اخبار الساعة
يرى مراقبون، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أن الهجمات الصاروخية المجهولة المصدر التي تكررت خلال أسبوع مستهدفة مصالح أميركية في العراق تضع بغداد في موقف حرج، وسط تصاعد التوتر بين طهران وواشنطن.
ولم تتبن أي جهة مسؤولية إطلاق الصواريخ الذي بدأ الجمعة الماضي، لكن معظم الصواريخ أطلقت من مناطق تسيطر عليها جماعات مسلحة موالية لإيران ومعادية بشدة للولايات المتحدة.
وسقط عدد من الصواريخ على قاعدة بلد (شمال بغداد)، تلاها هجوم على معسكر التاجي وبعدها هجوم على مركز لقيادة العمليات العسكرية في الموصل، وجميع المواقع التي فيها قوات أميركية ومعدات عسكرية.
وتعليقاً على هذه الهجمات، قال رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، أمس (الثلاثاء)، إنه «منع عمل أي قوة مسلحة عراقية أو غير عراقية خارج إطار القوات المسلحة العراقية»، وأكد للصحافيين خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي أنه «لا يمكننا السماح لهذا بالاستمرار».
ولكن بعد ساعات، وقبل فجر الأربعاء، سقطت صواريخ على تجمع شركات نفطية عراقية وأجنبية في محافظة البصرة، مما أدى إلى إصابة 3 أشخاص بجروح.
ويضم هذا الموقع العديد من الشركات الأجنبية والعراقية بينها شركتا إكسون موبيل وبيكر هيوز الأميركيتان.
وقال فنار حداد، الخبير في شؤون العراق في جامعة سنغافورة الوطنية: «هذه هي الطريقة الإيرانية لإظهار نفوذ طهران من خلال وكلائها في العراق»، وأضاف أن «هذه الهجمات لا تظهر فقط القدرة على إلحاق الضرر بالموظفين الأميركيين، ولا تحرج فقط الحكومة العراقية والشركاء العراقيين، ولكنها تشكل أيضاً تهديداً لمصادر الطاقة الدولية ولعمليات شركات النفط الدولية الكبرى».
ويرتبط العراق بعلاقات عسكرية ودبلوماسية قوية مع الولايات المتحدة، لكنه في الوقت نفسه قريب جداً من إيران التي تعد أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين لبغداد وتسيطر على العديد من الفصائل المسلحة.
وعرض عبد المهدي مراراً التوسط بين البلدين، لكن التوترات تبدو يوماً بعد يوم أقرب إلى العراق، الذي يعيش فترة هدوء نسبي بعد عقود من النزاعات آخرها الحرب ضد تنظيم «داعش» الإرهابي.
ومن أبرز نقاط الخلاف وجود القوات الأميركية على أراضيه، علماً بأنها بلغت ذروتها مع انتشار 170 ألف جندي منذ أكثر من عقد، لكن الولايات المتحدة خفضتهم بعدها إلى نحو 5200 جندي ينتشرون في جميع أنحاء البلاد إلى جانب قوات عراقية.
وتعهد العراق بحماية المصالح التجارية الأجنبية على أراضيه من الهجمات، الأمر الذي يضعه في موقف «حرج»، بحسب ما ذكر الخبير في الشؤون الأمنية هشام الهاشمي.
وقال إن من شنوا الهجمات «أفشلوا خطاب الحكومة حول الاستقرار النسبي ودعوة الشركات الكبيرة للاستثمار في العراق».
بدوره، أكد مصدر حكومي لوكالة الصحافة الفرنسية أن المسؤولين شعروا «بضغوط»، وقال المسؤول إن «القوات تكثف جهودها لمنع هذه الحالات لكن المشكلة تكمن في الجهات التي تنفذ هذه العمليات الإرهابية، إذ لديها القدرة على الوصول إلى أماكن تمكنها من القصف».
وتابع: «الأماكن التي فيها المستشارون العسكريون الأميركيون والأجانب تتعرض للقصف بشكل متكرر وهذا إحراج للحكومة».
قد يكون القطاع النفطي العراقي الذي يوفر الغالبية العظمى من ميزانية البلاد، هدفاً آخر عرضة للخطر.
ويعد العراق ثاني أكبر منتج للنفط بين أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، ويصدر نحو 3.5 مليون برميل يومياً، وخصوصاً من البصرة (جنوب).
تعبر هذه الصادرات مضيق هرمز، الممر المائي الرئيسي الذي هددت إيران بإغلاقه في حال اندلاع نزاع مباشر مع الولايات المتحدة.
وقالت ربى حصري، الخبيرة في الصناعة النفطية العراقية، إن «الممرات المائية في الخليج شريان حياة بالنسبة إلى بغداد، وأي قيود تفرض على الوصول إلى منطقة الشرق الأوسط ستؤذيها بشدة».
وأوضح مسؤول في إحدى الشركات الأجنبية العاملة في حقل الرميلة أن الشركات الأجنبية في الحقل وبينها «أكسون موبيل» و«جنرال إلكتريك» و«بيكر هيوز»، طلبت من كبار موظفيها المغادرة.
وأضاف: «صدر إنذار أحمر من قبل الشركات الأميركية، وكبار الإداريين يغادرون البلاد، الأربعاء والخميس»، مشيراً إلى أن الإنذار نفسه صدر في مايو (أيار) الماضي.
وكانت شركة «أكسون موبيل» سحبت 83 عاملاً أجنبياً من حقل في البصرة منتصف مايو (أيار) لكنهم عادوا بعد ضمانات من الحكومة، لكن فنار حداد قال إن «الموقف التصعيدي الذي تبنته الأطراف وعدم وجود حوار ذي مغزى يزيد من احتمالات التصعيد».