أخبار الساعة » دراسات ومتابعات » دراسات وتقارير

التهم 280 مليون ريال من حصة العلاجات خلال شهرين .. الفساد الذي أكل أرواح المعاقين

- تقرير : رياض السامعي

رغم توصيات اللجنة الوزارية المكلفة بالنظر في القضايا المطلبية لموظفي المؤسسات الحكومية ، والمؤكدة على أهمية وسرعة إقالة المدير التنفيذي لصندوق رعاية وتأهيل المعاقين ،إلا أن الحكومة حتى الآن لم تتخذ إجراءات عملية لتنفيذ هذه التوصيات وتصحيح الخلل المزمن في هذا المرفق .
اللجنة برئاسة وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء / جوهرة حمود قالت أنها نظرت في القضايا المطروحة من قبل اللجنة التنظيمية لاعتصام المعاقين ومن موظفي الصندوق إضافة إلى الوثائق التي تثبت الفساد المستشري في الصندوق وفشله في ظل الإدارة الحالية.
ورأت اللجنة في مذكرتها المرفوعة إلى رئيس مجلس الوزراء محمد سالم باسندوة بتاريخ 11/3/2012م ورقم (26/26/1/3) ، أهمية وسرعة اتخاذ قرار إقالة المدير التنفيذي والبحث عن بديل وإعادة هيكلة الصندوق.
إدارة الصندوق التي أدينت بالفساد والفشل من قبل أكثر من جهة واصلت إهدارها لأموال المعاقين حتى بعد توصيات اللجنة الوزارية.
وقال مصدر خاص "للجمهورية" أن إدارة الصندوق صرفت خلال الفترة 21/1/2012م وحتى نهاية شهر مارس المنصرم فقط أكثر من نصف الموازنة المعتمدة لشراء الأدوية للمعاقين.
المصدر أكد أن الإدارة صرفت ما يقارب (280) مليون ريال من مخصصات الأدوية المقدرة إجمالاً للعام الواحد بنحو (500) مليون ريال وخلال فترة وجيزة لم تتعدى شهرين ونصف ، مشيراً أن عملية الصرف تمت بطريقة مخالفة لقانون المناقصات ولم يتم الإعلان عن مناقصة بهذا الخصوص.
واستغرب المصدر موافقة لجنة المناقصات على صرف 50% من إجمالي المبلغ المصروف دون محاسبة المتورطين في عملية الشراء المخالفة للقانون متسائلاً في ذات الوقت عن دور الهيئة العليا للرقابة على المناقصات في ايقاف التلاعب الذي تم في عملية الصرف وكذلك عن رأي وزارة المالية فيما يحصل من عبث وإهدار للمال العام.
وحصلت الجمهورية على صورة مذكرة موجهة من إدارة المراجعة إلى مدير الحسابات بالصندوق بتاريخ 4/3/2012م تفيد أن إدارة الصندوق قامت بصرف مبلغ (134.658.927 ريال) مقابل شراء أدوية وذلك خلال الفترة من 21 – 1 إلى 25 – 2 – 2012م.
عملية الشراء هذه اعتبرتها المذكرة أنها عملية تمت بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات.
تقرير آخر لإدارة المراجعة رُفع إلى مدير الحسابات بالصندوق بتاريخ 29/2/2012م  حصلت "الجمهورية" على صورة منه يكشف عن مخالفات وتلاعب في المناقصة رقم (5) لعام 2010م بخصوص توريد وسائل نقل للمعاقين.
التقرير يكشف أنه تم الاعلان عن 6 سلندرات في حين أن المطلوب 4 سلندرات ووجود مواصفات فنية غير مطابقة .. مبيناً مبيناً أنه لم يتم إرفاق تقارير لجان الفحص والاستلام قبل التعديل وبعد التعديل من 4 سلندر إلى 6 سلندر.
ويقول "هناك تناقض متكرر من قبل المركز التجاري للسيارات في الموديل حيث أن مذكرته الموجهة للصندوق بتاريخ 6 /8/2011م ورقم (556) تقول أن الباصات المطلوبة في المناقصة هي محرك بترول موديل (3RZ-FE) في حين أن مذكرته بتاريخ 26/10/2011م ورقم (750) أن الباصات موديلها (3RZ) وهو طراز قديم كربيتر تم تغييره إلى طراز حديث بخاخ (2TR) ، مع العلم أن العقد الموقع حدد آخر موعد للتوريد 3/2/2011م.
ولاحظ التقرير أن مذكرة المركز التجاري للسيارات الأخيرة جاءت بعد إحالة تقرير لجنة المواصفات إلى لجنة التحليل أي بعد إقرار التعديل في عدد السلندرات ، ملفتاً النظر إلى أن طراز الباصات في هذه المذكرة ليس له بيانات في الكاتلوج المرفق بوثائق المناقصة في العطاء المقدم من المورد.
لجنة المناقصات في قرارها بتاريخ 28/11/2011م لم تقرر قبول الباصات وأحالت الموضوع إلى المختص الفني بالمعهد التقني الصناعي لإبداء الرأي والذي بدوره قدم تقريراً بتاريخ 29/12/2011م ورقم (242) ، رأى تقرير المراجعة أنه لم يكن تفصيلياً ولم يوضح المواصفات المطلوبة حسب الإعلان عن المناقصة وتعديلات لجنة المواصفات.
ويشير أنه لم يتم إرفاق تقرير لجنة النزول إلى المركز التجاري للسيارات بتاريخ 19/2/2012م لمطابقة البيانات مع الأوليات والكتالوجات المرفقة بالمناقصة ، منوهاً إلى أن المبلغ المتبقي حسب العقد (91.552.500) ريال في حين أن المطالبة كانت بمبلغ (104.296.500) ريال بزيادة مقدارها (12.771.000) ريال عن قيمة العقد.

