مكالمات ترامب الهاتفية إنذار للمسؤولين.. من محاولة إثارة إعجاب بوتين إلى إهانة ميركل، واردوغان اكثر اتصالا
اخبار الساعة بتاريخ: 30-06-2020 | 4 سنوات مضت
القراءات : (3226) قراءة
كشف تحقيق للصحافي كارل بيرستين المعروف بتحقيقاته في “ووتر غيت” لصحيفة “واشنطن بوست” نشرته شبكة “سي إن إن” أن الرئيس دونالد ترامب تجاوز اللياقة الدبلوماسية في حديثه مع حلفاء الولايات المتحدة في وقت قام فيه بالقوادة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشكل أثار قلق مستشاريه.
وقال بيرستين إن الرئيس ترامب لم يكن جاهزا في مئات من المكالمات الهاتفية التي أجراها مع الزعماء الأجانب للمناقشات الجدية، ودائما ما تفوق عليه المسؤولون الأجانب مثل الرئيس بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان. فيما اتسم كلامه بالإهانة والهجوم على حلفاء الولايات المتحدة بشكل قاد وزيري دفاعه وخارجيته السابقين بالإضافة لمستشاري الأمن القومي السابق إلى الاعتقاد أن الرئيس يمثل بنفسه تهديدا على الأمن القومي الأمريكي. وبحسب مصدرين فقد توصل مستشار الأمن القومي السابق أتش أر ماكمستر وخليفته جون بولتون ووزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون والدفاع السابق جيمس ماتيس ومدير طاقم البيت الأبيض السابق جون كيلي أن الرئيس يعاني من تفكير واهم في تعامله مع المسؤولين الأجانب. وقالت مصادر نقل عنها بيرنستين إن الرئيس لم يتطور في حديثه ومهاراته للتحادث مع المسؤولين الأجانب مع مرور الوقت. بل وواصل اعتقاد أنه قادر على مواجهتهم بالكلام المعسول أو البلطجة عليهم أو إقناعهم بالقوة وإجبارهم على الاستسلام لما يريد في قضايا تخدم اجندته ولا تخدم المصلحة القومية الأمريكية كما اعتقد عدد من مستشاريه. ويأتي الحديث عن فشل ترامب في مكالماته الهاتفية في وسط التقارير التي قالت إنه علم عن المكافآت التي رصدتها روسيا لقتل الجنود الأمريكيين في آذار/ مارس لكنه قرر عدم التحرك.
ترامب لم يتطور في حديثه ومهاراته للتحادث مع المسؤولين الأجانب مع مرور الوقت. بل واصل اعتقاد أنه قادر على مواجهتهم بالكلام المعسول أو البلطجة عليهم أو إقناعهم بالقوة وإجبارهم على الاستسلام لما يريد في قضايا تخدم اجندته ولا تخدم المصلحة القومية الأمريكية كما اعتقد عدد من مستشاريه
وكشفت “سي إن إن” عن وجود مكالمات هاتفية بين ترامب وبوتين أعرب فيها الرئيس الأمريكي عن رغبته بأنهاء الوجود الأمريكي في أفغانستان، لكنه لم يتحدث فيها عن محاولات روسيا قتل الأمريكيين هناك. ويعتبر الرئيس التركي أكثر الزعماء الذين اتصلوا مع ترامب حيث كان يتصل به أحيانا مرتين في الأسبوع والذي كان يتحدث مباشرة مع الرئيس أو يطلب منه الانتظار من فريقه.
وفي الوقت نفسه مارس ترامب التنمر والهجوم على أهم حليفين لأمريكا في المانيا وبريطانيا، حيث أخبر تريزا ماي، رئيسة الوزراء السابقة بأنها “ضعيفة وتفتقر إلى الشجاعة” وقال للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بأنها “غبية”. وكشفت المكالمات أن ترامب تفاخر في حديثه مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ- أون بثروته وعبقريته وإنجازاته العظيمة كرئيس و”حماقة” الرؤوساء السابقين له في البيت الأبيض.
