصحه النصح الصادق المبني على الموعظة الحسنة، أو يكتب له.
 
سأله الشيخ عبدالعزيز السدحان مرة: يا شيخ نراك يحبك الناس كلهم: صغيرهم وكبيرهم، غنيهم وفقيرهم، فما سر ذلك؟ فلم يجبه الشيخ ابن باز تواضعاً منه، فلما أعاد عليه قال له: أنا لا أحمل في قلبي غلاً على أحد، ولا علمت عن شحناء بين اثنين إلا سارعت بالصلح بينهما.
 
السعي في حاجة الناس
وكان الشيخ ابن باز يسعى سعياً حثيثاً لقضاء حوائج الناس، قدر استطاعته، كتبت إليه امرأة فلبينية ذات يوم أنها ترمَّلت، وأنها تعول أيتامها، وليس لديها ما يكفيهم من المال والطعام والشراب، وأن الناس أخبروها أن تكتب إليه، فرقّ لحالها، فكتب إلى الموارد المالية أن يرسلوا إليها فاعتذروا، فطلب أن يقتطعوا من راتبه عشرة آلاف ريال لها ولأبنائها.
 
وتحكي امرأة من جنوب السودان أنهم في سنة من السنوات أُصيبوا بفيضانات شديدة أصابت مساكنهم حتى اضطروا إلى اللجوء للجبال دون طعام أو شراب، تقول: فوصلتنا إغاثات من رجال معهم الدقيق والماء والأطعمة، والألبسة والفرش للنوم، وكتب عن العقيدة الصحيحة والصلاة، فلما سألناهم عمَّن أرسلهم، قالوا إن الشيخ ابن باز هو من أمرهم بذلك. تقول: فما وصلتنا من الإغاثات غيرها!
 
الشفاعة لدى المسؤولين
وتميز الشيخ بكثرة شفاعاته حتى قال له بعض المسؤولين، لمَ تشغل نفسك بها؟ فقال: أنا أشفع فإن قبلوا بها فالحمد لله، وإن لم يقبلوا بها فقد عملنا ما علينا.
 
ومن ضمن شفاعات العلامة ابن باز، رحمه الله: (منح إقامات، وجنسيات، ومراكز علمية، وإخراج من سجون)، ومن شفاعات الشيخ، رحمه الله، أيضاً، أنه حكم على ١٠ من الدعاة في الصومال بالإعدام في الغد، فقلق عليهم الشيخ، واتصل بالملك عبدالله، وكان حينئذ ولياً للعهد، وأخبره بالقصة، فأوصل الخبر للملك فهد، رحمه الله، فأرسل برقية عاجلة لرئيس الصومال، فأُلغي حكم الإعدام، وبعد سنتين شفع في إخراجهم من السجن، فخرجوا.
 
 
 
ومنها شفاعته للشيخ الألباني، رحمه الله، عند ملك الأردن، فأرسل له يذكره بمقام الشيخ وقدره، فاستجاب لذلك.
 
حب الفقراء
كان العلامة ابن باز، رحمه الله، متواضعاً محباً للفقراء والمساكين، ولا يأنف من الجلوس معهم. فأرسل أحد الرجال للشيخ يقول: لو جعلتَ مجلساً للخواص ومجلساً للعوام. فلما عرف الشيخ بقوله قال: مسكين هذا، لم يتلذذ بالجلوس مع الفقراء والمساكين، فمن أراد الجلوس فليجلس، ومن تأبى نفسه فليس مجبوراً على ذلك.
 
واقترح عليه أحدهم فقال: يا شيخ لو تركت الهاتف والتفت للمسؤولين والزائرين، ففتاوى الناس لا تنتهي، وهناك من يقوم بها عنك، فقال: من له حاجة فأنا أضع سماعة الهاتف وأسمع منه، أما أني أترك الهاتف نهائياً فليس بصحيح، فالناس يرون أن أسئلتهم أهم شيء لديهم.
 
وفي يوم العيد قدم وافد إلى بيت الشيخ غاضباً يصرخ؛ لأن معاملته لم تنتهِ بعد، فغضبوا منه، فرفق به الشيخ وأمر بإكرامه والإحسان إليه.
 
وكان الشيخ ابن باز حليماً جداً يستقبل الوافدين وكل من جاءه قاصداً، وبعضهم كان ينام عنده بالأشهر، بل بالسنوات، حتى تنتهي معاملته، وما كان يضجر منهم، بل يحسن إليهم.
 
