مسلمو فرنسا يستقبلون الاضحى بالمشاكل ذاتها… لا مكان للذبح والسلخ !
اخبار الساعة - بوعلام غبشي - متابعات بتاريخ: 26-10-2012 | 12 سنوات مضت
القراءات : (26613) قراءة
يحيي مسلمو فرنسا الجمعة عيد الأضحى بشيء من القلق نظرًا لما وصلت إليه سمعة المسلمين في هذا البلد، والتي يرجعها مسؤولو الشأن الإسلامي في فرنسا إلى تحول الإسلام إلى "مادة سياسية" تخرج في أوقات انتخابية حتى أنه لا يكاد يمر الأسبوع الواحد دون أن يثار موضوع الإسلام والمسلمين.
باريس: تبقى المشاكل التي تعترض المسلمين في فرنسا لقضاء عيد الأضحى، بالشكل الذي ظلوا يتوقون إليه، هي نفسها، أبرزها أن الغالبية العظمى منهم لا يتسنى لها القيام بالذبح والسلخ كما هو متعارف عليه في البلدان الإسلامية، لأن القوانين الفرنسية تمنع ذلك، وتفرض المرور عبر المجازر.
حسب ما أعلنت عنه صحيفة فرنسية، تهتم بشؤون المسلمين في فرنسا، عدد المجازر المرخصة لها للقيام بعمليات الذبح والسلخ لغاية هذه المناسبة الدينية، "هي قليلة ولا تتعدى الـ 42 مجزرة من ضمنها مجازر موقتة"، وهو ما دفع بالكثيرين إلى التوجه إلى جزار الحي لشراء الأضحية مذبوحة ومسلوخة على أن يتسلموها في ثاني أيام العيد.
أرجعت الصحيفة سبب محدودية عدد المجازر إلى "عدم الاهتمام الكافي للوزارة المعنية بهذا الأمر"، موضحة "أن الكثير من المجازر المرخص لها لم يشر إليها، خصوصاً منها المتواجدة في الشمال، منطقة "بكاردي"، "لوكيطان"، وباريس وضواحيها، إلا أنها اعتبرت "أن المحافظات لم تفد وزارة الفلاحة بأسماء هذه المجازر قبل التاريخ المحدد لذلك".
لم يقتصر المشكل على الإدارة فقط، بل إن هذه الصحيفة حملت جزءاً من المسؤولية إلى المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية والمشاكل التي يتخبط فيها في علاقته ببعض المجالس الجهوية، ما يصعب من انتقال المعلومة التي تخص شؤون المسلمين من المركز نحو باقي الجهات.
يشار إلى أن الذبح خارج المجازر المرخص لها يعاقب عليه بموجب القانون الفرنسي بغرامة مالية تصل إلى 15 ألف يورو وستة أشهر سجناً، وأصدرت المصالح الفرنسية المختصة دورية مشتركة تؤكد فيها تشديد المراقبة ضد عمليات الذبح السري.
اختلاف التسهيلات من منطقة إلى أخرى
يختلف حجم التسهيلات التي توفر للجالية المسلمة من منطقة إلى أخرى من التراب الفرنسي، وذلك بالنظر إلى دينامية الجمعيات العربية في هذه المناطق والتوجهات السياسية لمن يسيرونها، لكن الجهات المسيرة من طرف اليسار عموماً، عادة ما تسهّل لهذه الجالية تحقيق عدد من المكاسب فيها.
في هذا الإطار تحدث مرزاق البكاي، عضو المجلس الإداري للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية لإيلاف عن نوع من الشراكة بين المجلس الجهوي ومجلس جهة "سان ساندوني" مدتها خمس سنوات التزم بموجبها الأخير بتوفير مكان خاص لإنشاء مجزرة موقتة خلال عيد الأضحى لمدة يومين زيادة على تكلفة بمسألة النظافة.
وعن دور المجلس الجهوي للديانة الإسلامية لهذه المنطقة في هذه المناسبة، يقول البكاي، إنه "تنسيقي وتعبوي".
وسيحضر صباح العيد عملية نحر الأضاحي رئيس مجلس النواب كلود بارطولون، كريستيان لومبير والي المنطقة، وستيفان تروسيل رئيس المجلس الإقليمي.
وحول دور المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية في تنظيم الاحتفال بهذه المناسبة في فرنسا عامة، حيث أن نفس المشاكل تعيد نفسها كل سنة، يقف مرزاق عند مشاكل المجلس بالقول إن "المجلس يعرف صراعًا على الكراسي، واختلافات قطرية على أن فلاناً جزائري والآخر مغربي أو تونسي أو غير ذلك"، داعيًا إلى إصلاح "المجلس في العمق".
سمعة المسلمين تضررت كثيرًا
مرزاق يستحسن في الوقت نفسه تجند جميع مسؤولي الشأن الإسلامي في فرنسا عندما "يتم الاعتداء على الإسلام"، حيث يوضح أن جميع حساسيات المجلس سواء الموجودة داخله أو خارجه "يكون لها صوت واحد، إلا أنه لا يجب أن ننتظر حتى نهاجم لنتوحد"، يشدد عضو المجلس الإداري للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية.
يفسر مرزاق التراجع المخيف لسمعة الإسلام والمسلمين وسط المجتمع الفرنسي، بحسب ما أكده استطلاع للرأي نشرته صحيفة لوفيغارو المقربة من اليمين، إلى المنهجية التي أصبح يعتمدها بعض السياسيين في حملاتهم الانتخابية، مفيدًا أنهم "يخرجون ورقة الإسلام والمسلمين في كل مرة ولاسيما عند المواعيد الانتخابية".
ويتابع في ذات السياق أن "سمعة الإسلام والمسلمين تضررت كثيراً خلال الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية الأخيرة، إذ لم يكن يمر اليوم الواحد دون أن يتم التلويح بهذه الورقة، وكانت تثار مواضيع مخيفة جدًا يتم ربطها بالإسلام في الكثير من الأحيان قسرًا".
ويضيف "هذه المواضيع التي أخرجت خلال الحملة الانتخابية في إطار هجمة شرسة على الإسلام والمسلمين، كانت بغرض ذر الرماد في عيون الفرنسيين البسطاء، والذين يكونون ضحية لمثل هذه الدعاية السامة".
ويرى مرزاق أن "عددًا كبيراً من المسؤولين على الشأن الديني الإسلامي في فرنسا دون المستوى، كما أن وسائل الإعلام تغيب عن أنشطة الجمعيات التي تعنى بالعبادات والثقافة الإسلامية وهو ما يحول دون الترويج للقيم الحقيقية للإسلام"، ويطغى فقط الحديث عن التطرف والمتطرفين من أمثال قضية مراح وتفكيك الشبكة الإرهابية الأخيرة.
التعريف بالقيم المثلى للإسلام في فرنسا، ولشرائح واسعة من المجتمع المحلي، تبدأ بالنسبة لمحدثنا من "تربيتنا لأنفسنا وأبنائنا، لأن الإسلام دخل قلوب الناس بالمعاملة الحسنة"، مستطرداً أن "المسلم عليه أن يتحلى بالأخلاق النبيلة والحميدة، تجاوز النعرات القطرية، آنذاك يمكن أن نتوجه نحو الآخر محاولين تغيير الصورة السيئة التي قد تكونت لديه عن الإسلام والمسلمين".
اقرأ ايضا: