الجريمة الإرهابية في كلية الشرطة .. استهداف للوطن
محمد حسين النظاري
الجريمة الإرهابية في كلية الشرطة .. استهداف للوطن
يقول عز من قائل في كتابه الخالد: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } صدق الله العظيم، وقال عليه الصلاة والسلام : {والذي نفس محمد بيده لولا أن يشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله أبدا، ولكن لا أجد سعة فأحملهم، ولا يجدون سعة، ويشق عليهم أن يتخلفوا عني، والذي نفس محمد بيده لوددت أني أغزو في سبيل الله فأقتل، ثم أغزو فأقتل، ثم أغزو فأقتل} . رواه البخاري ومسلم .
ومن هنا فإن عزائنا بفقد جنودنا البواسل الذين وهبوا انفسهم لحماية امتهم والذود عن وطنهم -نزولا وامتثالاً لأمر لله ورسوله- أنهم أحياء عند ربهم، وأنهم احياء في نفوسنا، فما حصل يوم الاربعاء 11 يوليو 2012م من عملية يكتنفها الغدر، وتفوح منها روائح نتنة تبين مدى حب البعض لسفك الدماء البريئة، فقد ظهر جلياً من خلال ما يقوم به المجرمون تجاه جنود الوطن من طلاب كلية الشرطة، والتي راح ضحيتها 8 طلاب واصابة 20 اخرين - بعضهم خطيرة- فإفلاس هذه العناصر، وعدم ارتكازها على مبادئ سوية جعلهم يرتكبون اشنع الجرائم، بحق الابرياء.
إن الطلاب المستهدفون لم يكونوا في حالة قتال ولم يكونوا يتربصون بأحد، لقد كانوا على استعداد لقضاء اجازتهم الاسبوعية بين اهلهم وذويهم، وبدل ان تتلقاهم الايدي الحنونة، كانت ايادي الشر اسرع الى ازهاق ارواحهم.
إذا كان يظن المتآمرون بأن مثل هذه الاعمال الاجرامية الخسيسة سوف تثني عزيمة المواطنين قبل رجال الأمن والقوات المسلحة ، فهي واهمة وتعيش في كابوس ستستيقظ منه عندما ترى أبناء الوطن الشرفاء يدينون مثل هكذا ارهاب، فما حصل في السبعين وكلية الشرطة لن يحول او يمنع من أن يؤدي كل شريف في اليمن دوره وواجبه الديني والوطني في مواجهة من يريدون استباحة الدماء الامنة أينما وجدت، وسيكون الناس في طليعة المحاربين لهذا الظواهر الغريبة على مجتمعنا، ولن تزيدهم هذه العمليات إلا مؤازرة للأجهزة الأمنية التي هي مطالبة وبقوة في اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتأمين أمن وسلامة الوطن والمواطنين.
عندما يعجز الضعفاء عن مواجهة الجنود في ارض النزال، فلا يستطيعون إلا التربص بمن يتدربون في السبعين، او بمن يهمون في العودة الى قراهم وعزلهم لرؤية أهلهم، وهنا يتضح من له قضية من الذين ليس لهم هوية إلا الترويع والقتل واختلاق الازمات.
اذا كان لدى هؤلاء قضية فليعلنوا عنها، وليوضحوها للرأي العام، اما قضية الاسلام وتطبيق الشريعة السمحة، فإنها مزايدة وكلمة حق يراد بها باطل، فلا يوجد دستور او قانون ارضي في بلد من البلدان يطبق الاسلام كالدستور اليمني، كما ان المجتمع اليمني بكليته يدين بالإسلام، وان حدثت تجاوزات من البعض في التطبيق فهي بلا ريب تدخل في تفاوت النفس البشرية ومدى طاعتها وارتباطها بالمولى عز وجل، وذلك لا يبيح بأي حال من الأحوال معاقبته بالقتل من سبق الاصرار والترصد.
لو لم يكن في اليمنيين خير، ولو لم يكن دينهم يردعهم، لما بقيّ فيهم احد على قيد الحياة، فالسلاح أكثر من الخشب لدى الناس، ومع هذا تجد ان نسبة الجريمة مقارنة بدول لا يمتلك سكانها سلاحاً اقل بكثير، فأي اسلام يريدوننا ان نعتنقه؟ هل هو ذلك الذي يبيح لنا قتل ابنائنا من الجنود على حين غفلة من أمرهم، ام هو الرجوع الى القرون الغابرة لنزيد واقعنا تخلفا اكثر مما هو فيه... اذا كان هؤلاء يقاتلوننا بذريعة ان الطائرات الاجنبية تسرح في بلدنا، فيلقتلوا انفسهم اولاً لأنها لم تكن لتتواجد في بلادنا إلا بوجودهم هم، ولم يكن للغربي ان يطأ ارضاً مسلمة إلا لأن بعض اهلها شوهوا الدين، وتركوا اعلان الجهاد في مواقعه من بلاد الاسلام المحتلة كفلسطين، ليقودوا بأفعالهم لأن يحتل الغرب الدول المستقلة بدواعي الحرب على الارهاب.
ان السياسة التي تنتهجها بعض هذه الجماعات، لن يزيد الامة منها إلا نفوراً وابتعاداً، كيف لا والأم تفقد ولدها، والزوجة زوجها، والشيخ ولده، والابن أباه، والأخت أخاها، بدواعي واهية، فإراقة الدماء اصبح اليوم اهون من اراقة الماء.
رحم الله كل نفس يمنية اُزهقت على يد ظالم او باغ او محارب لله ورسوله، وألهم اهلها وذويها الصبر والسلوان .. إنا لله وإنا اليه راجعون.