خُذي حُطامَكِ
خُذي حُطامَكِ
عجبتُ للدهرِ يطوي العمرَ في عَجَلِ
ونحوَ أحلامِنا يخطو على مَهَلِ
تحبو دقائقُهُ بالآهِ مُثقلةٌ
والروحُ من حملِها تشكو من الثِّقَلِ
كأنَّما قدرُ الأجيالِ يحصدُها
وفي حشا الأرضِ حَملٌ غيرُ مُكتملِ
هذي أغانيكَ قد شاختْ على أملٍ
وأنتَ في سَفرِ الأيّامِ .. لم تصِلِ
وكلّما أكلَ الترحالُ مِنسَأةً
صنعتَ أخرى، وحادي العيسِ في جَدَلِ
وكَمْ تبسَّمتَ والأيامُ عابِسَةٌ
وفي فؤادِكَ جرحٌ غيرُ مُندَمِلِ
وعِشتَ بالصبرِ للرحمنِ مبتهلاً؛
ترجو رضاهُ .. فكم قصَّرتَ في العملِ
فهزَّ قلبَكَ صوتٌ بالندى خَضِلٌ
أركضْ إلى مَوردٍ عَذبٍ ومُغتَسَلِ
***
يا مَن هتكتِ بجنحِ الليلِ خُلوَتَهُ
لا تسألي عن خبايا الحُزنِ في المقَلِ
لا يُسألُ الصبُّ إنْ فاضتْ مدامعُهُ
ولا الغريبُ عن الأسبابِ والعِلَلِ
ما أفصحَ الدمعَ إنْ خطَّ اليراعُ بِها
حَرَّ اللواعجِ .. يا للدمعِ من رُسُلِ !!
وأبلغَ الآهَ ما هزَّ الفؤادَ بها
تلاطُمُ الموجِ في الأبياتِ والجُمَلِ
قالتْ فديتُكَ غرِّدْ عَلَّ أُغنيةً
تُحيي ربيعَ المنى المصلوبَ في طَلَلي
عسى الذي رُمتَهُ يأتيكَ مُنحَنِيَاً
فلحنُكَ العذبُ يُحني هامةَ الجبلِ
***
يا أنتِ .. عودي إلى مثواكِ راشِدَةً
دعي فؤادي لآهاتي ومُعتَقَلي
ماذا أُغَنِّيكِ؟ .. ما في الحرفِ قافيةٌ
تُسلي، ولا سُحُبٌ تُغريهِ بالغزَلِ
كأسانِ بالآهِ يا دنيا شَرِبتُهما
كأسَ الشقاءِ، وكأسَ الحُبِّ والأملِ
كم عشتُ كالطيرِ أقداري تُقَلِّبُني
في حَرِّ نارينِ .. لم يُطفِئهما وَشَلي
شربتُ كأساً سماويَّ الهوى؛ فَسَمَا
عِشقي، ورتَّلتُ آيَ الذِكرِ في وَجَلِ
باسمِ الحبيبِ ركبتُ البحرَ مُرتَحِلاً
فودِّعي الشاطِئَ المهجورَ وارتحلي
بحري عميقٌ، وألحاني عواصفُهُ
لن تُوقِفِي الموجَ بالأوهامِ والحِيَلِ
حُمِلتُ في ذاتِ ألواحً مُجَنَّحَةٍ
يسمو بيَ الشوقُ مِعراجاً على زُحَلِ
ما غِيضَ مائي لكي تأتينَ خاطبةً
وُدِّي القديمَ، وبالإغراءِ تحتفلي
أبعدَ نضجِ الهوى يُغريكِ بي أمَلٌ ؟!!
هيهاتَ يا طفلةَ الأحلامِ أنْ تصلي
محوتُ ذكراكِ من أسفارِ ذاكِرَتي
ومِن فؤادي، فعن ذِكراكِ لا تَسَلي
خُذي حُطامَكِ يا دنيا الشقاءِ فقد
نسفتُهُ بالهوى الباقي إلى الأزلِ
***
ياسين عبدالعزيزسيف
23/4/2012م