اخبار الساعة

شرارة دماج ستشعل حرباً طائفية بغيضة

اخبار الساعة - حيدر الزيادي بتاريخ: 31-10-2013 | 11 سنوات مضت القراءات : (3299) قراءة

على مدى مئات السنين كان الشعب العراقي الشقيق متعدداً في عرقياته وطوائفه, وأبرزهما الطائفتين السنية والشيعية, ولم يشهد صراعاً وحرباً طائفية كتلك التي أشعل نارها المحتل الأمريكي وأدخل الأخوة في فوهة بركان من العداوة والبغضاء والتصفية المتبادلة التي مازالت نيرانها تشتعل كل يوم في أرض الرافدين وتحصد أرواح العشرات من الأبرياء, وقد قيل "العاقل من اتعظ بغيره".


ما شهدته وتشهده محافظة صعدة من توتر وتمترس وشد وجذب وقتال وحصار ليس أمراً سيئاً فحسب, بل هو نذير كارثة وشرارة نار قد تشتعل بسببها المواجهات في العديد من المناطق اليمنية, وستفتح الباب واسعاً للتدخل الخارجي المباشر أو غير المباشر من الشقيقتين السعودية وإيران الغنيتين بالنفط, واللتين تكرهان بعضهما جداً ولكنهما تنقلان معاركهما إلى الدول التي تضعف فيها الدولة, وتظهر فيها الانقسامات والتوترات, فقد أحرقتا سوريا وعززتا الانقسام في لبنان, وأضرتا بالسلم الأهلي في البحرين وستكون اليمن بوضعها الصعب ودولتها الهشة خاصرة رخوة وبيئة مثالية لكي تتقاتلا بأموالهما, والدماء التي تسيل وستسيل لا قدر الله للأسف هي يمنية.


فهل يوجد يمني حصيف وشريف يمكن أن يقبل بذلك؟                                                            

نقول للحوثيين إذا كانت إيران تدعمكم فاستفيدوا من ذلك في التنمية وليس في الدمار والخراب، ونقول للسلفيين إذا كانت السعودية تدعمكم فاستفيدوا ولكن لا تخربوا بلدكم, الأجنبي سيعطيكم المال ولكن لا يمكن لأحد أن يعطيكم وطناً فانتبهوا واحذروا. ويجب أن يعلم الجميع أن المال الأجنبي أبداً لم يفد اليمن بل أضر بها أشد ضرر وألحق بها أفدح الخسائر.



أقولها بصراحة إن الحوثيين والسلفيين ليسوا دعاة مدنية ولا دولة حديثة, فبمجرد أن تستمع لأحد الطرفين تجده يكفر ويلعن الطرف الآخر بأقبح الألفاظ والنعوت وكأنهم أشد أعداء الإسلام, وهذا التعصب والتطرف للأسف متشرب لدى أتباع الفريقين, ليس لديهم جميعاً سياسة القبول بالآخر والتعايش معه، وهذا يحتاج وقتاً وجهداً حتى تتغير القناعات والأفكار المتعصبة والمتطرفة.


وأحب أن أوجه اللوم في هذه الجزئية للحوثيين كونهم الطرف الأقوى في صعدة, ودماج مساحةً وسكاناً ليست إلا قطرة في بحر, فقد دوخونا بمظلوميتهم وإقصائهم وتهميشهم وفي أول فرصة لهم ظهروا بمظهر ينفر الجميع منهم. وجود دماج في صعدة وقبولهم بها وتعايشهم معها كان سيعطي انطباعاً عن وجه جديد وثقافة جديدة هم يحملونها وينشرونها, ممارساتهم أقلقت الجميع  بداءاً باستهداف من يخالفونهم الفكر والرأي والتضييق عليهم, ومنها منعهم من أداء بعض السنن في بعض المساجد, والتعامل القاسي والعنيف مع من يبدي الرفض والاحتجاج, قد يصبر الناس على أخذ حق من حقوقهم لكن محاربتهم في دينهم وفكرهم ومعتقدهم سيفجر فيهم ثورة غضب عارمة ليس بمقدور أحد تصورها.


الزيدية لم يكن هذا وجهها أبداً، فقد حكى القاضي العمراني قصته مع الإمام عندما اشتكى منه البعض أنه يدرس كتب الشوكاني (رحمه الله) في الجامع الكبير وهو من علماء الزيدية الكبار، وشغل منصب القضاء معاصراً أربعةً من الأئمة وقد مال في كثير من آرائه نحو رأي أئمة السنة فقال له الإمام "يا قاضي درسوا كتب الشوكاني وجنبها درسوا شرح الأزهار للإمام الهادي", هكذا كان التعايش فهل ما تقومون به هي رسالة محبة وتعايش مع أبناء اليمن الذين يشكل السنة منهم أكثر من الثلثين؟
أقسم بالله أنني في حياتي لم أحب التحدث بهذه اللهجة التي أبغضها من كل فلبي وأكره من يروج لها من أي جهة كان ولو كان أقرب الأقربين مني , ولكن هناك حقائق يجب أن تطرق حتى يستيقظ البعض ويعودوا إلى رشدهم.
أيضاً السلفيون في دماج يجب أن يدركوا وضعهم ويتعاملوا بذكاء وحنكة وحكمة ويتعلموا أسلوب التعايش, مع إخوانهم وجيرانهم الحوثيين, الشحن والخطب النارية والتحريض ليس من صالح أحد, هم أول المتضررين من هذا السلاح الذي لا يكاد يصل إلى الطرف الآخر إلا وسيعود إلى صدورهم.


الطرفان يدعوان للجهاد صدقوني هذا سخف وحمق وغباء لأن الجميع يقولون  "لا إله إلا الله محمد رسول الله" بل حتى الجهاد مع الأعداء له شروط وضوابط. الشعب اليمني لن يقبل أن يدمر نسيجه الاجتماعي وسلمه الأهلي تحت أي مبرر، من يريد أن يقاتل فصحراء الربع الخالي تتسع لهم ولا ردهم الله جميعاً خاصة من يريدون القلاقل والأزمات والحروب في اليمن من أي فريق أو طرف كانوا.


اليوم يجب أن تقوم الدولة بواجبها وتحمي أبناء صعدة كلهم سلفيين وحوثيين وتسيطر على نقاط التماس والخلاف وتستخدم كل إمكاناتها لردع الباغي والمعتدي أياً  كان، وعلى كل القوى الخيرة في الوطن أن تقف موقفاً وطنياً وتعمل على الصلح وحل الخلاف جذرياً ونهائياً وإزالة كل أسباب التوتر، وفي الختام لا أملك إلا أن أقول الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.

اقرأ ايضا: