(صورة) طالبات يروين خفايا محاولات برلماني يمني التحرش بهن في الحديدة.. والنيابة تلاحق الضحايا
اتهمت طالبات جامعيات برلمانياً بالاعتداء والتحرش الجنسي بهن في سكن خيري يتبعه في محافظة الحديدة غرب اليمن.
جاء ذلك خلال جلسة استماع عقدتها ثلاث طالبات في مقر الهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات (هود) بصنعاء يوم الثلاثاء.
وقالت الطالبة انتصار مجهوص إن الشيخ علي أحمد الغبري اعتدى عليهن وحبسهن لثلاث ساعات في مؤسسته في شارع التحرير بالحديدة، و«تحرش بهن وساومهن مع ثلاث من زميلاتها على أنه سيوفر لهن شقة مفروشة أو في أي فندق عند موافقتهن على الخروج معه والحضوع لنزواته».
الطالبة التي توقفت عن الحديث في أكثر من مرة، لأنها شعرت بالقلق خاصة وأن الموضوع أخلاقي، وربما أنها من المرات الفريدة التي تعترف فيها فتيات عن تعرضهن للاعتداء والتحرش الجنسي في مجتمع محافظ.
السكن الذي تأسس قبل ثلاثة أعوام وتسكن فيه قرابة أربعين طالبة، أغلبهن من الفقراء اللاتي يقدمن للدراسة من مناطق بعيدة من الأرياف.
تقول أسماء الجزار إنه لا أحد يعلم بما يدور داخل السكن، وأنهن الوحيدات التي تحدثن عما يحدث في السكن من قبل المشرفة والشيخ علي الغبري، وأن الناس عرفوا الآن حقيقة السكن المزعوم بـ«الخيري».
مشرفة السكن وهدايا الشباب
وتقول انتصار «البداية كانت من عند مشرفة السكن التي كانت تتسلم من عدد من الأشخاص هدايا شخصية (قات، وبخور وغيرها)، وأنها ذات يوم طلبت منهن الخروج مع بعض الشباب، فـشكتهن المشرفة إلى الغبري (ممول السكن) الذي طلب منهن تنفيذ أوامر المشرفة».
وأضافت «بعدها بأيام اقتحم مرافق الغبري محمد عمر غرفهن، عندما كن بلباس منزلي (بدون بالطوا)»، حسب وصفهن، لكن تطور الأمر ليتفاجئن بالغبري نفسه يقتحم غرفهن دون استئذان وقام بأخذهن إلى مقر مؤسسته في شارع التحرير، كونه تاجر معروف، واحتجزهن في غرفة لثلاث ساعات، قبل أن يبدأ مساومتهن بالخروج معه، وأنه مستعد لتوفير شقة مفروشة لهن لقضاء الوقت معهن.
وأضافت أنهن «اضطررن إلى مغادرة السكن بعد تلك الحادثة، حيث سكنّ في غرفة في إحدى الفنادق بالمدينة».
الطالبات الثلاث، شيماء وأسماء الجزار، وانتصار مجهوص، هن الطالبات التي تجرأن عن الحديث في موضوع البرلماني الشيخ على الغبري وعن ممارساته في السكن الخيري الجامعي في الحديدة.
تقول شيماء إن رفيقتهن الرابعة من محافظة ريمه، لم تذكر اسمها، رفضت الحديث على وسائل الإعلام والحضور معهن إلى صنعاء، قام الغبري باقتحام غرفتها ومحاولة الاعتداء عليها، وأضافت أنها حضرت إلى غرفة رفيقتها حيث تفاجأت بوجود الغبري يحاول التحرش بزميلتها، وشاهدته وهو يرفع يده عليها لإيذائها، لكنه غادر الغرفة فور وصولها، أي «شيماء»، ووصفت بأنه كان ينظر لها بنظرات قاتلة، بسبب مجيئها لغرفة زميلتها.
وقالت إن زميلتها كانت تبكي مما تتعرض له من قبل الغبري، وأنها أسمعتها بعض من مكالمته معها التي تحتوي على الفاض بذيئة، حسب قولها.
ضربني وبكى
القصة لم تنته بعد فعلى الرغم من مغادرتهن سكن الغبري بعد محاولته التحرش بهن والاعتداء عليهن، تفاجئن بأن أمن بيت الفقيه احتجز أبائهن بعد بلاغ من الغبري، حيث أجبروا على التوقيع في أوراق لم يعرفوا ماذا تحتوي، وأنهن غادرن الحديدة خلسة في طريقهن إلى صنعاء «هرباً من بطش الشيخ الغبري وعصابته».
تقول انتصار «لم استطع أن أكمل دراستي وتركت المدينة ولم اختبر، كنت مخطوبة بعد الحادثة قام خطيبها بفسخ خطوبتها»، تضيف «لا يهمني كل شيء يهمني أن أعيش بكرامتي وبشرفي».
انتصار الطالبة الوحيدة التي أتت من قريتها لمواصلة تعليمها، وأنها يتمية بعد أن فقدت والدتها، كما أنها مسؤولة عن أربعة من إخوانها، لكن الغبري لم يسمح لها باستكمال حلمها في إتمام دراستها.
الأمن يطارد الضحايا
البحث الجنائي في الحديدة ونيابة الاستئناف رفضوا استقبال أي بلاغ بالحادثة من بداية القصة، تحت ذريعة أن الغبري يمتلك حصانة ولا يحق لهم مساءلته، وعندما قدمن البلاغ بمرافقه، ردوا بأن الحصانة له ولمن يتبعه، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل انهم قاموا بملاحقتهن وسجن المحامين والشهود في القضية، حسب ما أفدن في جلسة الاستماع.
