الإستبداد يطغى على عقد تولي إردوغان رئاسة وزراء تركيا
بتاريخ 2012-03-29T16:26:36+0300 منذ: 13 سنوات مضت
القراءات : (2680) قراءة
اخبار الساعة - أشرف أبو جلالة
تمكن رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان من اعتلاء المشهد السياسي في البلاد، بعدما تم انتخابه في حزيران/ يونيو الماضي للمرة الثالثة منذ عام 2002، وبنسبة لا تزال متزايدة من الأصوات.
هذا ما جعل صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية تصفه في تقرير لها ضمن هذا السياق بأنه رئيس وزراء دعَّمَته قوة علاقته بقلب الأناضول بشكل كبير. ثم أعقبت الصحيفة بقولها إن تركيا عاودت الظهور باعتبارها قوة إقليمية طوال العقد الذي احتفظ فيه إردوغان بمنصبه.
وبدأ ينمو اقتصادها بسرعة تقترب من سرعة نمو الاقتصاد الصيني، فضلاً عن انتشار الثروات والرعاية الصحية والمدارس والطرق، في الوقت الذي بدأ يظهر فيه جيل جديد من "نمور الأناضول" في مواجهة الحفنة الحالية للتكتلات التجارية. كما بدأ يبرز فكر حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وتابعت الصحيفة بلفتها إلى أن إردوغان خصص ولايته الأولى للإصلاحات السياسية المتأخرة والعمل لتعزيز الحقوق المدنية وحقوق الأقليات. كما استغل شعبيته لدفع جنرالات تركيا الأقوياء بعيداً عن الساحة خلال فترة ولايته الثانية العاصفة.
وأعقبت بتأكيدها أنه لا يواجه الآن أي منافس، وأن تسامحه مع أيّ تحدٍّ لسلطته بدأ يأخذ في التقلص. لكن إلى جانب أجواء الاستبداد، بدأ يكتشف كثيرون النفحة الأولى للغطرسة. وهو ما يمكن لمسه من خلال الملاحقات القضائية للصحافيين وانتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة في القضايا المرفوعة ضد الخصوم السياسيين والاصطدام بالتشريعات المثيرة للجدل. وبينما لا يوجد سبب واحد لإحداث تحول في البلاد، رأت الصحيفة أن مزاج إردوغان الناري عامل رئيس في أمر كهذا.
وفي وقت يشير فيه بعض المراقبين إلى أن نوبات غضبه تكون محسوبة، قال أحد المعلقين في اسطنبول إنه "تبنى بشغف عزل السلطة". وأضاف هذا المعلق السياسي وهو هاكان ألتيناي، رئيس مؤسسة المجتمع المفتوح في اسطنبول التابعة لمنظمة جورج سوروس " المردود الوحيد الذي يهتم إردوغان به هو الهتاف والولاء".
وفي السياق نفسه، لفتت الصحيفة إلى أن تفوق إردوغان على الجيش - حيث يتم الآن احتجاز أكثر من جنرال من بين كل 10 جنرالات خلف القضبان لتورطهم بمؤامرات ضد الحكومة - قد أزال الرقابة على السلطة التنفيذية، مع أن ذلك غير ديمقراطي.
والأكثر ضرراً من ذلك، هو أن توقف المفاوضات المتعلقة بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي قد أغلق محركاً هائلاً للتجدد الديمقراطي. ثم نوهت الصحيفة باستمرار حبس 104 صحافيين داخل السجون، منهم 69 صحافياً من الأقلية الكردية، وهو العدد الذي يزيد عن عدد الصحافيين المعتقلين في إيران ( 42 ) وفي الصين (27).
وأشار منتقدون، وكذلك بعض من المتعاطفين، إلى أن غريزة إردوغان هي الاستقطاب. وقال هنا مسؤول تركي بارز "لم يسبق لي أن شاهدت تركيا بهذا الانقسام الذي هي عليه اليوم". وأضاف مصطفي أكيول الذي ما زال يدعم حزب العدالة والتنمية رغم تحفظاته :" ليس هناك من مفر أن تتفق على ألا تتفق في هذا البلد".
وقال سينان أولغن، رئيس مركز أبحاث إدام المستقل في اسطنبول "تعتمد طريقة عمل إردوغان على الدخول في معارك. وهي الطريقة التي ثبتت جدواها لأنها قضت على الأمور الوسط، وهي الطريقة نفسها التي كان يعمل بها الرئيس جورج بوش: فإما أن تكون معنا أو علينا. صحيح أن إردوغان وحزب العدالة والتنمية عملا على خفض نفوذ الجيش السياسي، إلا أنهما أخفقا في إظهار الحرص نفسه على بناء ديمقراطية أقوى. ولا تزال تشكل جودة الديمقراطية التركية اليوم معضلة، نتيجة لعدم التسامح مع المعارضة وإضعاف حريات الأفراد وعدم وجود قيود على السلطة التنفيذية".
وفي غضون ذلك، يرى بعض الكماليين المتشددين أن الانزلاق نحو الحكم الاستبدادي هو نتيجة لجدول أعمال سري يمتلكه حزب العدالة والتنمية ويعمل من خلاله لتوجيه تركيا نحو حكم الإسلاميين. غير أن هذا الرأي هو رأي أقلية، ويتعارض مع التأكيدات التي يصرح بها إردوغان في العلن لدعم وتأييد نظام البلاد العلماني.
وعاود ألتيناي ليقول في هذا الصدد: "سيقول أنصار إردوغان إن أياً من هذا النجاح كاد يتحقق، إذا لم يكن استبدادياً، بينما سيقول آخرون إنه استبدادي لكنه ناجح".
وأعقبت فاينانشيال تايمز بقولها إنه يمكن النظر ببعض الأوجه إلى المسار السياسي التركي على اعتبار أنه دراما بداخل مفارقة. ومع هذا، بدأ يدرك مسؤولو حزب العدالة والتنمية الآن أن استخدام القانون لتحقيق أغراض سياسية قد يكون سيفاً ذا حدين.
وفي ظل ما هو مثار على الساحة هناك الآن بخصوص السلطات التقديرية للسلطة القضائية وطريقة التعامل مع المعارضة والتشريعات المثيرة للجدل، ختمت الصحيفة بتأكيدها أن الأمر الأهم في الوقت الراهن هو نوايا إردوغان في ما يتعلق بوضع دستور جديد ليحل محل الميثاق الذي سبق أن أملاه الجيش التركي عام 1982.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما إن كان يرغب في استغلال تلك الفرصة لتعزيز حقوق الأفراد أو أن يصيغ نظاما جديدا في صورته، ما يجعله يرتقي من رئاسة الوزراء إلى رئاسة السلطة التنفيذية على النموذج الفرنسي، وبالتالي ينافس أتاتورك.