أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

محلل سعودي يتحدث عن اليمن ما بعد صالح: الخليجيون مطالبون بإنجاح مبادرتهم اقتصاديا بعد نجاحها سياسياً

- سطام الرويلي

يشهد اليمن – في الوقت الراهن – فترة من الهدوء النسبي بعد البدء بتطبيق بنود المبادرة الخليجية، فقد تنحى الرئيس علي عبدالله صالح بعد تردد ومماطلة كادت تدخل البلد في نفق مظلم، وتم انتخاب نائبه المشير عبد ربه منصور هادي رئيسا ليقود البلاد خلال المرحلة الانتقالية.

ورغم أن الانتخابات الرئاسية كانت نتيجتها محسومة سلفا يرى بعض المراقبين للشأن اليمني أنها مهمة في رمزيتها لكونها تؤشر إلى نهاية حقبة مثقلة بالفساد والتهميش السياسي والتدهور الاقتصادي والأمني أهلت اليمن لحجز مقعد متقدم على قائمة الدول الأقل تنمية على مستوى العالم.

ويرى بعض المراقبين للشأن اليمني أن للمبادرة الخليجية فضلاً أنقذ اليمن من حرب أهلية مدمرة، ويؤكدون أنها مثلت التركيبة السحرية التي خففت من النزاع والصراع بين قوى المجتمع وأسست للتغيير السلمي واستطاعت أن تمهد لحكومة وفاق في اليمن وتهدئة على الأرض، وبداية عودة للحياة الطبيعية.

فبانتخاب هادي رئيساً للجمهورية اليمنية وتأديته اليمين الدستورية السبت الماضي أمام مجلس النواب، ليصبح رئيساً جديدا (توافقياً) لفترة انتقالية مدتها عامان، يدخل اليمن مرحلة جديدة يأمل سكانه أن تشهد تغيرا جذريا على جميع المستويات يسمح للمواطن بأن يعيش حياة كريمة.

ودخل هادي الإنتخابات دون منافسين وذلك لأن المبادرة التي قدمها الخليجيون قد ألزمت الطرفين الموقعين عليها (التحالف الوطني ممثلا بالمؤتمر الشعبي العام وحلفائه والمجلس الوطني الذي تمثله أحزاب المشترك وشركاؤه) بعدم ترشيح أي شخص لخوض الانتخابات الرئاسية المبكرة أو تزكية أي مرشح غير المرشح التوافقي نائب الرئيس عبدربه منصور هادي.

وأهمية هذا الإلزام يأتي من كون المبادرة الخليجية نصت في بندها الرابع على أن الاتفاق على الآلية التنفيذية الموقع بين الجانبين يحل محل أي ترتيبات دستورية أو قانونية قائمة ولا يجوز الطعن فيها أمام مؤسسات الدولة.

الدكتور أحمد بن عبد الله بن باز أستاذ إدارة الأزمات وحلّ الصراعات الدولية يقرأ في مداخلة مطولة مع "إيلاف" مستقبل اليمن ورؤيته للفترة القادمة التي أعقبت الانتخابات، ويقول في بدايتها: "حاليا اليمن على مفترق طرق ويعيش فترة مفصلية في تاريخه الحديث فما يتم إنجازه خلال المرحلة الإنتقالية سيشكل الملامح الأساسية ليمن المستقبل واستقرار الجبهة الجنوبية لمجلس التعاون. فأمن واستقرار وازدهار اليمن ليس مطلبا يمنيا و لكنه مطلب وضرورة ملحة لجواره الإقليمي وخصوصا المملكة العربية السعودية و من هنا يجيء اهتمام دول مجلس التعاون بما يجري في اليمن حاضرا ومستقبلا ولذا يجب فهم المبادرة الخليجية تجاه اليمن في هذا الخصوص".

ويضيف بن باز: و لكي تحقق المبادرة الخليجية نتائجها المرجوة حسبما تنص عليه بنودها، يتوجب أن يؤخذ في الاعتبار أمران أساسيان هما الإصلاح السياسي الحقيقي والتنمية الاقتصادية الجادة. و مع الإدراك أن تحقيق هذين المطلبين يبدو صعبا في ظل بيئة وموروث متجذر من الفساد في معظم أجهزة الدولة على مدى ثلاثة عقود ، إلا أنه بالإرادة السياسية  والإشراف والمتابعة من قبل دول مجلس التعاون سيكون من تحقيق إنجازات على الأرض تلبي جزءا كبيرا من طموحات شباب الثورة الذي ضحّى بكل ما يملك لجعل مستقبله أكثر تفاؤلا و عصرنة.