الطالبات التي كن يناشدن الصحفيين الحاضرين، كونهن ليس لهن من يقف معهن، مستشهدات بأن ما تتعرض له تهامة لم يعد يقتصر على نهب الأراضي فقط وإنما وصل الأمر بانتهاك الأعراض في ظل ضعف الدولة والأجهزة الأمنية وتواطؤها مع المشايخ والشخصيات النافذة، والاستخفاف بأهالي المنطقة، والزج بهم في السجون الخاصة، وسجون أقسام الشرطة والنيابة.
وأضافت بلهجة تهامية «الفقير يندعس، والسلطة والتجارة يلعبوا دور في تلك الانتهاكات»، مشيرة إلى أن الأهالي في الحديدة لا يستطيعون تقديم أي شيء لهن، مؤكدة أنها اشتكت إلى العديد من الوجهاء والمشايخ، لكن لا مجيب.
كانت الطالبة انتصار وزميلاتها يكررن مناشدتهن للحضور أملا منهن أن يقفوا إلى جانبهن وأن لا يتخلوا عنهن كما حدث في أمن ونيابة بيت الفقيه.
وعند سؤالهن عن بقية زميلاتهن، رفضن الحديث بحجة أنهن لسن مسؤولات عن الغير، لكن أشرن إلى أن السكن يحتوي على 40 طالبة، البعض منهن ينجر لمطالب الغبري، والبعض لا يستطيع الحديث أو يرفض عما يدور في السكن، مؤكدات في الوقت ذاته أن المشرفة في السكن هي صاحبة الدور الأساسي في جرجرة الطالبات بعلاقات مع الشباب.
من جانبه حمل المحامي والناشط الحقوقي عبدالرحمن برمان وزير الداخلية المسؤولية عما يحدث للطالبات في سكن الغبري في الحديدة، وكذلك مسؤولي الأجهزة الأمنية في المحافظة، مؤكدا أن المنظمة ستعمل جاهدة لتحمل قضية الطالبات حتى يتم محاسبة كل من أساء لهن وتقديمه للعدالة، والوقوف معن وتحمل كافة المستلزمات والمصاريف التي يحتجن إليها خلال بقائهن في صنعاء.
وفيما يتعلق بحصانة الغبري، قال برمان «إن الحصانة لا تعني أبدا أن يتغاضى الأمن والنيابة عن جرائم أي شخص، وكان من المفترض أن يقوم بالتحقيق في الحادثة إبلاغ النائب العام الذي بدوره يقوم بإبلاغ مجلس النواب بسحب الحصانة إذا اقتضى الأمر».
المفاجأة في مؤتمر الحوار
قبل أن تعقد الطالبات الثلاث، انتصار مجهوص، وشيماء جابر جزار، وأسماء جابر جزار، جلسة الاستماع في مقر منظمة هود أمس الاثنين، ذهبن لتنفيذ وقفة احتجاجية في فندق موفنمبيك، مقر عقد مؤتمر الحوار، وفي لجنة الحقوق والحريات نفذ وقفتهن تفاجئن بإحدى أعضاء اللجنة تقف إلى جوارهن، بعد أن قالت إنها تعرضت في وقت سابق للتحرش الجنسي من قبل البرلماني على الغبري في الحديدة.
وأكدت عضوة المؤتمر أنها ذهبت لشراء بعض حاجاتها من الغبري، وبعد ان تركت المكان تفاجئت بالغبري يلحقها بسيارته، طالبا منها أن تصعد على السيارة، وعندما سألته رد عليها «بأنه سيذهب ليرتاح معها في أحد الفنادق».
اللجوء إلى وسائل الإعلام
نصح المحامي العام الطالبات، بعد أن تقدمن بشكوى له، بالتوجه إلى وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، كون الحكومة في هذا الوقت لا تستطيع أن تعمل شيئا، حسب قوله.
وقفة احتجاجية أمام منزل الرئيس
في نهاية جلسة الاستماع، تم الاتفاق على تنفيذ وقفة احتجاجية بعد عصر يوم الثلاثاء أمام منزل الرئيس عبدربه منصور هادي في صنعاء تضامنا مع الطالبات الثلاث، ومطالبة هادي محاسبة الغبري ومسؤولي الأجهزة الأمنية في الحديدة على تصرفاتهم في قضية الطالبات الثلاث، داعين الناشطين ووسائل الإعلام الحضور والتضامن حتى يتم إنصافهن وإعادتهن إلى أهلهن وكذلك حمايتهن.
«تهامة» المسالمة لا حامي لها
تهامة التي عرفت بسلمية وطيبة أهلها، أصبحوا بتلك الميزة فريسة سهلة لكل من هب ودب، سواء من مشايخ ونافذين في المنطقة الذين لم يراعوا إلا ولا ذمة، ولا قرابة، فقد تم السطو على أراضي المواطنين البسطاء ونهبت ممتلكاتهم، وتطور الأمر إلى انتهاك أعراضهم في مسمع ومرأى من الجميع، رئاسة وحكومة وبرلمان، وكيف يكون الحكم إذا كان القاضي هو الخصم، فهاهي الأجهزة الأمنية وتطارد الضحية، وتعتقل أهاليهم والشهود حول القضية، وتقف بكل وقاحة مع الجاني «القذر» كما وصفته الطالبة انتصار، فلمن إذا تكن الشكوى، هكذا اختتمت انتصار كلامها، وعيناها تتمالأ دمعا وحزنا، بعد ما حل بها مع زميلاتها.