محمد حسين النظاري
الوكيل ناصر.. اداء وإخلاص ونزاهة
عندما يُغيّب الموت الشرفاء والمخلصون، نبادر الى سرد مآثرهم ومزاياهم الحسنة، التي كان ينبغي علينا سابقا ذكرها على الملأ حتى يعرف الناس ان في الوطن من يعمل من أجله، ويقدم الغالي والنفيس رخيصا حتى ينهض به عبر القطاع الذي يعمل فيه.
المهندس احمد محمد ناصر – وكيل وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات- الذي وافاه الاجل بمدينة عدن يومنا الخميس 19 ابريل بعد وعكة صحية عارضة، هو احد الشرفاء الذين اخلصوا في عملهم لأكثر من 4 عقود، حيث اشتغل بعد تخرجه من المانيا في مجال تقنية الاتصالات، ببناء المؤسسة الى جوار المهندس احمد الانسي.
لقد سخّر فقيدنا الكبير كل امكانياته وخبراته في الارتقاء بالاتصالات والمجالات التابعة لها، وكان له ورفقاء دربه ما أراد، فاليمن لم تتحقق في مجال من المجالات، كالذي حققته في الاتصالات وتقنية المعلومات، ولم يكن ذلك من فراغ، ولكن من خلال رجال اخلصوا لله ثم للوطن، ولم يبخلوا على بلدهم بشيئ.
المهندس ناصر –يرحمه الله- كان عِلماً وعَلماً يتحرك في الأرض، لم يهدأ لها بال إلا في العمل، فقد بدأ بالحديدة، قبل ان يتم تعيينه وكيلاً للوزارة بمحافظة عدن منذ قيام الوحدة وحتى وافاه الأجل، تمتع طيلة حياته المهنية بسمعة قلما يتمتع بها مسؤول في الدولة، لم يستغل اموال الدولة ولا ممتلكاتها، بل انه حافظ على ارضية المؤسسة من نهبها وهي في قلب المدينة، ولم يأخذ منها شبرا واحدا، في حين تنهش الذئاب في شبر من اراضي الحديدة.
اعرفه عن قرب بحكم علاقتي الفوية بأبنائه، ولكونه جاري في مديرية الحَوّك بالحديدة، التقي به عندما كان يأتي اليها لتقديم واجب العزاء في أصدقائه، او التهنئة لجيرانه، كان قمة في التواضع، حتى انك اذا جلست معه في مكان لم تشعر انه موجود لدماثة خلقه وخفة ظله، يسعى جاهداً لأن يسعد من حوله، كان وفياً لامه محبا لها، رفض مراراً القبول بتعيينه في العاصمة صنعاء-رغم مغريات المناصب-، لأنها -يرحمها الله- لم تكن تقوى على برد صنعاء، ولم يكن هو-يرحمه الله- ايضا يطيق فراق أمه، كان يسأل عن من يغيب عنه، حتى انه اتصل بي للجزائر اكثر من مرة يرحمه الله.
كان محافظاً على المال العام، فلا تصرف له سيارة جديدة إلا ويعيد الاولى الى الدولة، في تصرف قلما له مثيل، فالمسؤولون - إلا من رحم ربي- يجتهدون في كيفية الحصول على ما يستحقون وما لا يستحقون، ولكن هيهات للدولة ان تقدر قيمة الرجال إلا بعد ان يواروا الثرى، ولهذا فأن وزارة الاتصالات قد خسرت برحيله رجلا قل ان تجد مثيله، كما فقدت عدن مديراً كفؤاً، ووحدها الحديدة مسقط رأس الفقيد من رحل عنها اعز رجالها يرحمه الله.
لم اعلم بنبأ الوفاة الا عبر البرقية العزاء التي رفعها الاخ علي عبد الله صالح الرئيس السابق – رئيس المؤتمر الشعبي العام – الى نجله الاكبر المهندس فؤاد نيابة عن كافة قيادات وكوادر المؤتمر الشعبي العام، الذي يعد الفقيد ابرز رجاله الشرفاء، فيما لا زلت مستغربا لحد اللحظة وغير مستوعب لعدم صدور برقية عزاء من رئاسة الجمهورية للفقيد بالرغم من اننا نسمع يوميا عبر وسائل الاعلام برقيات مماثلة، أفلا يعلم المناضل عبد ربه منصور هادي –رئيس الجمهورية- بالمهندس احمد ناصر –وكيل وزارة المواصلات-، مع تقديرنا للدكتور احمد بن دغر –وزير الاتصالات وتقنية المعلومات – مشاركته رفقة محافظ الحديدة اكرم عطية في مراسم تشييع الجنازة التي تمت في مسقط رأس المرحوم مساء الجمعة 20 ابريل.
لم يترك بيوتاً ولا أموالاً، ولكنه ترك رجالا يزهوا بهم أي أب، ويفتخر بهم كل من يعرفهم، لأنهم انتهلوا منه، وتطبعوا بأخلاقه، فكلهم من ذوي التعليم العالي، والقدرات المهنية الكبيرة، وعلى رأسهم اخي وصديقي –المهندس فؤاد- الذي اتقدم اليه ولكل افراد اسرته ببالغ الاسى والحزن لفراق الوالد الكريم، سائلا من الله العلي القدير ان يتغمده بواسع رحمته وان يلهم اهله وذويه الصبر والسلوان.. انا لله وإنا اليه راجعون.