وفي محادثاته مع بوتين وأردوغان تلذذ وهو يهاجم جورج دبليو بوش وباراك أوباما وقال إن العلاقة ستكون معه أفضل منهما. وتؤكد التفاصيل التي حصلت عليها “سي إن إن” عن مكالمات الرئيس مع الزعماء الأجانب مع ما ورد في مذكرات المسؤولين السابقين خاصة كتاب جون بولتون الأخير “الغرفة التي شهدت فيها الواقعة” إلا أن المكالمات أعم وأشمل عن الفترة التي قضاها بولتون مستشارا للأمن القومي. وكما قال بولتون فقد أخبرت المصادر الشبكة أن ترامب ظل يخلط بين مصالحه الشخصية خاصة إعادة انتخابه والانتقام من أعدائه ونقاده المفترضين مع مصالح البلاد القومية. ولحماية مصادرها قررت الشبكة عدم الإشارة لمناصبهم أو عملهم. وقد استمع للمكالمات الرئاسية عدد كبير إما أثناء الحديث أو من خلال رسائل هاتفية أو تلخيصات بعد نهايتها. واستمر تحقيق سي إن إن على مدى أربعة أشهر وطوال شهر حزيران/ يونيو. وأشارت المصادر إلى بعض الحالات التي تصرف بها ترامب بطريقة مسؤولة وفي صالح الأمن القومي. ورفض ماتيس وماكمستر وكيلي وتيلرسون التعليق على تحقيق الشبكة. ولم يرد البيت الأبيض على طلب للتعليق ولكن بعد النشر قالت المسؤولة الإعلامية سارة ماثيوز إن الرئيس الأمريكي مفاوض من الدرجة الأولى وقام بشكل مستمر بالدفاع عن المصالح الأمريكية على المسرح العالمي. وقال شخص مطلع على كل مكالمات الرئيس مع زعماء روسيا وتركيا وكندا وأستراليا وقادة أوروبا الغربية إن المكالمات كانت بغيضة وضارة بالأمن القومي الأمريكي ولو استمع أعضاء الكونغرس الجمهوريين أو حصلوا على وصف لما ورد فيها أو قرأوا ملخصات لفقدوا الثقة بالرئيس. وبدا الرئيس عدوانيا مع الحلفاء خاصة النساء فيما أظهر تملقا للقادة الأقوياء وجهلا في التاريخ وسوء تحضير للحوار.
بدا ترامب عدوانيا مع الحلفاء خاصة النساء فيما أظهر تملقا للقادة الأقوياء وجهلا في التاريخ وسوء تحضير للحوار
وبحسب عدة مصادر، أعرب مدير الأمن القومي دان كوتس عن خوفه من مكالمات الرئيس مع الزعماء الأجانب ورأى أنها تضر بالعلاقات الأمريكية الخارجية وأهدافها في العالم. واعرب جون كيلي، مدير طاقم البيت الأبيض السابق في عدد الأحاديث الخاصة عن أثر مكالمات الرئيس الضار مع الزعماء الأجانب. وقارن مصدران مكالمات الرئيس مع الزعماء الأجانب بإيجازاته اليومية الأخيرة عن فيروس كورونا- حوار حر وضعف في الحقائق وحوار مع النفس وصراخ وحديث مليء بالفتنازيا وتكهنات قائمة على حدسه ومعلومات مضللة من وسائل التواصل الإجتماعي. وبالإضافة لميركل وماي قام ترامب حسب المصادر بمهاجمة حلفاء آخرين مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس وزراء كندا جاستن ترودو، ورئيس وزراء استراليا سكوت موريسون، ، حيث استخدم نفس النبرة والعدوانية التي اتسم بها حديثه مع حكام الولايات الأمريكية لمواجهة فيروس كورونا. ويأتي ماكرون بعد أردوغان في محاولة الحديث هاتفيا مع ترامب، حيث كان ماكرون يطمع في إقناع ترامب لتغيير رأيه في قضايا تتعلق بالبيئة والأمن والإتفاقية النووية مع إيران. وكان ماكرون لا يحصل على شيء ويستفز ترامب بمطالبه بطريقة كان يعرضه لمحاضرات وما وصفه مصدر بعملية “الجلد” خاصة فيما يتعلق بنفقات فرنسا والدول الأخرى الدفاعية للناتو وسياسات الهجرة المتسامحة أو العلاقات التجارية غير المتوازنة مع الولايات المتحدة. لكن أشرس هجوم كان ضد النساء، ففي حوارات مع ميركل وماي قلل ترامب من شأنهما وأهانهما بطريقة شبه سادية. وقال مصدر “بعض ما قاله لميركل لا يمكن تصديقه، وصفها بالحمقى واتهمها بأنها في جيب الروس، وكانت أقسى مكالماته مع الذين يظهرون ضعفاء وأضعف مع الذين يريد أن يظهر صلفه معهم”. وأكد مسؤول ألماني أن المكالمات “غير عادية”.