التهم 280 مليون ريال من حصة العلاجات خلال شهرين .. الفساد الذي أكل أرواح المعاقين
وأضاف أنه لم يتم إرفاق سند التوريد للباصات الهايس (16 راكب) وكذا وثائق الملكية كما لم يتم إرفاق سندات التوريد للباصات كلوستر (26 راكب) المطالب بسداد قيمتها إلى جانب أنه لم يتم احتساب غرامة التأخير في التوريد حسب العقد المشترط ثلاثة أشهر ما لم يتم إلغاء العقد ومصادرة الضمان.
إلى ذلك يقول تقرير صادر عن الإدارة المالية في الصندوق بتاريخ 22/1/2012م إن استمرار نفقات الصندوق على ما هي عليه منذ بداية العام الجاري 2012م سيؤدي حتماً إلى انهيار الصندوق وعجزه عن تقديم خدماته خلال الثلث الثاني والثالث والرابع من العام الحالي.
ويشير التقرير المرفوع إلى قيادة الصندوق إلى أن الموازنة المرصودة للصندوق للعام 2012 والمقدرة بمبلغ (2,186,000,000) مليارين ومائة وستة وثمانين مليون ريال وهي الموازنة السنوية للصندوق لن تغطي سوى ما نسبته 34% من الاستخدامات المتوقعة للعام 2012م والمقدرة بـ (6,498,594,000) ريال.
ويكشف عن تآكل الاحتياطي النقدي للصندوق في البنك المركزي والمقدر بـخمسة مليارات ريال وقال أن هذا الاحتياطي تعرض للتآكل والانخفاض عاماً بعد آخر وأنه لم يتبق منه سوى (2,432,215,565) ريال وذلك بعد خصم قيمة الشيكات المحررة التي لم تظهر في كشف البنك حتى 31 / 12/ 2011م بمبلغ (55,409,856) ريال.
منظمة أكسفورد البريطانية التي أوقفت تعاونها مع الصندوق في أواخر سبتمبر 2010م كانت قد أعدت دراسة حول وضع الصندوق ضمن الاستشارات الخاصة بدعم التطوير التنظيمي لصندوق رعاية وتأهيل المعاقين والاتحاد الوطني لجمعيات المعاقين والممولة من الصندوق الاجتماعي للتنمية.
الدراسة تخلص إلى أن الصندوق أخفق في التوجه نحو متطلبات الإعاقة في اليمن وأن ثمة تناقض صارخ بين الفلسفة أو الثقافة الكامنة تحت العمليات الحالية للصندوق والالتزام المبني بالنهج القائم على الحقوق المدرجة في الإستراتيجية الوطنية وقالت إنه مهما أجريت من إصلاحات أخرى فإن الصندوق بحاجة إلى تغيير ثقافي جوهري.
وتؤكد على أن الصندوق غير فعال ويقوم بدوره بشكل رديء ويفتقر للقدرات لتحسين أدائه منوهة إلى أن الصندوق أخفق مراراً وتكراراً في تنفيذ ما تم التخطيط له وأنه لا يزال يفتقر إلى قاعدة بيانات منظمة ومحدثة عن المعاقين في اليمن.