كان، رحمه الله، متواضعاً مع الصغار، يأنس بهم ويداعبهم ويسألهم بعض الأسئلة حسب أعمارهم، فإن كانوا صغاراً سألهم: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ فإن لم يُجِب لقّنه.
 
وعُرف الشيخ بكثرة إقراضه للناس، وكان يسقط ديونهم عنهم، حتى أنه قبل وفاته أسقط كثيراً من الديون، ففي أحد الأيام أمر كاتبه أن يكتب لرجلٍ أقرضه ٧٠٠ ألف أنه أسقط عنه دينه، فقال الكاتب: عظم الله أجر هذا الحساب لم يبق فيه شيء، فقال الشيخ: يا ولدي لا تهمك الدنيا أنا أبلغ من العمر ٨٧، وما رأيت من ربي إلا خيراً، وفرق بين من يموت وفيه حسابه مائة مليون، ومن يموت وليس في حسابه شيء، هذا ثقيل الحساب والتبعة، والآخر بعكس ذلك.
 
الأطفال في حياة العلامة
وللعلامة ابن باز أثر عظيم في نفس الطفل وفي والديه، وإذا جلس مع أبنائه وبناته يلاطفهم ويداعبهم ويسألهم عن مسائل في التوحيد أو في النحو كالإعراب مثلاً.
 
مما تميز به الشيخ ابن باز زهده، رحمه الله، فكانت تأتيه كل المناصب، وكان وزيراً، ويترأس كثيراً من المجامع الفقهية، قال كاتبه: إن الشيخ لم يسأل يوماً عن راتبه كم قدره ومتى يأتي، ولم يتكلم ببيع أو شراء، وكان ينفق إنفاق من لا يخشى الفقر، وكان يكره الحديث عن الأمور الدنيوية البحتة، أو الحديث عن الأثاث أو المنزل، قال له أهله مرة: إن البيت أصبح صغيراً مع كثرة الضيوف، قال: الله المستعان الدنيا “رايحة”، وهذا فيه البركة.
 
العلامة كان يكره المديح
وكان العلامة ابن باز يكره المديح والثناء، وإذا ألقيت القصائد في وجهه كره ذلك، وربما نبَّه القائل لذلك، وإذا قُرِئت عليه الرسائل فيها مقدمات ثناء، قال: اتركوا المقدمة واقرأوا المقصود؛ فأنا لا أحب سماع ذلك، ويتغير وجهه إذا سمعها ويقول: الله المستعان، الله يتوب علينا جميعاً، ويستعملنا وإياكم فيما يُرضيه.
 
وجلس مرة أحد الموسرين في مجلس الشيخ ابن باز، وبدأ يتحدث عن نعمة الله عليه، وأنه يبيع ويشتري وعنده أراض ربما تصل قيمتها إلى (٤٥) مليوناً. فقال له الشيخ: ما دامها بلغت ٤٥ مليوناً فماذا تنتظر؟ بعها واصرفها في وجوه الخير، وإلا أعطنا إياها نصرفها في الخير، فحُرج الرجل وسكت.
 
ومما يميز الشيخ ابن باز، رحمه الله، أنه كان سخياً جواداً بوقته وماله مادياً ومعنوياً، وينفقها في مصالح المسلمين، وعندما كان طالباً صغيراً لا يسلم على أحد إلا دعاه للغداء. وكان يوصي العمال في البيت أن يشتروا أفضل ما في السوق من الفواكه والخضار والطعام والتمر، وعلى الرغم من أن مائدته كانت غير متكلفة، إلا أنها كانت جيدة الطعام.
 
معاملته لزوّاره
وكان الشيخ ابن باز، رحمه الله، لا يحضر عنده أحد إلا ألح عليه بأن يأكل معه، ولم يكن يتلذذ بالأكل وحده، وما كان يأكل وحده إلا ربما وجبة الإفطار؛ إذ يتناولها سريعاً ثم يخرج لعمله، ولم يكن الشيخ يتبرم من حضور الناس وزيارتهم متى جاؤوا وبأي عدد كانوا، فذات مرة حضر عنده حافلة فيها ما يقارب الخمسين شخصاً في رمضان قبيل الإفطار، فرحب بهم وحياهم، ولم يضجر من حضورهم، وكان الشيخ ربما انتهى راتبه من كثرة صرفه في الخير، بل ربما استدان لكثرة من يتردد عليه من الضيوف وغيرهم.
 
معاملته لأهله
لم يكن العلامة ابن باز يتبرم من أهله إذا قابلهم، بل يسمع منهم، ويجلس معهم مع إرهاقه وضيق وقته، فكان صدره رحباً يجيب عن أسئلتهم، ولا يتضايق منها.
 
وكان، رحمه الله، عادلاً شديد العدل بين زوجاته وأبنائه في النفقة وفي المبيت، وإن احتاج أحد أبنائه إلى مال خارجٍ عن نفقته أمر الكاتب أن يقيده حتى يكون على سبيل القرض.
 
ولم يكن الشيخ ابن باز يرفع صوته أو يتلفظ بكلمة نابية أبداً، ولا يغضب إلا أن بلغه التقصير في الصلاة من أحد أبنائه أو تأخير ونحو ذلك.
 
وكان إذا سافر إلى مكة أو الطائف يتعاهد أهله بالاتصال، ويسأل عنهم جميعاً حتى أحفاده وأزواج بناته على الرغم من أن الحق له، لكنه كان محسناً رحيماً، رحمه الله.
 
وكان حريصاً على أخيه الشقيق محمد، رحمه الله، يسأل عنه ويطمئن عليه ويزوره.
 
وحدد الشيخ ابن باز اجتماعاً للبنات مرتين في الشهر، ومرتين في الشهر للأبناء، فيتدارسون فيها مع الشيخ ويعلّق على ما يقرؤونه، ويسمع منهم، واستمر عليها حتى كثرت مشاغله فانشغل عنها، فكان يجتمع معهم بين فترة وأخرى، فكان يجتمع معهم بعد المغرب إذا دخل، وصلى النافلة في المنزل، فيشرب القهوة ويحدثهم.
 
وكان يحرص أن يعطي لفتة لطيفة أو موعظة أو فائدة، ولو بطريق غير مباشر، فمثلا: ذات مرة قال لإحدى بناته: يقولون: ما ضُم شيء إلى شيء أحسن من التمر مع القهوة، وأنت ماذا تقولين؟ فأجابت بأمثلة من الطعام أو الشراب، فقال: لا ما أقصد هذا؛ ما ضُمّ شيء إلى شيء أفضل من الإيمان مع العمل الصالح، وكثيراً ما يربط في القرآن الإيمان بالعمل الصالح؛ وهو سبب الفلاح والفوز في الآخرة.
 
وتذكر إحدى بناتهأنه مرةً دخل على ابنته في المرحلة الثانوية، فقال: ما عندكِ فائدة أو كتاب تقرئين علي؟ فكان في يدها كتاب الفيزياء فقرأت عليهمقدمة الكتاب وكان فيها: الشمس منها حياتنا، ولولا الشمس ما نبت الزرع ولم يهطل المطر.. فسألها إن كان هذا مكتوب فعلاً؟ ثم أمرها أن تحضر ورقة فقال لها اكتبي: إن الشمس خلقها الله وسخرها للعباد والبلاد، وهي من مخلوقات الله، ولا يجوز أن ننسب إلى الشمس ولا إلى غيرها إنبات الزرع وإنزال المطر، وهذا شرك، وذكر الآية: ﴿وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون﴾، ثم نبه رئيس مدارس البنات آنذاك بوجوب العناية عند ترجمة المناهج، واختيار نخبة من العلماء لمراجعتها وتنقيحها، ثم أخذ الورقة وأرسلها، وبعد فترة غُيِّرت الكتب في المدارس مزودة بمقدمة الشيخ، رحمه الله.
 
حفظ الدروس واستذكارها
وتميز العلامة ابن باز في علم الحديث واستحضار الأدلة وحفظه للكتب الستة برجالها وعللها.
 
قرأ عليه أحد الطلاب ذات مرة سند حديث على أنه في سنن الدارقطني، فقال الشيخ: ما أظن، ليس هذا من رجال الدارقطني، فقال القارئ: نعم يا شيخ، هذا الدارمي، وليس الدارقطني؛ مما يدل على دقة حفظه وضبطه.
 
وأشاد بتميزه الشيخ ابن عثيمين والشيخ ابن جبرين، وقالوا إن الشيخ ابن باز فاقَنا في العناية بالحديث ومعرفة رجاله وعلله، والصحيح من الضعيف فيه.
 
وفاته رحمه الله
تُوفي الشيخ ابن باز رحمه الله في عام ١٤٢٠ هجرية، وصلوا عليه في الحرم المكي، وحضر جنازته ما يقارب مليون شخص، فكانت جنازة مهيبة، حزنت الأمة جميعاً على فراقه، فرحمه الله وغفر له وأعلى قدره وجزاه عن الأمة خيراً.

Total time: 0.0356