تقرير لرويترز: الحوثيون يكسبون مزيداً من النفوذ في اليمن بدعم من ايران ويقود الى صراع طويل
اخبار الساعة - رويترز بتاريخ: 04-10-2012 | 12 سنوات مضت
القراءات : (2800) قراءة
عندما اندلعت أعمال شغب هذا الشهر بسبب الفيلم المسيء للنبي محمد والذي أنتج في ولاية كاليفورنيا الأمريكية غطى المتمردون الحوثيون العاصمة صنعاء بالملصقات واللافتات والرسوم التي تندد بالولايات المتحدة.
وفوجئ دبلوماسيون غربيون وإسلاميون سنة بالاستعراض المفاجئ للقوة في المدينة التي كان محظورا عليهم دخولها منذ زمن طويل حيث اقتصر وجودهم خلال حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح على مناطق نائية من اليمن.
وقال دبلوماسي غربي رفيع "لديهم استراتيجية واسعة النطاق حقا لزيادة النفوذ في السياسة والمجتمع.. ونعتقد أن الغرض من هذا سلبي للغاية."
وأضاف "رأيي في هذا هو أن حكومة إيران هي التي تشتري وتدفع مقابل ذلك وهم مجرد منفذين للتعليمات التي يتلقونها من طهران."
ويعتقد محللون ودبلوماسيون أن ظهور الحوثيين حول اليمن إلى جبهة جديدة في صراع طويل بين إيران والقوى الغربية والأنظمة العربية التي تدعمها تلك القوى وهو صراع يتركز حول البرنامج النووي الذي تقول اسرائيل والدول الغربية إنه يهدف لصنع أسلحة نووية وتغيير ميزان القوة. وإيران تنفي تلك الاتهامات.
وتتهم حكومات في دول الخليج ورجال دين سنة إيران بدعم طوائف شيعية في المنطقة واتهمت صنعاء إيران أيضا هذا العام بمحاولة التدخل في شؤون اليمن.
ولم يستقبل الرئيس اليمني الحالي عبد ربه منصور هادي مبعوثا إيرانيا زائرا في يوليو تموز تعبيرا عن "استيائه" من طهران بعد أن قالت صنعاء إنها كشفت شبكة تجسس بقيادة إيرانية في العاصمة وهي اتهامات كررها هادي خلال زيارة إلى الولايات المتحدة في الأسبوع الماضي.
وفي صنعاء يشكل السكان من الشيعة الزيدية خاصة في صنعاء القديمة التاريخية قاعدة دعم طبيعية للحوثيين وتنتشر في العاصمة شعارات تهاجم الولايات المتحدة تستلهم مباشرة العبارات التي تتردد في إيران مثل "الشيطان الأعظم" و"الاستكبار العالمي".
وتدعو أخرى لمقاطعة البضائع الأمريكية والاسرائيلية التي يعتقد الحوثيون أنها تتسلل إلى اليمن.
وتقول شعارات أخرى إن حملة الكتابة على الجدران هي أسلوب ثوري وتظهر "مستوى عاليا من الحذر واليقظة والانتباه من الأمة".
وبدأت الشعارات في الظهور بعدما اقتحم محتجون السفارة الأمريكية الشهر الماضي وأعقب ذلك احتجاجات في الشوارع سمحت بها قوات الأمن دون حدوث أي مشكلات.
ويقول عبد الفتاح مدرس اللغة العربية في البلدة القديمة وهو معارض للحوثيين "تريد الحكومة أن تظهر المزيد من الحريات ولا تريد أي صدام لذلك تركتهم يرتعون... وجدوا فرصة ليظهروا أنفسهم ويستغلوا مشاعر الناس."
وتهدف الحكومة الانتقالية لإشراك الحوثيين في حوار وطني مقرر في نوفمبر تشرين الثاني يهدف إلى التوصل إلى نظام سياسي تعددي جديد.
لكن بعض السنة يخشون أن يكون الحوثيون راغبين في إحياء نظام الإمامة الزيدية وهو نظام الحكم الذي ظل يدير البلاد طوال ألف عام كان يجري تسليم السلطة فيه لزعماء يزعمون انحدارهم من نسل النبي محمد. وانتهى نظام الإمامة في انقلاب عسكري عام 1962.
لكن في ظل التداخل المركب للاعتبارات القبلية والدينية في المجتمع اليمني فإن الانتماءات لا تنقسم بشكل خالص بين سنة وشيعة.
ويتعاطف بعض السنة الذين يزعمون أيضا أنهم ينحدرون من نسل النبي محمد مع الحوثيين في حين أن الكثير من الزيديين ومنهم صالح ذاته وعشيرة الأحمر التي ينتمي إليها تعارضهم.
وتهيمن عائلة الأحمر على اتحاد حاشد القبلي الذي يضم سنة وشيعة على حد السواء كما توجد شخصيات رئيسية من آل الأحمر في حزب الإصلاح الإسلامي السني.