وتضيف " الأدلة عن عدم الفاعلية وعدم الكفاءة تقود إلى التشكيك البارز جداً عن قدرات الإدارة الحالية وأن الفرضية الأكثر وضوحاً هي أن العوامل ذاتها التي في الصندوق هي التي تعيقه وتجعله غير قادر على تحديد وتنفيذ التغييرات اللازمة".
وثائق أخرى تكشف عن قيام إدارة الصندوق بالتعاقد مع مهندسين بطرق مخالفة للقانون حيث لم إخضاع عملية اختيار المهندسين للمفاضلة من خلال الإعلان للحصول على أفضل الخبرات وبأقل التكاليف مبينة أن أحد المهندسين هو من أقرباء المدير التنفيذي وأنه يتم صرف مستحقات شهرية لهم إضافة إلى نسبة من تكلفة تنفيذ المشاريع وفقاً لما ذكره تقرير للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بهذا الخصوص.
وثيقة أخرى توضح أن إدارة الصندوق وافقت على عرض للمهندسين يتضمن تنفيذ كميات إضافية في مشروع مبنى الصندوق م/ حضرموت مع أنها مذكورة ضمن الأعمال الأساسية والمحددة في جدول كميات ومواصفات المشروع ودون الرجوع إلى اللجنة العليا للمناقصات ودون العرض على وزارة الأشغال العامة صاحبة الاختصاص.
ويتضمن محضر بتاريخ 8/9/2007م خصم 2% من إيرادات الصندوق المفروضة على الجمارك كعمولة تحصيل وذلك بالمخالفة لقانون إنشاء الصندوق المتضمن توريد (100) ريال للصندوق من كل بيان جمركي ، وهو أمر لا يجوز معه أي إضافة أو تعديل للقانون بمحضر اتفاق وفقاً لرأي الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.
استمارة بيانات موظف صادرة عن وزارة الخدمة المدنية العام 2010م باسم المدير التنفيذي للصندوق عبد الله أحمد الهمداني ، توضح بلوغه الأجلين معاً حيث تجاوز الستين عاماً وموظف منذ ما يزيد عن (42) عاماً.
وفي 16/12/2006م أصدر المدير التنفيذي القرار الإداري -وبأثر رجعي- رقم (6) لسنة 2006م والقاضي بابتعاث ابنه لدراسة البكالوريوس في جمهورية مصر بمقعد على حساب الصندوق ولمدة 5 سنوات اعتباراً من سبتمبر 2006م وحتى سبتمبر 2010م ،
تجذر الفساد في صندوق رعاية وتأهيل المعاقين بدأت منذ فترة طويلة ويتطلب قرارات حاسمة من حكومة الوفاق الوطني لإعادة الصندوق إلى مهمته الإنسانية في خدمة ورعاية وتأهيل المعاقين.

Total time: 0.1279