يأتي ماكرون بعد أردوغان في محاولة الحديث هاتفيا مع ترامب، حيث كان ماكرون يطمع في إقناع ترامب لتغيير رأيه في قضايا تتعلق بالبيئة والأمن والإتفاقية النووية مع إيران
ووصف المسؤول تصرف ترامب مع ميركل “بالعدواني”. وقال إن الدائرة التي تقوم بمراقبة مكالمات ميركل مع ترامب قد نقصت “وهي دائرة صغيرة من الناس المشتركين والسبب لأنها إشكالية بالتأكيد”. ووصفت مكالمات ترامب مع ماي في الفترة ما بين 2016- 2019 بالمهينة والتنمر وهاجمها ترامب ووصفها بالمغفلة بسبب تعاملها مع البريكسيت. وقال مصدر “كان يشعر بالغصب من ماي لأمر ما ثم يتميز كلامه معها على الهاتف بالبذاءة”. وقال مصدر إن ميركل التزمت الهدوء أثناء هجوم ترامب عليها. وكانت تواجهه هجومه العصبي بتذكيره بالحقائق. وقال المسؤول الألماني إن ترامب أظهر سلوكا مثيرا للتساؤل عندما زارت ميركل البيت الأبيض قبل عامين “كان عدوانيا، والتزمت المستشارة الهدوء وهو ما تفعله على الهاتف”. وبالمقابل كانت رئيسة الوزراء السابقة ماي تشعر بالعصبية والارتباك “واستفزها وهو ما كان يريده”. وبالمقارنة كانت محادثات ترامب مع بوتين وأردوغان فاضحة خاصة أنه لم يكن جاهزا لها مما جعله ضعيفا. وفي مكالماته مع بوتين، تحدث ترامب بشكل مستمر عن نفسه وبعبارات مفرطة ونجاحه غير المسبوق في بناء اقتصاد أمريكي قوي. وتحدث عن نفسه بأنه أفضل من الرؤساء الضعاف الحمقى الذين جاءوا من قبله خاصة أوباما. كما وتحدث بأعجاب عن تجربته في تنظيم ملكة جمال العالم بموسكو. في محاولة منه لكي يحصل على مديح من بوتين الذي كان يتفوق عليه. وقال مصدر إن بوتين كان يقوم بزعزعة استقرار الغرب في وقت كان رئيس أمريكا يتحدث عنه في محاولة للحصول على احترام رئيس روسيا. وقال مصدر إن محادثات الرئيسين بدت وكأنها لشخصين يجلسان في حمام بخار. وكان ترامب يترك مساعديه ومستشاري الأمن القومي في حالة من الصدمة ليس من ناحية التنازلات التي قدمها لبوتين ولكن لطريقة حديثه التي كانت تحاول الحصول على إعجاب بوتين وتتجاهل أسس العلاقة الثنائية بين البلدين ولا تلتفت للملفات المهمة مثل حقوق الإنسان والتحكم بالسلاح. وكان ترامب يعتقد أن علاقته الشخصية مع بوتين ضرورية لإعادة رسم العلاقات مع روسيا التي يراها لاعب دولي مهم. وقال مسؤول مطلع على مكالمات ترامب- بوتين أن الرئيس رفع من قيمة دولة لا تسهم إلا بنسبة 4% من الاقتصاد العالمي وقدم زعيمها الديكتاتوري وقوض الموقف المتشدد الذي اتخذه الكونغرس والمؤسسات الأمنية منها. وقال مسؤول “تخلى ترامب عن الميزة التي تم اكتسابها بصعوبة في الحرب الباردة” و”منح بوتين وروسيا الشرعية التي لم يحصلا عليها” و”منح روسيا شريان حياة لأنها كانت في تراجع”.