لكن الكثير من الزيديين في البلدة القديمة بالعاصمة يقرون بتزايد نفوذ الحوثيين.
وقال أحمد عز من أمام مسجد في البلدة القديمة "هؤلاء أشخاص يعبرون عن أنفسهم.. 30 أو 40 في المئة من ابناء البلدة القديمة متعاطفون معهم... فكر الحوثيين ليس متطرفا."
ويقول محللون إن ظاهرة الحوثيين مثلها مثل ظهور النزعة الانفصالية في الجنوب نتيجة للتهميش والقبضة التي كان يحكمها صالح على السلطة والموارد الاقتصادية انطلاقا من الشمال.
وظهر الحوثيون بعد حرب أهلية عام 1994 فرضت الوحدة بين الشمال والجنوب وتحولوا إلى ميليشيا تشبه جماعة حزب الله اللبنانية وتتركز حول عائلة الحوثي في محافظة صعدة النائية التي عانت من الاهمال والمتاخمة للسعودية.
وبدأت حروب صالح التي أخفقت في القضاء عليهم عام 2004.
وأطلق الحوثيون على أنفسهم اسم "أنصار الله" وكأنهم يستلهمون اسم "حزب الله" وأقاموا تحالفات مع الانفصاليين في الجنوب وأطلقوا قناة تلفزيونية هي المسيرة من بيروت.
ويصفون خصومهم من السنة بأنهم دمى في يد الرياض وأنهم غير مستعدين لتحدي السياسة الأمريكية في المنطقة.
وقال علي العماد وهو قيادي في انصار الله في صنعاء إن الفكر الوهابي جاء من السعودية قبل نحو 50 عاما لكن الفكر الحوثي موجود في اليمن منذ أكثر من ألف سنة.
وأضاف أن الحركة الحوثية هي حركة مقاومة وشعارها السياسي واضح وهو رفض الهيمنة و"الاستكبار العالمي" للولايات المتحدة.
ونفى العماد أن يكون الهدف هو إحياء نظام الإمامة الزيدية أو تفضيل حاكم ينحدر من نسل النبي محمد.
وأضاف أن الحوثيين شاركوا في الثورة ضد صالح ولديهم رؤية سياسية لدولة مدنية تضمن الحقوق والحريات والمساواة للجميع بغض النظر عن الانتماء القطري أو العشائري.
وبعد سلسلة من الحروب التي أخفقت في القضاء على حركة الحوثيين في قاعدتهم في صعدة بشمال اليمن بما في ذلك حرب في عام 2009 انضمت إليها السعودية علانية ضدهم سقطت المحافظة في أيدي الحوثيين وتم تنصيب محافظ فرضه الحوثيون.
واشتبك الحوثيون مع سلفيين بشأن السيطرة على مساجد في محافظتي عمران وحجة إلى الشمال من صنعاء في سبتمبر أيلول ويخشى كثيرون أن ينتقل الصراع إلى العاصمة.
وفي حي القاع أشاد إمام مسجد بأئمة الزيدية.
وقال محمد بامطرف وهو من أنصار الحزب الاشتراكي اليمني ومعارض للرئيس السابق "لم يكن ليقدر على قول ذلك من قبل عندما كان صالح في السلطة."
ووزع الحوثيون بعد أن أصبحت لهم حرية الحركة اسطوانات مدمجة وكتبا وملصقات في معرض صنعاء للكتاب لهذا العام ويحتفظون بوجود كبير في ساحة التغيير مركز انتفاضة العام الماضي ضد صالح.
ويخشى حزب الإصلاح الذي يشارك في الحكومة الانتقالية أن يكون غرض الحوثيين هو إخضاع كل محافظات الشمال لسيطرتهم قبل الدخول في الحوار الوطني.
وقال محمد قحطان المتحدث باسم الحزب إن الحوثيين يستعرضون عضلاتهم في شوارع العاصمة ويريدون صراعا مع السلفيين في بعض الأحياء. وأضاف أن النزعة الطائفية للحوثيين من الممكن أن تفتح أبواب جهنم في اليمن.
ومضى يقول إن حزبه يدعم تحولهم إلى حزب سياسي لكنه لا يقبل أن يكونوا نسخة من حزب الله في اليمن وأن يصبحوا دولة داخل الدولة.
لكن محللين يرون أن هذا ربما يكون قد حدث بالفعل.
وقال المحلل السياسي عبد الغني الارياني "تمكنوا من الوصول خارج قاعدتهم بسبب الفساد وغياب سيادة القانون رغم أن فكرهم لا يروق للأغلبية في اليمن."
وتابع قوله "مفهوم الإمامة راسخ في فكرهم لكنهم ليسوا بهذا الغباء ليعتقدوا أن بإمكانهم فرض هذا النظام ولهذا السبب يفضلون اللامركزية."
من اندرو هاموند
اقرأ ايضا: