اخبار الساعة
مجدداً تعيش اليمن هزة سياسية كبرى، بإعلان اثنين من وزراء الحكومة الشرعية استقالاتهم من مناصبهم.
وتكمن خطورة هذه الاستقالات في أنها جاءت في ذروة احتقان المشهد السياسي باليمن، نتيجة لجملة من الوقائع التي حدثت في الأشهر القليلة الماضية، لعل أهمها محاولة الانقلاب الثانية على سلطة الرئيس عبدربه منصور هادي، والتي انفجرت في عدن أواخر يناير الماضي قبل أن يخمد التحالف أوارها.
وكانت الهزة الكبرى – والمتوقعة أيضاً – بإعلان الرجل الثقيل في الشرعية عبدالعزيز جباري، نائب رئيس الوزراء وزير الخدمة المدينة استقالته من منصبه يوم الاثنين الفائت، خلال اجتماع موسع عقده هادي بوزرائه ومستشاريه، وبحضور دولة رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر.
يوم واحد فقط فصل بين إعلان جباري تنحيه عن واجهة المشهد السياسي ليفاجئ وزير آخر في حكومة الشرعية وهو الوزير صلاح الصيادي الجميع بإعلان استقالته وبشكل "نهائي" من منصبه بالحكومة، في منشور مقتضب كتبه على صفحته الرسمية بمنصة "فيس بوك".
الاستقالة تبعها بيان مطول نشر بعدها بأربع وعشرين ساعة، أوضح خلاله مسببات الاستقالة في إحدى عشر بنداً، كانت ذو لغة تميزت بالوضوح والصراحة والهروب عن الأعراف الدبلوماسية.
الأسباب التي أوردها الصيادي جاءت بعد طرح سابق لجباري خلال لقاء تلفزيوني بقناة اليمن الفضائية، وكانت مضامين الوزيرين متفقة الى درجة بعيدة، وخاصة في قضايا عودة الرئيس هادي الى عدن، وانحراف بوصلة التدخل العربي في اليمن، وسلب القرار السيادي من مؤسسة الرئاسة.
الاستقالات أحدثت دوياً واسعاً في منصات التواصل الاجتماعي، حيث خاض قطاع كبير من اليمنيين جدالاً حول الدوافع والأسباب التي أفضت الى المآلات الراهنة، وبدأت التحليلات بالتدفق في توصيف المشهد كمحاولة لفهم ما يدور خلف الكواليس.
وهنا نستعرض أبرز الأفكار والسيناريوهات المفترضة التي طرحت في هذا الشأن:
بإيعاز من هادي.. وزراء في الشرعية يعلنون التنحي
أصحاب هذا الرأي يرون أن الاستقالات كانت مدفوعة من قبل مؤسسة الرئاسة اليمنية، وتحديداً شخص الرئيس هادي. مشيرين الى أن ذلك يعود الى جملة من المضايقات اللامحدودة التي تعرض لها الرئيس مؤقتاً وأبرزها عدم السماح له بالعودة الى عدن أو أ من المناطق المحررة، بحسب تكهنات غير مؤكدة حتى اللحظة.
ويدلل أصحاب هذا الرأي الى أن المستقيلين هم من أقرب المقربين من الرئيس، ومن أعمدته الأساسية في الحكومة الشرعية، وخاصة الوزير جباري. كما يدللون الى أن الوزيران المستقيلان في خطاب استقالاتهم أبدوا تعاطفاً كبيراً مع الوضع الراهن الذي يعيشه الرئيس، وطالبا بعودته الى عدن.
وفي هذا السياق يقول الناشط خالد القح: استمعت بالأمس لجباري حول موضوع استقالته وقرأت اليوم بيان استقالة الصيادي. يبدوا بأن هادي بدأ يلعب مع التحالف ع المكشوف. ويقول الناشط أسامه المحويتي في تصوير أشد دراماتيكية: الحقيقة أن أسباب استقالة الصيادي التي اوردها في منشوره هي البيان الرئاسي قبل الأخير.
وزراء هادي يهربون من سفينة الشرعية الغارقة
ترى طائفة أخرى من اليمنيين الى ان الاستقالات لا تعبر عن شيء بقدر ما تعبر عن مدى الهشاشة التي وصلت اليها حكومة بن دغر. ويرون أيضا أن الاستقالات ليست سوى هروب لبعض الوزراء من سفينة الشرعية المتآكلة، بعد تيقنهم بأنها آيلة الى الغرق.
وفي هذا السياق يقول الناشط محمد اليافعي: هربوا من سفينة هادي بعد أن تأكد لهم انها غارقة لا محالة. لكن الجميع يعرف ألاعيبهم ولن تنطلي هذه الحركات علينا مجدداً.
ويقول آخر: ثلاث سنوات من الفشل الذريع.. ثلاث سنوات من الاسترزاق من الحرب على حساب اليمنيين وعلى حساب المملكة والامارات. والآن قال لهم التحالف كفى فتساقطوا من مركب الشرعية. لأنه لا وجود أصلاً شرعية لهادي.
التحالف فقد البوصلة وانحرف عن المسار
يرى أصحاب هذا الرأي بأن الاستقالات جاءت بعد أن بلغ الاحتقان مداه جراء السياسات التي ينتهجها التحالف مؤخراً في اليمن. كما يرون الى أن مسارات المعركة مهدده بانقلاب وتحول كبير ما لم يتم تلافي هذا القصور وتصحيح الوضع.
وفي هذا السياق يقول الوزير الأسبق خالد الرويشان: الاستقالات خسارة كبرى للتحالف العربي.. هو حاليا فائز بالنقاط في صراعه مع الحوثي لكنه (قد) يخسر بالضربة القاضية إن لم يتلافى القصور الراهن وانحراف بوصلة الأهداف. فيما يقول القيادي بحزب المؤتمر محمد الأباره: إن صح خبر استقالة الصيادي بعد جباري فهو مؤشر على الإحباط حد الذهول من التحالف الذي لم يعد الأمل بل كرس الملشنة واليأس.