خيبة أمل في تجارب الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية
وجدت تجربة سريرية دامت لمدة ثلاث سنوات بمشاركة أكثر من 5,000 امرأة من منطقتي أفريقيا الشرقية والجنوبية أن العلاج الوقائي قبل التعرض لفيروس نقص المناعة البشرية – سواء من خلال استخدام جل مهبلي أو قرص يتم تناوله عن طريق الفم - ليس فعالاً في الوقاية من الإصابة بالفيروس المسبب للإيدز لدى النساء غير المتزوجات.
وتهدف هذه الدراسة التي ضمت نساء غير مصابات بالفيروس من جنوب أفريقيا وأوغندا وزيمبابوي، إلى اختبار سلامة وفعالية وقبول الأساليب الثلاثة للوقاية من الفيروس وهي: الاستخدام اليومي للجل المهبلي الذي يحتوي على عقار التينوفوفير المضاد للفيروسات القهقرية؛ والاستخدام اليومي للأقراص التي يتم تناولها عن طريق الفم والمحتوية على التينوفوفير؛ والاستخدام اليومي لعقار التروفادا عن طريق الفم، وهو مزيج من عقار التينوفوفير ودواء آخر مضاد للفيروسات القهقرية. وفي عام 2011، توقفت الدراسة المذكورة عن اختبار دواء التينوفوفير الذي يتم تناوله عن طريق الفم وجل التينوفوفير بعد أن وجدت الاستعراضات أنه لم يكن فعالاً، ولم يتبق سوى الاستمرار في اختبار عقار التروفادا.
لكن في نهاية المطاف، وجد الباحثون أن أياً من المنتجات لم يكن فعالاً بالنسبة للمشاركات في هذه التجربة، إذ أن معظمهن لم يقمن باستخدامها يومياً على النحو الموصى به.
ومن بين النساء المسجلات في هذه الدراسة والبالغ عددهن 5,029 امرأة، أصيبت 312 بفيروس نقص المناعة البشرية أثناء التجربة – أي حوالي 5.7 بالمائة من المجموع العام - وما يقرب من ضعف المعدل الذي كان يتوقعه الباحثون عند تصميم الدراسة.
العلاج الوقائي قبل التعرض للفيروس
وقالت جان ماراتزو، إحدى الباحثين القائمين على التجربة أنه "على الرغم من أنه قد تكون هناك تفسيرات أخرى لفشل هذه المنتجات أحياناً في الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية، إلا أنه من الصعب تجاهل حقيقة أن عدداً قليلاً من النساء في دراستنا قام باستخدام هذه المنتجات. فبات من الواضح أن هذا النهج القائم على استخدام المنتج يومياً لن يكون ناجحاً مع النساء اللواتي شاركن في هذه الدراسة القائمة على استخدام المنتجات المهبلية والتي تعطى عن طريق الفم للسيطرة على الوباء.
وأضافت ماراتزو: "لا يمكننا تحديد ما إذا كانت المنتجات فعالة لدى استخدام المنتج بمعدلات منخفضة جداً".
ويُحدث الالتزام كل الفرق في العلاج الوقائي قبل التعرض للفيروس، والذي ينطوي على إعطاء أدوية مضادة لفيروس نقص المناعة البشرية إلى أشخاص غير مصابين بالفيروس بغية الوقاية من العدوى في حال تعرضهم لها. ووفقاً لمايك شيرنجي، وهو باحث آخر في التجربة، وجدت تجارب أخرى تم فيها استخدام المنتجات نفسها بطريقة مستمرة أن عقار التروفادا فعال للغاية في منع انتقال فيروس نقص المناعة البشرية.
وفي يوليو 2011، أعلن العلماء أن تجربة العلاج الوقائي قبل التعرض للفيروس لدى الشركاء قد انتهت قبل عام من موعدها بعد العثور على أدلة دامغة على فعالية التينوفوفير الذي يتم تناوله عبر الفم وعقار التروفادا في الوقاية من الإصابة بالفيروس في صفوف الأزواج المتباينين مصلياً. وفي وقت سابق من هذا العام، وجدت تجارب سريرية عشوائية هامة تسمى HPTN 052، أن علاج الفرد المصاب بفيروس نقص المناعة البشرية قد قلل من خطر انتقال الفيروس من خلال العلاقة الجنسية مع الشريك غير المصاب بنسبة تصل إلى 96 بالمائة.
وفي عام 2010، وجد مركز برنامج أبحاث الإيدز في جنوب أفريقيا (CAPRISA) أن استعمال الجل المهبلي الذي يحتوي على التينوفوفير قبل وبعد ممارسة الجنس أدى إلى حماية أربعاً من أصل عشر حالات من العدوى بفيروس نقص المناعة البشرية.
لكن في أبريل 2011، وجدت دراسة FEM حول العلاج الوقائي قبل التعرض للفيروس أن إعطاء النساء غير المصابات بفيروس نقص المناعة البشرية عقار التروفادا لمنع إصابتهن بفيروس نقص المناعة البشرية غير فعال، إذ لم يكن هناك اختلاف في حالات الإصابة بالفيروس بين النساء اللواتي يتناولن التروفادا واللواتي يتناولن الدواء الوهمي. وقال شيرنجي للصحفيين عبر الهاتف أن مستويات الالتزام في هذه الدراسة كانت منخفضة أيضاً.
الالتزام
وحلل الباحثون عينات دم من 773 مشاركة في الدراسة القائمة على استخدام المنتجات المهبلية والتي تعطى عن طريق الفم للسيطرة على الوباء ووجدوا أن الالتزام بالدواء كان منخفضاً لدى جميع الفئات. فقد تم الكشف عن الدواء في 29 بالمائة من عينات الدم من النساء في المجموعة التي تتناول عقار التروفادا، و28 بالمائة من عينات دم المجموعة التي تتناول عقار التينوفوفير عن طريق الفم و23 بالمائة في صفوف اللواتي يستخدمن جل التينوفوفير. والأسوأ أن احتمال استخدام الفتيات العازبات لهذا العلاج الوقائي قبل التعرض للفيروس كان ضئيلاً جداً، على الرغم من أنهن أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية. وفي فئة التروفادا من الدراسة، تم الكشف عن مضادات للفيروسات القهقرية في عينات دم 21 بالمائة فقط من الفتيات الأصغر سناً، مقارنةً بـ 54 بالمائة من المتزوجات واللواتي يتجاوزن الـ 25 عاماً من العمر.
وقال شيرنجي لخدمة بلاس نيوز التابعة لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن معدل التزام بنسبة 80 بالمائة "سيعطي إشارة جيدة حول الحلول الناجحة".
غير أن نسبة الالتزام التي تم حسابها كانت 90 بالمائة، بناءً على ما قالته المشاركات في التجربة للباحثين وعلى كمية الجل والحبوب المتبقية كل شهر. ويقوم الباحثون في التجارب حالياً بتحليل النتائج لتحديد الأسباب وراء عدم قيام النساء باستخدام المنتجات.
وفي بيان للمدير التنفيذي لتحالف مناصرة لقاح الإيدز (AVAC، قال ميتشل وارن أن "الأدوات الطبية الحيوية لا تعمل في الفراغ، بل في الواقع المعقد لحياة النساء والفتيات. فالنساء المشاركات في الدراسة القائمة على استخدام المنتجات المهبلية والتي تعطى عن طريق الفم للسيطرة على الوباء وفي التجارب الأخرى حول الوقاية لديهن الكثير ليخبرن عنه. فعلينا الآن أن نستمع إليهن ونصمم خيارات الوقاية بناءً على فهم أفضل لاحتياجات ورغبات الصحة الإنجابية والجنسية لديهن، ولتصوراتهن حول خطر الإصابة بفيروس نقص المناعة، ومدى اهتمامهن باستخدام المنتجات المعروضة في تلك التجارب وقدرتهن على ذلك".