من يتهمون الحكومة بالضعف ... هل حقاً يريدون حكومة قوية؟
في الفترة الأخيرة تعالت الأصوات المطالبة بإقالة حكومة الوفاق أو على الأقل تغيير بعض وزراء الوزارات السيادية مثل " الداخلية والمالية والدفاع والإعلام والكهرباء".
وهذه الهجمات المتنوعة المنابر والمناسبات تزامنت مع ارتفاع وتيرة عمليات التخريب والتفجير والاغتيال التي تشهدها اليمن مؤخراً، علماً بأن من يتبنى الهجوم على حكومة الوفاق ويحملها مسئولية الإنفلات الأمني هم التيار القريب من الرئيس السابق داخل المؤتمر الشعبي العام، إلى جانب القوى " الغير سعيدة" من المسار الذي آلت إليه التسوية السياسية مؤخراً.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل فعلاً يريد المطالبون بتغيير الحكومة الحالية حكومة أكثر قوة؟، والأهم هل من مصلحة بقايا النظام السابق وجود حكومة قوية في هذا الوقت الحرج من حياة اليمن واليمنيين؟.
ولعله من الوهلة الأولى التي تُقرأ فيها هذه التساؤلات يتبادر إلى الذهن قدر كبير من الشك في كون المخلوع وأعوانه والحوثيين ومن دار في فلكهم بريئين في اتهاماتهم للحكومة بالعجز والضعف، ومطالباتهم بتغييرها، كون سياق الأداء الحكومي وبالأخص فيما يتعلق بجانب الأمن والقوات المسلحة وكذا الإعلام والمال لم يعد يصب في مصلحة النظام السابق والمتضررون من التغيير الحاصل.
والمنطق يقول بأن الإنسان لا يبدي ألمه ويشكو إلا من الشيء الذي تسبب له بالألم، وقياساً على ذلك في عالم السياسة، لا يشكوا الخصوم إلا من الخصوم الآخرين الذي تسببوا لهم بأضرار بالغة، وفي الحالة اليمنية نؤكد وتؤكد الدلائل على أن وزير الداخلية والدفاع والإعلام والمالية لم يكونوا يوماً ضعفاء كما تدعي وسائل إعلام المخلوع والحوثيين وكذلك رموزهم، لكن هؤلاء الوزراء هم أكثر الوزراء الذين نجحو في قصقصة أجنحة بقايا نظام المخلوع في وزارتهم، بحيث قلصوا إلى حد لا بأس به من نفوذ عناصر النظام السابق في هذه الوزارات وبالتحديد في وزارتي الداخلية والدفاع.
في الوقت الذي نجح فيه وزير المالية في وقف الكثير والكثير من صفقات الفساد وسد العديد من الثغرات التي لطالما تسربت منها ثروات البلاد، في حين تبنت وزارة الإعلام خطاباً إعلامياً متماشياً مع حالة التغيير التي تعيشها اليمن، الأمر الذي لم يعجب الحالمين بعودة نظام الاستبداد والفساد.
وما يؤكد ذلك غياب أي إشارة من قبل تيار المخلوع وبالتحديد في مجلس النواب وفي وسائل الإعلام التابعة له للضعف الكبير والعجز الذي بدا عليه وزير النفط والثروات المعدنية مثلاً، فبحسب الواقع فإن أكثر معاناة المواطنين يرجع سببها إلى فشل وزير النفط في القيام بمهامه في وقف حالة الفوضى التي تسود البيئة النفطية في البلد.
وخلاصة القول أن بقايا النظام السابق ومن يدور في فلكهم غير راضين عن أداء الحكومة، ليس لكونها ضعيفة، وإنما لأنها كرست جهودها لمحاصرة نفوذ هذه القوى داخل المرافق السيادية في الدولة، وبالتحديد في وزارة الدفاع والداخلية، ومطالباتهم بتغيير هؤلاء الوزراء تهدف إلى استبدالهم بوزراء آخرين أخفف ضرراً على قوى الثورة المضادة من هؤلاء الحاليين,،،