محادثات ترامب وبوتين بدت وكأنها لشخصين يجلسان في حمام بخار. وكان ترامب يترك مساعديه ومستشاري الأمن القومي في حالة من الصدمة ليس من ناحية التنازلات التي قدمها لبوتين ولكن لطريقة حديثه التي كانت تحاول الحصول على إعجاب بوتين
وأشار مسؤولان لقرار الرئيس سحب القوات الأمريكة من سوريا الذي نفع تركيا وروسيا. وكانت طريقة وصول أردوغان لترامب محلا لقلق بولتون وماكمستر وكيلي لأنها تجاوزت بروتوكول الأمن القومي في التواصل مع الرئيس ولسهولة حصول أردوغان على تنازلات من الرئيس. وأصبح أردوغان بارعا في الوصول لترامب مباشرة، لدرجة أقنعت مساعدين في البيت الأبيض أن الخدمات السرية التركية في واشنطن تستخدم برنامج ترامب لإخبار أردوغان عن الوقت المناسب للاتصال بترامب. وفي بعض الأحيان كان أردوغان يتصل مع ترامب وهو يلعب الغولف حيث كان يؤخر اللعبة وهما يتحدثان بشكل مطول. ووصف مسؤولان ترامب بأنه لم يكن يعرف عن سوريا أو تفاصيل الشرق الأوسط بحيث يكون مؤهلا للحديث مع أردوغان ” كان أردوغان يخدعه”. وقال المسؤول إن مكالمات الرئيس التركي مع ترامب كانت صورة عن الطريقة التي استفاد منها وظهرت من خلال قرارات سحب القوات الأمريكية التي سمحت لتركيا دخول مناطق الأكراد. وكان ترامب يغضب من أردوغان نظرا لإصراره الحصول على معاملة تجارية مفضلة أو لرفضه إطلاق سراح قس أمريكي. وطرح أردوغان في المكالمات قضايا مثل قضية بنك خلق التي تحدث عنها بولتون في كتابه ووعد ترامب بتسويتها والتدخل في الإجراءات القانونية. لكن مصادر سي أن أن لا تقترح أن مكالمات ترامب- أردوغان تقدم أساسا لمحاكمته. ويمكن اعتبارها مثل بقية مكالمات الرئيس مع الزعماء الأجانب كدليل عن عدم صلاحيته للرئاسة. وتظهر المكالمات أن أعضاء من أفراد عائلة الرئيس كانوا حاضرين أثناءها، كتلك التي أجراها مع بوتين حيث استمع إليها جاريد كوشنر وإيفانكا ترامب مع وزير الخارجية تيلرسون وماكمستر. وحضر كوشنر وإيفانكا مكالمات أخرى رغم عدم معرفتهما بالشؤون الخارجية. ويظهر تحقيق سي إن إن أن ترامب لم يكن ليقرأ إيجازا تقدمه له السي آي إيه أو وكالة الأمن القومي قبل المكالمة مع رؤساء الدول. و”لا يتشاور معهم أو حتى يأخذ رأيهم” كما قال أحد المسؤولين الذين أشار إلى أن ترامب كان يأخذ سماعة الهاتف ويتصل مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بدون أن يكون أحد متجهزا للمكالمة. وكان رد فعل مساعديه “يا إلهي لا تتصل”. وقال مصدر إن ترامب كان يعتقد أنه “حكم جيد على الشخصيات أحسن من أي شخص آخر”. ورفض نصيحة المخابرات والأمن القومي وأعضاء حكومته حول ضرورة التعامل مع بوتين بشك.
اقرأ ايضا: