وكشف التحقيق عن وجود عالم خفي بعيد عن الأنظار يتسم بالسرية البالغة خلقته الحكومة استجابة منها لهجمات 11 سبتمبر، ولكنه على ما يبدو بات متشعبًا وكبيرًا للغاية وأكثر سرية من أي وقت مضى، فلا أحد يعرف كم الأموال التي يتكلفها، وعدد الأشخاص الذين يعملون به، أو عدد البرامج الموجودة به، أو عدد الوكالات الاستخباراتية التي تقوم بنفس العمل.
ومن نتائج التحقيق الذي أجرته واشنطن بوست، والتى من شأنها تغيير جغرافية الولايات المتحدة، وتسليط الضوء على "أمريكا" سرية للغاية لا يعرفها العامة.
وبعد تسعة أعوام، من هجمات 11 سبتمبر، ومن الإنفاق وبذل الجهد الشاق، كانت النتيجة أن النظام الذى تم تفعيله للحفاظ على أمن الولايات المتحدة الأمريكية اتسم بالضخامة لدرجة استحالت معها تحديد إذا كان فعالاً أم لا.
أرقام معقدة:
واشتملت نتائج التحقيق على أن ما يقرب من 1271 منظمة حكومية و1931 شركة خاصة تعمل على برامج متعلقة بمكافحة "الإرهاب"، والأمن القومى، والاستخبارات فيما يقرب من عشرة آلاف موقع مختلف فى الولايات المتحدة الأمريكية، وأن هناك قرابة الـ854 ألف شخص يحملون تصاريح أمنية سرية للغاية تمكنهم من دخول أكثر الأماكن سرية فى الولايات المتحدة.
وكشف التحقيق عن أن هناك 33 مبنىً تابعًا لاستخبارات سرية فى واشنطن والمنطقة المجاورة تم إنشاؤهم منذ أحداث سبتمبر، وهم يشكلون معًا ما يساوي ثلاثة مباني بنتاجون، أو 22 مبنى كابتول هول الأمريكية، أي ما يقرب من 17 مليون قدم مربع.
تخبط زائد:
وذكر التحقيق أن هناك كثيرًا من وكالات الأمن والاستخبارات التى تقوم بأداء نفس المهام، الأمر الذى يخلق نوعًا من التكرار والخسارة المادية والمعنوية، كما أوضح أن المحللين الذين يحصلون على مستندات من أجهزة التجسس الأجنبية والمحلية يتشاركون الحكم الذي يتوصلون إليه عن طريق نشر 50 ألف تقرير استخباراتى كل عام، الأمر الذى ينتهي بتجاهل الكثير منها.
ورأى التحقيق أن انعدام التركيز، وليس انعدام المصادر، كان السبب الرئيس وراء حادثة فورت هورد الكارثية، والتى أسفرت عن مقتل 13 شخصًا، موضحة أن إحباط محاولة تفجير طائرة ديترويت وقت الاحتفال بأعياد الميلاد، كان بواسطة مسافر رأى أدخنة تتصاعد من المقعد المجاور له، وليس آلاف المحللين المكلفين بالعثور على "الإرهابيين".