ويرى الدكتور أحمد بن باز أن الإصلاح السياسي المنشود يتطلب أن يؤخذ في الاعتبار أمور عديدة أبرزها: النص في الدستور الجديد على تبني النظام البرلماني بحيث تتقلص صلاحيات ونفوذ رئيس الدولة لصالح رئيس الحكومة، وكذلك الفصل المرن بين السلطتين التشريعية و التنفيذية وذلك حسبما تقتضيه أصول وقواعد النظام البرلماني، وأيضا التأكيد على استقلالية القضاء، والتأكيد على وحدة اليمن.

أما على الصعيد الاقتصادي فيرى بن باز أنه سيكون لنشأة الصندوق الدولي لدعم اليمن دورا رئيسا في دفع عجلة التنمية الاقتصادية، مؤكدا أن مشكلة اليمن الإقتصادية لا تكمن في توفير المبالغ اللازمة لكن في كيفية الإشراف على صرفها على الوجه الصحيح .

ويستطرد في حديثه قائلا "لهذا لابد لدول مجلس التعاون الإستفادة من دروس الماضي عندما أنشأت صناديق دعم دولية ثم تم التلاعب بها من قبل المشرفين والمنفذين لها من قبل منظمات و مؤسسات دولية كما هو حال برنامج النفط مقابل الغذاء العراقي، فدول مجلس التعاون تملك خبرة طويلة في كيفية الإشراف على مثل هذه البرامج من خلال صناديقها التنموية الحكومية . كما تملك – كذلك- خبرات خليجية مؤهلة علميا و مدربة عمليا لإدارة مثل هذه البرامج".

ولتحقيق التنمية الاقتصادية يقترح الدكتور بن باز عدة أمور منها: ان تكون التنمية أفقية ورأسية بحيث تصل الى كافة المحافظات و القطاعات الانتاجية، وأن يتولى الإشراف على برامج التنمية جهاز متخصص ونزيه على دراية باحتياجات اليمن الإقتصادية وترتيبها حسب الأولوية، وفي المقابل تكون حكومة اليمن مطالبة بتقديم قائمة باحتياجات اليمن، و على الطرف الخليجي دراسة هذه المطالب من قبل جهات مختصة وبرمجتها حسب الأولية .

ويرى بن باز أن احتضان أرض اليمن مجموعات إرهابية – على رأسها تنظيم القاعدة- يشكل مصدر تهديد ليس لليمن فقط و لكن لدول مجلس التعاون، ولهذا فالنجاح في المجالين السياسي والإقتصادي سيجعل من اليمن بيئة طاردة للإرهاب، متابعا "سوف يأخذ الأمر طويلا لكن لا مناص من ذلك. فالتعامل الأمني مع ملف الإرهاب لن يكون كافيا اذا لم يكن مقرونا بإصلاح سياسي جاد و تنمية اقتصادية حقيقية يلمس نتائجها المواطن اليمني العادي، ومتى ما أحس المواطن اليمني بتأمين متطلباته الأساسية من تعليم وصحة وخدمات وفرص عمل ، تضاءلت إمكانية جعل اليمن منطقة جاذبة للجماعات الإرهابية والمتطرفة".

ويرى الدكتور أحمد بن باز أن نجاح المبادرة الخليجية و بالتالي المستقبل المنشود لليمن مقرون بقضايا عديدة منها تحقيق تقدم ملموس في المجالين السياسي والإقتصادي، ومطالبة الرئيس السابق علي عبدالله صالح بعدم التدخل بصورة مباشرة أو غير مباشرة في شؤون اليمن، وتعيين مبعوث خاص لمجلس التعاون لمتابعة تنفيذ المبادرة و تقديم تقرير نصف سنوي لقادة دول المجلس.

ويختم الدكتور أحمد بن عبد الله بن باز حديثه مع "إيلاف" بالتأكيد أن مستقبل اليمن مرهون بما سيتحقق خلال السنتين القادمتين لذا يتوجب على رعاة المبادرة الخليجية متابعة ما يجري على الأرض للتأكد من وفاء الحكومة اليمنية الإنتقالية بالتزاماتها التي نصت عليها المبادرة الخليجية.

Total time: 0.0712