اخبار الساعة
كشفت صحيفة نيزافيسيمايا الروسية يوم أمس الأول في تقرير صحفي هام لكبير محرري الشؤون الدولية في الصحيفة ايجور سوبوتين تحت عنوان: “الجميع ينتظر من الصين تأسيس قاعدتها العسكرية في اليمن”، عن توجه صيني صوب مدينة عدن.
التقرير أكد أن الصين في الأشهر القليلة القادمة ستقوم بتوسيع حضورها الاقتصادي في اليمن.
وأوضح التقرير أن توجه الصين لبناء قاعدة اقتصادية لها في عدن قد أكدته تحليلات نشرها موقع (Monitor) الاخباري في العاصمة الامريكية واشنطن. والذي بين أن هذا الاجراء يتناسب تماما مع توجهات الصين ورغبتها في ضمان العمل الكامل لإنجاح مشروعها الجغرافي الاقتصادي “حزام واحد - طريق واحد” وبالتالي تعزيز ثقلها السياسي في منطقة الشرق الأوسط. غير ان هناك شكوك تحوم حول خطط الصين تجاه توجهاتها نحو إعادة بناء واحياء مشروعاتها للبنية التحتية التي اقامتها في خليج عدن ابان الحرب الباردة ليتعدى الامر ذلك الى سعيها لإقامة قواعد عسكرية صينية على الأراضي اليمنية.
وبحسبMonitor في واشنطن - فأن قرائن تعزيز الصين لدورها وحضورها في الملف اليمني يستدل عليها من خلال ما جاء في كلمة مندوب جمهورية الصين في الأمم المتحدة “تشانغ جون” والتي استبقها بمطالبة حكومته للمجتمع الدولي بسرعة تقديم المساعدات العاجلة لليمن من خلال تبني برنامج “خاص” للمساعدات.
ولفت الدبلوماسي الصيني الانتباه حينها في كلمته الحاجة إلى ضرورة معالجة اضرار أزمة الوقود في البلاد وتحقيق الاستقرار للعملة اليمنية حتى يتمكن المواطنون اليمنيون من العودة إلى حياتهم الطبيعية بعد صراع مسلح طويل تدخلت فيه الحكومات العربية. وقال تشانغ جون - إنه يتعين على المجتمع الدولي اتخاذ تدابير للحد من وباء الكوليرا المستمر ودعم مشاريع إعادة إعمار البنية التحتية اليمنية وهزيمة الجوع في البلاد.
واكد الدبلوماسي الصيني ان موقف الصين من هذه القضية كان دائما ثابتا(يقصد الصراع في اليمن- المترجم.
وقال تشانغ جون إن الجانب الصيني مستعد لأخذ زمام المبادرة واتخاذ جميع الإجراءات العملية اللازمة. وأكد المبعوث الصيني أن الصين يمكنها القيام بدور نشط في إعادة بناء الاقتصاد اليمني. هذا التصريح، بحسب Monitor ، جدير بالاهتمام، كونه بدا أكثر دقة ووضوح من مجموع تلك النداءات غير الواضحة للدبلوماسية الصينية التي تظهر بانتظام في السياق العام و تدعوا للبدء في حوار داخلي يمني وحل سياسي للنزاع الأهلي الطويل الأمد.
وبغض النظر عن حقيقة أن القيادة الصينية تدعم رسميا الحكومة الشرعية في اليمن، بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي، إلا أن لديها قنوات اتصال راسخة مع معارضي الحكومة الشرعية – من المتمردين الحوثيين والانفصالين في المجلس الانتقالي الجنوبي . ومع ذلك، يُعتقد أن الصين تستخدم هذه الاتصالات أساسًا لضمان أمن مبادراتها الاقتصادية. فالموقع الجغرافي لليمن يلائم بشكل كبير الطموح الصيني ومشروع الحرير الجديد “حزام واحد - طريق واحد” المزمع اقامته والذي تمر احدى حلقاته عبر الجزء الجنوبي من اليمن ويعد خليج عدن أحد الحلقات المهمة في هذا الطريق، حيث أبدت جمهورية الصين الشعبية اهتمامًا نشطًا بخليج عدن حتى أثناء فترة الحرب الباردة.
نشير كذلك الى ان ميناء عدن ليس الميناء الوحيد في هذه المنطقة الذي يسترعي انتباه الجانب الصيني. فهناك نقاط النقل البحري الأخرى التي لا تقل أهمية بالنسبة لبكين مثل: ميناء خليفة فيالإمارات العربية المتحدة)، وميناء دوكم في عُمان، وميناء جيزان في المملكة العربية السعودية، وبورسعيد في مصر. ربما، يمكن أيضًا اعتبار قاعدة الدعم اللوجستي لجيش التحرير الشعبي الصيني في جيبوتيشرق إفريقياحلقة وصل أساسية في هذه السلسلة.
و بحسب المونيتور - فأن السياسيين الصينيين يعتبرون جزيرة بريم ( ميون) اليمنية، الواقعة بالقرب من مضيق باب المندب، جزءًا من استراتيجيتها في البحر الأحمر.
وهناك فرضية تؤكد أنه يمكن لجمهورية الصين الشعبية أن تقوم ببناء قاعدة أخرى خاصة بها في هذه المنطقة.
وتؤكد الصين بان تشييدها واستخدامها لهذه المنشآت سيكون لأغراض سلمية.
وفي سبتمبر الماضي، قال ليو قويجين الممثل الأول الخاص لحكومة جمهورية الصين الشعبية للشؤون الإفريقية، في حديث صحفي مع وكالة انباء “ ТАСС “حول القاعدة في جيبوتي: “تم إنشاء هذا المشروع في جيبوتي بشكل قانوني و بما يراعي قواعد القانون الدولي. وأشار.. في الواقع، يوجد في إفريقيا أيضًا قواعد عسكرية أمريكية وفرنسية ويابانية، وبالتالي فإن ظهور منشأة الإمداد اللوجستي الصينية في جيبوتي تعتبر ظاهرة عقلانية تمامًا”.
وأكد قائلا: “حتى لو ظهرت قواعد مماثلة لجمهورية الصين الشعبية في مناطق أخرى، فإنها لن تكون شيئًا غير عادي، لأن الصين تتبع طريق التنمية السلمية”.
ومع ذلك، يرى كثير من الباحثين في انشاء الصين لمثل هذه القواعد يأتي تعبير لمظهر من مظاهر الطموحات العسكرية للدولة الصينية. لذلك، على الرغم من حقيقة أن الصين تنفي الهدف العسكري لقاعدتها في جيبوتي، الا إن طبيعة المنشآت الموجودة هناك تشير الى عكس ذلك.
وفي تحليل أجراه معهد هدسون في مارس العام الماضي تم التأكيد على ان طبيعة الاعمال السلمية التي تقوم بها الصين بتحديثها وبناءها لقاعدة جيبوتي تخفي في طياتها عمليات “عسكرة” تدريجية للمنشآت المدنية في الميناء. ويشير الخبراء في معهد هدسون الى حقيقة ان الصين أطلقت تدريبات بالذخيرة الحية بعد مرور بضعة أشهر بعيد افتتاح قاعدتها العسكرية في افريقيا. وأطلق معهد هدسون على هذا العمل بـ “الإستراتيجية الجيبوتية” لجمهورية الصين الشعبية.
الوقائع تشير الى ان الصين تتطلع الى تأسيس وجود حقيقي لها في ميون “بريم” اليمنية خصوصا بعد ظهور دلائل لأول مرة في العام 2017 عن تواجد عسكري اماراتي – وهي احدى الدول المشاركة في حرب اليمن- وانتشار عسكري لقواتها على الجزيرة وهو وضع دفع بممثل وزارة الخارجية الصينية للتصريح بان السلوك الاماراتي يمثل خرق لقواعد القانون الدولي. القلق الصيني يبدو جليا.
وعلى ما يبدوا ان تحسن الأوضاع بالنسبة للوجود العسكري الاماراتي في اليمن والمصالحة الرسمية (يقصد بها اتفاق جده الأخير – المترجم) بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي قد خلقا أجواء مواتية للصين لتنفيذ خططها ومشاريعها. ولكن بعد إنشاء قاعدتها في جيبوتي، لا يبدو أن هناك من يؤمن بان مبادرات الصين لتطوير البنى التحتية ستأخذ طابع سلمي فقط في قادم الايام.